IMLebanon

نهاد المشنوق بين «التسوية» و«الاستسلام»

بداية لا بُدّ لي ككاتبة أن أشير إلى إعجابي الشديد بكلمة معالي وزير الداخليّة نهاد المشنوق «صقر بيروت» من مؤتمره الصحافي بالأمس من طرابلس لبنان، وأن أشيد بدقّة اقتباساته القرآنية التى تجلّت قراءته فيها وتضميناتها واقع الثورة السورية اليوم، سواء عبر الآية الأولى (الم) وهي مفتاح سورة آل عمران، التي حوت عقله وإيمانه ووجدانه في أحرف ثلاث فقط «الم»، ولا أستطيع ككاتبة إلا أن أُشْهِرُ إعجابي الشديد هذه المقاربة الإقتباسيّة لآيتين من سورة آل عمران، الأولى }وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ  وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ{ [آل عمران/ 54]،  وهذه الآية استخدمها وزير الداخليّة بما يُناسب الحاليْن اللبناني والسوري أيضاً، وفي تفسير الآية، نثر شيوخ التفاسير أقلامهم وحبرهم، وتركوا لنا تاريخاً، يحكي عن الخالق سبحانه أنّه قال تعالى مخبرا عن [ملأ] بني إسرائيل فيما همّوا به من الفَتْكِ بالسيد المسيح عليه السلام، وإرادته به السوء والصلب، إذ تمالأوا عليه ووشوا به إلى ملك ذلك الزمان»…

وفي اقتباس نهاد المشنوق للنصّ القرآني الثاني نجدنا أمام «تسليم كامل لله تعالى، ولكن شرط هذا التسليم أن نكون مؤمنين، }وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{ [آل عمران/ 139] والمشنوق في اقتباسه «الأعلى» من الطمأنة الإلهيّة للمؤمنين الذين يشعرون بالوهن والحزن، هل يحقّ لي ككاتب أن أقول انّ كلمات نهاد المشنوق القرآنية هزّت نفوساً وأرواحاً كثيرة وأنا منهم…

واسمحوا لي ومن هذا الهامش أن أدعو معالي وزير الداخليّة نهاد المشنوق إلى الكتابة، ليست الكتابة السياسية ولا الصحافيّة بل الكتابة التي تعيد للمواطن اللبناني والعربي ثقته بربّه وبنبيّه وبنفسه، هذا أحوج ما نكون إليه في هذه المرحلة القاسية والساحقة لكلّ أمل…

النقطة الثالثة التي أختار التوقف عندها في كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق اليوم، هي تشديده «اننا مع الحوار ومع التسوية، لكن شرط ألا يكون الحوار مجرد وقت مستقطع بين اشتباكين او أن تكون التسوية اسما آخر للاستسلام وهذا لا يحقق للبلد إلا المزيد من القدرة للتطرف والمزيد من التراجع للاعتدال».

أمام هذه الوصفة المشنوقيّة التي تخرج لبنان من أزمته الكبرى، مهما بلغ سقف الأزمة والتعطيل ارتفاعاً لن  ينزل منخفضاً إلا على تسوية، وحسنا فعل المشنوق إذ استبق استخدام البعض لكلمة تسوية وهو يقصد الاستسلام، أخرجوا لبنان من هذا الاختناق واخرجوا إلى تسوية من خارج الأسماء الأربعة المطروحة وكفى الله لبنان شرّ المبادرات وشرور السلّة!