IMLebanon

طهران مستعدة لإحتمالي إقرار النووي أو سقوطه

خرجت الاوساط التي واكبت زيارة وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف الاخيرة للبنان بمعطيات وانطباعات تفيد انّ مصير الأزمة اللبنانية وبقية الازمات في المنطقة، يتوقّف على ما سيكون عليه مصير الاتفاق النووي المعقود بين ايران والدول الغربية في الكونغرس الاميركي.

يقول قطب سياسي تسنّى له الاطّلاع على أجواء محادثات ظريف في بيروت إنّ الجمهورية الاسلامية الايرانية تتعاطى بحذر مع ما يجري في الكونغرس حول الاتفاق النووي، وهي أعدّت العدة اللازمة لمواجهة احتمالي إقرار هذا الاتفاق او إسقاطه، ولكنها مقتنعة بأنّ الرئيس الاميركي باراك اوباما يتمسّك به بشدة ويرغب ان يتخذ الكونغرس موقفاً مؤيداً له.

ويضيف هذا القطب انّ ايران تتابع السعي الاسرائيلي الى تأمين تصويت اكثرية الثلثين ضد الاتفاق النووي في الكونغرس حيث عندها لا يمكن الرئيس الاميركي ان يمارس حق النقض «الفيتو» لإسقاط القرار، امّا في حال صَوّت الكونغرس بالأكثرية المُطلقة عليه فيمكن لأوباما عندها ان يستخدم «الفيتو» وينقذ الاتفاق من السقوط.

وفي موضوع الازمات الاقليمية تبيّن من أجواء محادثات ظريف انّ بلاده تعتبر الاتفاق النووي إنجازاً تاريخياً واستراتيجياً لمصلحة كل دول المنطقة التي سيكون في إمكانها الاستفادة من التجربة النووية الايرانية في كل المجالات، وقد شدّد ظريف أمام محدّثيه على أنّ إيران تنشد إقامة افضل العلاقات مع جيرانها دول الخليج، وستستمر في هذا النهج.

وتؤكد اوساط سياسية واكَبت زيارة ظريف انّ طهران لا تعتريها ايّ مخاوف على مستقبلها في حال سقوط الاتفاق النووي، على رغم انّ البعض يخشى من عودة اسرائيل وغيرها من الدول الإقليمية والغربية الى سياسة التهديد والوعيد ضدها، وانها في هذه الحال ستستمر في برنامجها النووي كالمعتاد، إلّا انّ القيادة الايرانية لا تعتقد انّ للادارة الاميركية وحليفاتها مصلحة في استمرار العداء ضد إيران لِما يشكّل ذلك من خطر على مصالحها الاقليمية والدولية.

ورشح من المحادثات ايضاً انّ ايران لا تربط بين الأزمتين السورية واليمنية، وذلك خلافاً لبعض الجهات المعنية التي تتحدث عن وجوب ان يكون هناك تلازم وترابط في الحلول لهاتين الازمتين، على قاعدة ان يكون للمملكة العربية السعودية «اليد الطولى» في الحلّ اليمني على ان تقدّم في المقابل تنازلات في موقفها من الأزمة السورية تسهّل الحل السوري.

وفي هذا السياق كشفت الاوساط نفسها عن انّ وزير الخارجية الاميركي جون كيري طرح في اجتماعه مع نظرائه وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة، أخيراً، مشروع حلّ للأزمة السورية توافقت عليه واشنطن والرياض، ويقضي بمرحلة انتقالية يتنحّى خلالها الرئيس بشار الاسد عن السلطة. ولكن روسيا وايران رفضتا هذا الحلّ مشددتين على ان وجود الأسد ضروري لإنجاز ايّ حل للأزمة السورية، ومن دونه يعني انّ «داعش» وأخواتها هي من سيحكم سوريا بموجب أيّ حل.

وأشارت هذه الاوساط الى انّ زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الأخيرة لموسكو كانت الغاية منها إظهار وجود الخلاف على الحلّ السوري بين واشنطن والرياض من جهة وموسكو وطهران من جهة ثانية، وقد تبلّغ رئيس الديبلوماسية السعودية من موسكو معارضة صارمة لتنحّي الاسد.

وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي اللبناني رَشح للأوساط نفسها انّ ظريف شدّد أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام على انّ بلاده تعتبر هذا الأمر شأناً داخلياً ما تدخّلت فيه سابقاً ولن تتدخل فيه اليوم، وانها تؤيّد ما يتفق عليه اللبنانيون في هذا المجال، علماً انّ هذا الاستحقاق لم يؤتَ على ذكره خلال لقاء ظريف مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

وقد لفتت الاوساط نفسها الى انّ ظريف كرّسَ هذا الموقف الايراني بعدم اجتماعه بأيّ شخصية سياسية لبنانية مرشّحة لرئاسة الجمهورية، بدليل انه لم يلتق رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون حليف حزب الله وكل محور «المقاومة والممانعة».

وتقول الاوساط انّ الكلمة في هذه المرحلة اقليمياً ستكون الكلمة فيها للميادين في انتظار تبلور مصير الاتفاق النووي في الكونغرس الاميركي، فالموافقة على هذا الاتفاق ستفتح الباب لتنفيذه لأنّ جميع الدول التي وقّعته تنتظر الموقف الاميركي لكي تُبرمه ويبدأ عندها رفع العقوبات عن ايران حسبما يقضي قرار مجلس الامن الدولي الاخير الذي ألغى هذه العقوبات. وكذلك يبدأ البحث في حلول لأزمات المنطقة. امّا في حال سقوط هذا الاتفاق فإنّ المنطقة ستكون برمّتها امام احتمالات شتى.

وفي انتظار ذلك تبدو الازمة اليمنية ماضية الى مزيد من التصعيد، وكذلك بالنسبة الى الأزمتين السورية والعراقية، وفي هذه الحال ستبقى أزمة لبنان مراوحة في الجمود.