IMLebanon

«القليعات» المنسيّة هي وقلعتها

لا يختلف واقع بلدة «القليعات» عن بقية بلدات وقرى محافظة عكار من حيث الخدمات والمشاريع. فهي منسيّة من الدولة وتحتاج إلى كل أشكال الاهتمام الرسمي.

القليعات التي نتحدث عنها هي نفسها بلدة «المطار العكاري» الذي اشتهر باسمها فصار «مطار القليعات» أو مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض، والمتروك حتى اليوم بلا تجهيز وتشغيل، وهي نفسها جارة البحر العكاري المتروك هو الآخر من دون أيّ شكل من أشكال الاستفادة.

لكنّ هناك في القليعات شيئاً إضافياً، إنه معلم سياحي وتاريخي شاهد على حقبات الزمن التي عاشتها هذه المنطقة، إنه قلعة «القليعات» التي يُقال إنها كانت حصناً صليبياً.

واقع القلعة

تتميّز هذه القلعة بمركز استراتيجي مهم يصل ما بين البحر والسهل الساحلي لمسافة بعيدة، يتّخذ مخطّطها شكلَ مربّع طول ضلعه نحو 65م يحيط بها من كل جهاتها خندق لحمايتها محفور جزئياً في الصخر بعرض من 8 إلى 10م، وبعمق 1،5 م.

ومع أنّ هذا الخندق مردوم ومدمّر جزئياً، فهو جلي للعيان، لا سيما لجهتي الشمال الشرقي والشمال الغربي. ويرتفع على كل زاوية من زواياها برج مربّع، منها برج الزاوية الذي لا يزال محفوظاً حتى قمته، ولكنه يبدو مرمَّماً، ربما لاستخدامه كبرج اتصالات، وهو في وضعه الراهن خالٍ من فتحات الرماية التي كانت سابقاً.

القلعة متروكة ومنسيّة وبفعل مرور الزمن والعوامل الطبيعية، فإنها تتعرض للإنهيارات وقد يصحو أهالي المنطقة يوماً ليجدوا أنّ «قلعة القليعات» لم تعد موجودة في بلدتهم.

محطة للزوار!

رئيس بلدية القليعات أحمد ابراهيم احمد يأمل من المسؤولين في الدولة اللبنانية لاسيما من وزارتي السياحة والثقافة ومديرية الآثار، «الاهتمام بهذه القلعة وترميمها وتحسين وضعها وأن تُدرَج ضمن الأماكن السياحية المعتمدة في البلد وأن تنظَّم الرحلات المختلفة إليها».

وقال: «ليتها تكون هناك لفتة طيّبة من الدولة لهذه القلعة لكي تصبح محطة لجميع الزوار أسوة ببقية المناطق. فهذه القلعة تاريخية قديمة تعود للعهد الصليبي وقد مرّت عليها حضارات كثيرة وهي شاهد على تنوّع وغنى طبيعة وأرض عكار الطيّبة، ومن المؤكد أنها ستكون عامل جذب وتنشيط سياحي وخدماتي في لبنان عموماً وفي عكار خصوصاً. ولذلك نطلب الاهتمام بها وتحسين واقعها».

أهالي البلدة

أما أهالي البلدة الذين التقيناهم خلال جولتنا في القليعات فكانت مطالبهم موحَّدة تقريباً: «إنهم يريدون من الدولة اللبنانية الاهتمام بمناطقهم وتنميتها وأن تأخذ القلعة حقها في الترميم والصيانة والإهتمام الرسمي لأنها معلم سياحي وتاريخي في منطقتهم ولا يجوز إهماله بهذا الشكل».

في لبنان أكثر من بلدة في أكثر من منطقة إسمها «القليعات». ويُقال إنّ «أصل التسمية عائدٌ لوجود القلاع في هذه المناطق. لكن في عُرف الدولة اللبنانية هذا الأمر لا يعني شيئاً ولا يشفع للبلدة وأهلها أنّ في بلدتهم قلعة، خصوصاً في منطقة نائية مثل عكار».

ليست «القليعات» وحدها في عكار البلدة التي فيها قلعة. فهناك قلعة في منجز، وفي عكار العتيقة، وفي الحويش وغيرها العديد من القرى والبلدات بالإضافة إلى معالم سياحية وأثرية بالجملة متروكة ومنسيّة وبعضها يندثر بفعل الإهمال لا لشيء إنما لأنّ الدولة التي تعتمد بشكل أساسي في اقتصادها على قطاع السياحة، قرّرت منذ نشأتها كدولة وكيان، أن تجعل عكار خارج دائرة الاهتمام الرسمي بكل آثارها وكنوزها الطبيعية والتاريخية.