IMLebanon

آخر رسائل الحريري الى عون!

في وقت لا يمكن التكهن بأيّ موعد لإنتخاب رئيس للجمهورية، تتلاحق المواقف من الإستحقاق على أكثر من مستوى. وبعدما استبعد «حزب الله» إجراء الإستحقاق قبل عام، يُردّد مقرّبون من العماد ميشال عون أنه صابر وينتظر المتغيرات التي تنقله الى بعبدا قبل أن يتلقى آخر رسائل الرئيس سعد الحريري. فما الذي جاء فيها؟

تُعزّز كلّ التطورات المتلاحقة على مستوى الإستحقاق الرئاسي أنه ليس هناك من بين اللبنانيين أو أيّ من المتعاطين بالملف اللبناني مَن يمكنه تحديد أيّ موعد لإنتخاب الرئيس، وأظهرت أشهر الشغور الطويلة التي ناهزت الأربعة والعشرين أنّ كلّ ما قيل بات على لائحة التندّر في بورصة الترشيحات من دون أيّ خطوة عملية تُوحي بصدق التنبّؤات وصوابها.

وعلى هذه الخلفيات، يشعر المتعاطون مع الإستحقاق الرئاسي بالملل من رتابة المشهد السياسي وخصوصاً عند النظر في أدق تطوراته وتفاصيله ويقرأونه بانقسام لافت وحاد بين حدّين متناقضين:

– الأول، يتولّد لدى فريق يشعر بمزيد من القلق المتنامي نتيجة طول الشغور ونتائجه الكارثية المترتبة على المؤسسات الدستورية والإدارية وصولاً الى الأمنية منها. عدا المخاوف التي تعاظمت جراء السوابق والأعراف الجديدة التي تكرّسها القوى التي عبّرت عن قدرتها على التعطيل من دون أيّ مواربة.

والثاني، بات آلية عمل متناغمة ومتكاملة يتباهى من خلالها أبطاله بتعطيل الإستحقاق وبتطيير النصاب القانوني في 37 جلسة انتخابية متتالية عقدت حتى اليوم. ويستغلون كلّ واحدة منها لتكون مناسبة لإطلاق الدعوة الى مزيد من التريّث والصبر لأنّ التطورات المقبلة في المنطقة ستقلب المقاييس لتفرز اللبنانيين بين رابح وخاسر.

فينتقل الرابح الى قصر بعبدا في ظروف ستشهد على استسلام معارضيه تحت وطأة قوة قاهرة وقادرة على حسم الأمور في الإتجاه الذي يرغب به هذا الفريق الذي ظهر انه يُمنّي النفس بذلك وفق سيناريوهات أكثريتها من نسج خيال خصب لم يظهر يوماً أنّ هناك مقومات تقود اليها، وخصوصاً عندما تستند هذه القراءات الى حسم التطوّرات في سوريا لفريق على آخر وأنه يمكن ترجمتها في لبنان.

وما بين الحدّين المنقسمين اللذين يسيران في خطين متوازيين، لا يمكن أن يلتقيا في أيّ نقطة ما، ترتفع حدة التشنّج على أكثر من مستوى وتتنقل المواجهات ما بين الساحتين الحكومية والنيابية وصولاً الى المؤسسات الدستورية التي تسلّل الشلل اليها والى مؤسسات إدارية بدأت تعيش انقساماً ما يُهدّد وقف العمل فيها.

وليس أدل على هذا القول ما تعيشه المديرية العامة لأمن الدولة وهيئة التفتيش المركزي على سبيل المثال لا الحصر. عدا عن الفشل في ترتيب مخرج لأيّ من الملفات البيئية والمعيشية المتعاظمة التي تتقدّمها أزمة النفايات وتترجمها ملفات الفساد التي تفتح بين يوم وآخر.

ولا تنتهي بملفات التعيينات العسكرية التي ستعود الى الواجهة قريباً ما لم يحسم الإستحقاق الرئاسي ويستعيد قصر بعبدا سيّده الذي يجمع ولا يفرق ويعيد بناء المؤسسات الدستورية لتنتظم العلاقة في ما بين هذه المؤسسات ولتطوى هذه الملفات العالقة المتوهجة نتيجة فقدان هذه المرجعية الصالحة.

وعلى هذه القواعد التي لن يحمل الجدل في شأنها أيّ جديد متوقع قريباً، برزت الإشارة الواضحة والبالغة في دقتها التي كشف عنها نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الذي أعطى مهلة إضافية للشغور تمتد الى عام على الأقل بحيث لا يمكن خلالها إجراء أيّ تغيير في الستاتيكو القائم وفتح الحديث الجدي عن الإستحقاق الرئاسي.

ومن هذه النقطة بالذات، وعلى وقع الحركة المحلية والإقليمية والدولية القائمة التي تتناول الإستحقاق الرئاسي في جوانب منه بلا جدوى، كشف النقاب عن رسالة وجّهها الرئيس سعد الحريري الى العماد ميشال عون مطلع الأسبوع الجاري يقول فيها ما معناه: «إنّ الرهان على المتغيّرات التي يكثر أصدقاؤه الحديث عنها ليس في محله على الإطلاق».

فأيّاً كانت الظروف التي يمكن أن تؤدّي اليها التطورات في المنطقة وسوريا تحديداً «لن تحمل أيّ تغيير في موقفه وموقف بعض حلفائه من انتخابه رئيساً للجمهورية».

وأنّ استمرار تكرارها الى حين تحويلها وكأنها من الثوابت التي لا نقاش فيها سيؤدي حتماً الى «لحظة من الإحباط الذي عانت منه شخصيات وفئات قبل ذلك عندما بنت خياراتها على فرضيات مستحيلة».

والى ذلك، فقد حملت الرسالة التي نقلت من الحريري مباشرة وعبر وسيط الى شخصية مقربة من العماد عون نصيحة «واضحة وبكلمات معدودة وصريحة» تؤكد «ضرورة وقف التبشير بهذه المتغيرات بأسرع وقت ممكن وإعادة النظر في الإستراتيجية المعتمدة».

ودعوة الى الإلتقاء في منتصف الطريق للعبور الى الإستحقاق لإنتخاب رئيس يجمع ولا يفرّق فتختصر طريق آلام الشعب اللبناني في زمن القيامة الموعودة على أمل أن تكون هذه القيامة قريبة للغاية.