IMLebanon

دولة الرئيس نبيه بري بين دولة الحرمان والحرمان من الدولة

 دولة الرئيس نبيه بري زعيم انتفاضة ٦ شباط ١٩٨٤، إنها الذكرى الثانية والثلاثين لذلك اليوم الذي كنّا نتشارك فيه الكثير من الخصائص والمواصفات والتجارب الشخصية والعامة التي جعلتنا نؤيدك في ذلك اليوم ونراهن عليك، لأنّ ما كنت تعرفه عن الدولة والمجتمع اللبناني كان يتماهى مع ما كنّا نعرفه، وكان لدينا موقف واحد من دولة الحرمان. يومها كان جمهور الأحزاب التقليديّة في حالة يُتمٍ حقيقي من الرعاية المحلية والخارجية، وكان الأميركي على شواطىء الأوزاعي وغادرها في ٦ شباط، وكان المحتلّ الاسرائيلي قد أعاد تموضعه داخل الخطوط الحمراء التي كانت قد رُسِمت مع الدخول السوري الى لبنان، استعداداً لبقاء الاحتلال سنوات طوال.

دولة الرئيس، إنّ المجتمع العاقل يصنع الأسئلة بشكل دائم للحفاظ على وظيفة العقل في إدارة احتياجات التطور الدائم للمجتمعات. وعندما ينعدم السؤال عند العاقل تتراكم الضرورات عند العامة، ممّا يؤدّي الى التسطح والجمود، أي أن الضرورات العامة أصبحت تفوق قدرة النخبة على الاستجابة والتكيّف مع حاجات المجتمع. ولقد كان مصطلح الحرمان اختصاراً عبقرياً لأزمة الدولة ومجتمعها. وقد استطاع ذلك العقل النيِّر للإمام المؤسس لفكرة الحرمان أن يتجاوز بيئة الدعوة الضيقة، وذلك في التأكيد على أنّ الحرمان مناطقيّ وليس طائفيّاً، كي لا تواجَه فكرة الحرمان بالصدّ من قبل الطوائف المتمكّنة من دولة الحرمان، تلك الطوائف التي تناوبت على اغتصاب الدولة والتسلط عليها، كلّ الطوائف وبدون استثناء.

دولة الرئيس، كثيرة هي الأسئلة التي بات من الضروري أن تجيبنا عليها، إذ أَنَّكُم أوّل اختراق حقيقي للنظام اللبناني، أمّا الإختراق الثاني فقد اغتيل في ١٤شباط. والنظام كان قد استوعب العديد من النخب غير المبشّرة بالسلطة بحكم المنشأ، وقد تولّى هؤلاء رئاسات ووزارات دون أن يصبحوا في صلب النظام لأنّهم جميعاً جاؤوا لتلبية احتياجات شكليّة أو تكنوقراطية أو ظرفية قاهرة وعابرة، بينما دخولكم جاء تغييريّاً حقيقياً، وهذا ما أسّست له مشاركتكم في مشهدية جنيف ولوزان مع أركان النظام اللبناني. وقد كان ذلك حدثاً استثنائيّاً في بنية النظام يوم اخترق الحرمان دولة الحرمان.

دولة الأستاذ، كيف تتذكر الآن جنيف ولوزان؟ وكيف نظرت أوّل مرّة الى الرئيس كميل شمعون والرئيس سليمان فرنجية والشيخ بيار الجميل والرئيس أمين الجميل والرئيس عادل عسيران والرئيس رشيد كرامي والرئيس صائب سلام، بينما كان الأستاذ وليد جنبلاط يلتقط الصور التذكارية؟ وماذا عن الوفدين السعودي والسوري ؟ إنّها لحظة تستحق إعادة التوثيق، وهي حقّ للأجيال القادمة التي لم نترك لها سوى فشلنا وخيباتنا الحزبية والأيديولوجية، القومية واليسارية واليمينيّة، في حين نجح الحرمان في اختراق النظام.

دولة الأستاذ نبيه، نعرف أنّك لم تستطع التغيير في واقع النظام الطوائفيّ، لأنّه في حالة مدّ وجزر دائمة، فهو نظام مائيّ شبه اسفنجيّ دائم الحركة وكثير الأسماك التي يأكل كبيرها الصغير. كذلك هي الطوائف في لبنان يأكل فيها الكبار الصغار. وهكذا يجدّد نفسه النظام، ينكمش ويتجوّف وينتفخ ثمّ يسترخي بين الانكماش والانتفاخ. ذلك هو نظام الطوائف في لبنان.

دولة الرئيس، قبل اثنين وثلاثين عاماً، في ٦ شباط ١٩٨٤، فتحت لكم بيروت قلبها وذراعيها، ووقف معظم اللبنانيّين الى جانبكم بانتفاضتكم على دولة الحرمان، فهل ستلبّون في ٦ شباط ٢٠١٦ رغبة غالبية اللبنانيّين في الانتفاض على الحرمان من الدولة؟