IMLebanon

فورة شعب لا ثورة أسعد ذبيان

قد لا تكون ثورة بكل ما للكلمة من معنى، بل فورة اجتماعية ربما تتحول ثورة اذا ما تراكم الاقبال على الحراك المدني واعلاء صوت الاعتراض النابع من وجع الناس، هؤلاء الذين نزلوا الى الساحة، لا تلبية لدعوة اسعد ذبيان او غيره من الناشطين، بل لانهم وجدوا في الدعوة فرصة لهم للتعبير عن قرفهم من تلك الطبقة السياسية الفاسدة والمستأثرة بالحكم منذ زمن الوصاية الى اليوم بقوانين انتخاب تحفظها من الزوال، بل تحفظ لها التوارث السياسي الذي صار عقيما في الكثير من المواقع.

لكن التعبير شيء، والشعارات شيء اخر، اذ ارتفعت اصوات داعية الى اسقاط النظام والحكومة، وحل مجلس النواب، كأنها تدفع، من غير ان تدري، الى فراغ كلي يقود حتما الى مؤتمر تأسيسي، والارجح الى فوضى عارمة لا تفيد احدا الا الزعران في هذه المرحلة الصعبة. لكن المطالب بدأت تتوضح وتصبح بعد ايام من انطلاق الحراك اكثر واقعية، مثل اجراء انتخابات نيابية وفق قانون عصري يسمح لمكونات المجتمع بالتعبير عن نفسها وايصال من يمثلها الى ساحة النجمة.

لكن ثمة متضررين من مجموعات سياسية واحزاب وطوائف، ومنزعجين من التهم التي طالت مسؤولي تلك الجماعات، بدأت، منذ اليوم الاول، تشكك في التحرك وابعاده واهدافه، حتى بلغ الامر بأحد الفنانين الى اعتبار الناشطين “عملاء لاسرائيل” او “موتورين حاقدين فاقدي الاخلاق”، ومنهم من اخرج من جعبة الناشط اسعد ذبيان اقاويل صبيانية نشرها عبر صفحته الفايسبوكية، تعبر عن حاله الرافضة كل شيء والثائرة على كل شيء. واذا كنت لا اوافق ذبيان في تعرضه المسيء الى قيمنا المسيحية ومعتقداتنا، واراها سخيفة، فاني ايضا لا اوافق الذين يسعون الى ضرب الحراك والاعتراض الشعبي لمجرد ان احد ناشطيه اخطأ واساء.

واستشهد هنا بما كتبه القاضي جورج عقيص امس واتبناه لانه يعبر عن كل واحد منا وفيه “بعد الحملة الغبية على اسعد ذبيان التي تثبت أمراض المجتمع التي نعاني منها، والانفصام الشديد الذي يعتري النفوس، أزداد اقتناعا ان مشكلتي الشخصية ليست مع السلطة بل مع الناس، وما السلطة الا مرآة واضحة تعكس صورة الشعب الذي كوّنها بالانتخاب.

لقد فات من نبش هلوسات هذا الرجل، ان الناس الذين ساروا في ساحة النجمة لم يمشوا وراء اسعد ذبيان بل وراء همومهم وأوجاعهم، وان اسقاط هذا الشاب دينياً او أخلاقياً، لن يؤدي الى اسقاط هموم الناس، بل سيزيد حنق الحياديين/ المسالمين/ المؤسساتيين أمثالي الذين سيفضلون رعونة شاب على رعونة سلطة لم تجد ما تسكت به صرخة الناس الا من خلال فضح “إلحاد” من تجرّأ على النزول الى شارع، للتحريض والتهويل عليه…لا يعنيني إيمان اسعد ذبيان، بل يعنيني فقط حسن مقاصده وهذا ما سأظلّ أراقبه…”