IMLebanon

الستّين لن يمرّ… ما هو البديل؟

في مقالي اول امس الاثنين، بعنوان «قنبلة جنبلاط… جاهزة للاستعمال»، توقعت ان يترك انسحاب النائب وليد جنبلاط من توافقه مع تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية، تداعيات سياسية خطيرة، قد تتحوّل الى كرة نار طائفية ومذهبية ملتهبة، اذا لم يتم تداركها بأسرع وقت ممكن، وقد اكّدت الاخبار والتعليقات التي صدرت امس، متانة هذه التوقعات وواقعيتها، خصوصاً بعد المواقف التي صدرت عن جنبلاط ومصادره، والردّ عليها من قبل حزب القوات، وما اكّده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امام سفراء الدول العربية والاجنبية امس، ان «ارادته» هي بقانون انتخابات جديد وفق النظام النسبي يضمن صحة التمثيل لجميع المكوّنات، وكان لافتاً قوله، انه اذا خسر البعض عدداً من المقاعد، فان لبنان يربح الأمان والاستقرار.

قبل التوسّع ببعض التفاصيل حول ما سبق، لا بدّ من تذكير اللبنانيين، وبعض السياسيين، الذين جلسوا الى مائدة النظام السوري، وأكلوا من معجنه طول مدة 15 سنة، وتقاسموا حقوق المغضوب عليهم من النظام الأمني اللبناني – السوري، وفي مقدّمهم الاكثرية الساحقة من المسيحيين، واستمرّوا على هذه الحالة، بعد الانسحاب السوري، لا بدّ من تذكير هؤلاء، ان قوانين الانتخابات النيابية، كانت تنزل عليهم كالكلام المقدّس، ولا يتجرّأ احد على النقاش والرفض سوى المضطهدّين المغضوب عليهم، الذين كانوا يدفعون ثمن مواقفهم، السجن والتعذيب والقتل والنفي، على مرأى ومسمع وربما مباركة هؤلاء الذين يمننون المسيحيين اليوم بالمقاعد الانتخابية التي «اعطيت» لهم في انتخابات العامين 2005 و2009 تنازلاً منهم.

هذه مواقف، لا تبني دولة، ولا تبني عيشاً مشتركاً قائماً على احترام الآخر، واحترام حقوقه، الاّ اذا كانت هناك حسابات اخرى يجري الهمس بها، ولا تقال على العلن، بأن اتفاق الطائف اعطى المسيحيين اكثر مما يستحق عددهم، ومن خسر الحرب، لا يحق له فرض شروطه وارادته.

هذا الكلام، محترم ومقدّر، بشرط ان يقال على رؤوس الاشهاد، وليس في الكواليس والغرف المغلقة، وعلى المسيحيين عندها الرضوخ لهذا المنطق، ولو كان مخالفاً للدستور، او الرفض، واللجوء الى حق كرّسته الشرائع الدولية هو حق تقرير المصير بنظام مختلف.

* * * * *

ان المسيحيين الحريصين على احترام خصوصية شركائهم في الوطن، ينتظرون من الشركاء ان يبادلونهم بالمثل، لا ان يتم «علك» البحث والتفتيش عن قانون جديد، طول ثماني سنوات، ويتم التوافق على صيغ معيّنة تنهار فجأة قبل اشهر قليلة من موعد الاستحقاق النيابي، وهذا أمر لا يمكن لأي قيادي مسيحي او حزب مسيحي ان يسلّم به، وكان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع واضحاً تماماً بهذا الخصوص عندما أكّد ان احترام الخصوصية الدرزية لا يعني القبول بقانون الستين، وهذا الرفض «المدوزن» يحمل في طيّاته دعوة للشركاء في الوطن للبحث الجدّي عن صيغة تحفظ حقوق الجميع وصحة التمثيل، ويشاركه في هذا الموقف التيّار الوطني الحر وحزب الكتائب وحزب الطاشناق والاحزاب الاخرى، كما ان اصرار الرئيس عون على انجاز قانون جديد وفق النظام السنبي، لا تراجع عنه وفق اوساط مطّلعة، حتى ولو اضطر الى عدم مراعاة ما اصطلح على تسميته بالديموقراطية التوافقية، والذهاب الى تطبيق نصوص الدستور، اغلبية الثلثين في مجلس الوزراء، والنصف زائداً واحداً في مجلس النواب، لأنه بخلاف ذلك والقبول بالستين، سيحكم على عهده بالوهن والاستسلام منذ بدايته.

كثر توقفوا عند مواقف لاوساط مسيحية مقرّبة من معراب، نشرتها امس «الديار» تقول فيها في رسالة حاسمة لمن يعنيه الأمر، «لا تلومنّ سمير جعجع على الموقف الذي قد يتخذه (يعلن اليوم الساعة الواحدة) اذا تم الخروج من المشروع المختلط»، ونبّهت الى ان جنبلاط سيتحمّل مسؤولية التداعيات التي يرتّبها تمسكه بالاعتراض على كل نماذج النسبية.

البعض فسّر كلام هذه الاوساط بأن جعجع قد يذهب مع التيار الوطني الحر، الى اعتماد النظام النسبي كاملاً، وفق المحافظات او على مستوى لبنان دائرة انتخابية واحدة، او العودة الى احياء الطرح الارثوذكسي.

على ايّ حال، كلّها ساعات قليلة، ويكشف رئيس حزب القوات اللبنانية عن موقفه في اطلالته اليوم.