IMLebanon

إطلاق رصاص على بلدية طرابلس: هل بدأت مرحلة إسقاط المجلس البلدي؟

أربعة أشهر مرّت على انتخاب المجلس البلدي لمدينة طرابلس، وبدأ التشرذم يظهر بين مكوناته. من جهة، علامات استفهام عدّة يطرحها الأعضاء وبلدية الظل وجمعيات المجتمع المدني حول التقصير الإنمائي. ومن جهة أخرى، يثير انفتاح نجيب ميقاتي على رئيس البلدية ريبة أشرف ريفي ومن يدور في فلكه. في ظل هذه الأجواء، أتى إطلاق النار على المبنى البلدي أول من أمس

لو لم تكن البلاد مشغولة منذ بداية الأسبوع بالتطورات التي يشهدها ملفّ رئاسة الجمهورية، لكان الاستقبالان اللذان نُظِّما في مدينة طرابلس يومي الاثنين والثلاثاء قد خطفا الأنظار. الأول، هو الاستقبال الحاشد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في التبانة. أما الثاني، فتمثل بزيارة الرئيس نجيب ميقاتي لمبنى بلدية طرابلس، حيث قُدمت له التشريفات من قبل فرق الكشافة والمرشدات، وعقد لقاء مع 19 عضواً من المجلس البلدي برئاسة أحمد قمر الدين. تزامن الزيارتين أسهم في الحديث عن ترابط بينهما بهدف تطويق الحالة المحلية لوزير العدل المستقيل أشرف ريفي.

ساعات قليلة مرّت على مغادرة ميقاتي للمبنى الذي يقع في منطقة التلّ، حتى أطلق «مجهول»، عرّف عن نفسه لاحقاً باسم طلال شعبان، النار أمام مركز البلدية. ثم انتشرت له رسائل صوتية يُهدد فيها كلّاً من قمر الدين وعضو البلدية توفيق العتر. توجه شعبان إلى رئيس البلدية بالقول: «انت مفكر حالك رحت عا المكان الصح، بس بوعدك متل ما كبرناك منصغرك انت وأمثالك، ماشي؟ معك طلال شعبان. مشان تعرف انت رحت عا المكان الغلط والإيام بيناتنا يا جرثومة. واجريك بدي كسرن وايديك بدي قطشن، راسك بدي اقبعو عن جسمك. فهمت يا حزب اللات؟ بس يقول القائد بدنا نصغرك منصغرك وبس يقول بدنا نكبرك منكبرك. يا أحمد قمر بشار الأسد». أما في ما خص العتر، فقد اتهمه شعبان: «انت زلمي عميل. انت ما معك رْكاب توقف يا حبيب قلبي. كان غلطان اللواء (ريفي) لما حطك باللائحة يا عيب الشوم عليك. انت رسمالك بس تمضي وكالة وتعمل وكالات بيع. ومعك طلال شعبان».

التعابير التي استخدمها شعبان، استندت إليها مصادر سياسية في المدينة لإدانة من «يريد أن يقول إن الأمر له»، موحية بأن «المسؤولية يتحملها أشرف ريفي»، خاصة أن شعبان ذكره مرتين. علماً أن ريفي اتصل بقمر الدين ليل الثلاثاء، مُحذراً من وجود «طابور خامس يعمل على زرع الفتنة» في طرابلس.

ستستقيل البلدية في اللحظة نفسها التي يُعلن فيها قمر الدين موقفاً صريحاً مؤيداً لميقاتي

بعد أربعة أشهر على الانتخابات البلدية، «لم يكن أحد يتوقع أن تفشل بهذه السرعة»، تقول المصادر السياسية. «النقمة على البلدية تزداد لأنها غير قادرة على القيام بأي مشاريع». التململ في الشارع له ارتدادات أيضاً داخل المجلس البلدي، حيث بدأت ترتفع أصوات معترضة على طريقة العمل بين الأعضاء أنفسهم. أما التوتر الأهم، فهو في علاقة ريفي بمرشحه إلى رئاسة البلدية، قمر الدين، إلى حدّ بدأت تنتشر أخبار عن أنّ «ميقاتي قادر على إعادة استقطاب كل الأعضاء الذين حردوا منه سابقاً، ساعة يريد». وما استقبال ميقاتي في البلدية سوى «هزّ عصا لريفي».

لا تُنكر مصادر مقربة من ميقاتي أنّ «إطلاق النار هو رسالة واضحة. هناك أشخاص معتادون فرضَ جوٍّ معين في مرحلة ما، يحاولون استعادته حالياً. يفكرون أنهم قادرون على تطويع الناس، كما حاولوا مثلاً إزالة صورة عضو البلدية أحمد حمزة الباشا من القبة لرفع صورة لريفي مكانها». إلا أنها تتحفظ عن القول إنّ البلدية بدأت إعادة تموضعها السياسي، لأن «ريفي لم يُرشح لائحة بل تبناها. أراد توظيفها في السياسة بشكل كامل، الأمر الذي لا يرضي عدداً من مكونات البلدية. في حين أن ميقاتي اعتبر أن معركة البلدية أصبحت وراءنا وأن واجبنا أن نكون إلى جانبها في أي مساعدة تحتاج لها».

مقابل من يربط بين فشل البلدية في الإنماء وارتفاع النقمة عليها وبدء التراجع السياسي لريفي، هناك جوّ آخر تُعبّر عنه مصادر محلية لا تلتقي مع أي من الطرفين (ميقاتي وريفي). لا توافق المصادر على الكلام السابق، «فإذا أعيد إجراء الانتخابات، لن تتغير النتيجة كثيراً. ريفي هو الذي سيفرض على القوى السياسية تحالفات هم بغنىً عنها». تضع التقارب والتنسيق بين ميقاتي وقمر الدين في إطار رغبة الأخير في أن «يمشّي مشاريعه. عقليته تسووية تقوم على تدوير الزوايا». إلا أنّ ذلك «لا يسمح لميقاتي بفرض سيطرته، لأنه أولاً لا يمون 100% على العدد الكافي من الأعضاء. وثانياً، ستستقيل البلدية في اللحظة نفسها التي يُعلن فيها قمر الدين موقفاً صريحاً مؤيداً لميقاتي». لا يأتي هذا الكلام من فراغ. ففي المدينة معلومات تتحدث عن إمكانية حصول سيناريو من اثنين: الأول، استقالة البلدية «وهو أمر سهل بما أنّ هناك 12 عضواً جاهزين لتقديم استقالتهم». السبب هو اعتبار الأعضاء المعترضين، كما تنقل المصادر، أنّ «البلدية مشلولة ويجب الاحتكام إلى الناس مجدداً». ولكن دون هذا المطلب عائق «غياب الظرف السياسي المواتي للإقدام على هذه الخطوة». أما السيناريو الثاني، فهو «دفع قمر الدين إلى الاستقالة وانتخاب خالد تدمري الذي نال أعلى عدد من الأصوات رئيساً». تبدو المصادر متشائمة، وهي تقول: «إطلاق الرصاص هو الرسالة ما قبل الأخيرة، قبل انفراط عقد البلدية».