IMLebanon

الجيش اللبناني يعمل تحت سقف البيان الوزاري والـ1701

فجأة وبسحر حزب الله انحرف المشهد السياسي الداخلي جنوبا ، في محاولة رسمية لاحتواء تداعيات جولة حزب الله الحدودية في لحظة حساسة بحسب رزنامة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، اذ جاء رد فعل الدولة سريعاً شكلا ومضمونا وتوقيتا، في محاولة لتطرية الاجواء عشية الرسائل التي تطايرت من عوكر في كل الاتجاهات الداخلية وصولا الى امتداداتها الاقليمية والدولية حيث حل الحزب طبقا اساسيا في مداخلتي المندوبين الاميركي والاسرائيلي في مجلس الامن، الذي استفزت الحارة قراره ال 1701 قصدا .

اكيد ان خطوة الحزب تبقى لغاية في نفسه، يجتهد الكثيرون في تفسيرها وفكفكة رموزها، في زمن المحاولات الاسرائيلية لتغيير قواعد اللعبة عبر مواجهة الحزب في سوريا، والتي تبين المتابعة ان الاخير قرر العودة الى قواعد اللعبة الاساسية، بعدما اراحته سياسة المصالحات على الجبهة اللبنانية – السورية برعاية قطرية – ايرانية، في بعد اراد من خلاله اظهار ان اي انسحاب من سوريا ستفرضه التسويات السياسية الدولية لن يؤثر قيد انملة في المقاومة ودورها في لبنان، كما ان ارتفاع منسوب الهجمة الاميركية – الخليجية ضده لن يؤثر في حاضنته الشعبية.

غير ان تركيبة وفد «الدولة» التي حملت رسالة قوية للخارج قبل الداخل، بعد اتصالات داخلية ودولية شهدتها طوال ساعات الخميس، والتي انتهت الى ضرورة تحييد الدولة اللبنانية ومؤسساتها عن اي استهداف ايا كان نوعه ومن اي جهة كانت، اعادت تاكيد التزام الدولة اللبنانية بموجبات القرارات الدولية، خصوصا جنوبا، لما يحمله ذلك من حساسية بالنسبة لعواصم القرار الدولية، علما ان تقارير عديدة رفعتها القيادة الامنية لقوات اليونيفيل حسب معلوماتها تحدثت عن عودة الظهور المسلح منذ شهرين على تخوم الخط الازرق  وقد تمت يومذاك مراجعة الطرف اللبناني الذي كان يبادر الى تحريك دوريات عسكرية الى النقاط المذكورة.

واذا كان المقصود بحسب بعض المصادر ان زيارة وفد الحارة موجه الى اسرائيل والامم المتحدة، للقول «نحن هنا» بعد سلسلة التسريبات والتكهنات عن حرب من هنا ومناورات من هناك، ليسجل الحزب اول «تحد» منذ توقف العمليات العدائية بموجب القرار الدولي بعد حرب تموز 2006، والتي حملت في شقها العملي – التقني دلالة واضحة على ان الحزب موجود على الارض ويتابع التطورات الميدانية عند الخط الازرق لحظة بلحظة، راصدا كل التحركات والتغييرات الطارئة على طول الجبهة الشمالية، مقدما شرحا وافيا مبنيا على معلومات استخباراتية دقيقة، دون ان تسطيع الجهات المعنية رصد اي دلائل حسية على هذا الوجود العسكري.

من جهتها رأت مصادر دبلوماسية في بيروت ان حزب الله اخطأ في توقيت رده الذي تزامن مع الزيارة، وان كانت سريعة الا انها تشكل أهمية كبيرة، لوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الذي وصل الخميس الى اسرائيل، بعد زيارته الى السعودية ومصر، وكشف دمشق عن خطة يجري اعدادها لدخول قوات اردنية الى الجنوب السوري، فيما اشارت المصادر الاسرائيلية الى ان ايران و«اذرعها»، خصوصا حزب الله والحرس الثوري ودورهما في هز الاستقرار العالمي ودعم الارهاب، احتلت صدارة المباحثات في ضوء التعاون والتنسيق القائم مع «الحلفاء»، في لحظة مصيرية تؤكد الانعطافة الحادة والقاطعة بخصوص الاتفاق النووي بين الغرب وايران. علما ان منظومة العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة تبدو في ذروة لا سابق لها، حيث ترغب تل أبيب في رؤية هذه القوة العظمى فعالة بكل ما يتعلق بالتأثير في ما يسمونه بـ «المنظمات الارهابية» على حدودها ، مع التشديد على «الحرس الثوري» وتأثيره في حزب الله، بالإضافة الى تطوير برنامج الصواريخ الايراني وتهريب الوسائل القتالية.

لا شك في ان خطوة حزب الله تزامنت مع حملة واضحة تشنها وسائل اعلامية مقربة من الحزب ضد زيارات المسؤولين الامنيين والعسكريين الاميركيين والغربيين العرب الى لبنان، غامزة من قناة البعض في الداخل وهو ما دفع بقيادة قوات الطوارئ الى مراسلة القيادة العسكرية اللبنانية طالبة الاستعلام عن الظهور المسلح الذي شهدته منطقة جنوب الليطاني.

في جوهر الرسائل لا تعارض، فلا المقاومة هي من يخرق القرار الدولي، ولا الحكومة في صدد التخلي عن المقاومة المدرج دورها في صلب البيان الوزاري، فالدولة اللبنانية نجحت في اثبات وجودها وتأكيد امساكها بالقرار ولو شكلا، الا ان توقيتها جاء في غير محله، في لحظة يبدي فيه الثنائي الشيعي «امتعاضا» من التعيينات الامنية والعسكرية، بعدما انقلب البعض على تعهداتهم، ومحاولتهم تقليم اظافر الثنائي في بعض المراكز مقابل محاولات «التطهير» الكامل في مواقع اخرى، عبر كسر شوكة الارادة الشيعية لاول مرة والانتفاض على مطالب وحقوق الثنائي التي ثبتها اتفاق الدوحة بعد حرب السابع من ايار.