IMLebanon

الثورة آتية لا ريب

كما توقّع اللبنانيون من كافة الاتجاهات السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية، فشلت طاولة الحوار الوطني في التقدّم ولو خطوة واحدة على طريق الاتفاق على قانون إنتخابي جديد، كما فشلت في الاتفاق على إنتخاب رئيس جمهورية رغم نصائح معظم الدول التي يهمّها أمر هذا البلد وأمنه واستقراره وانتظام مؤسساته الدستورية واكتفى كلّ من أقطاب الطاولة بعرض وجهة نظره إلى القانون الذي يؤمّن له حصة وازنة في المجلس النيابي، وبمعنى أكثر وضوحاً إكتفى كل قطب بشدّ البساط الانتخابي في اتجاهه ومن أجل أن يؤمّن له المكاسب الانتخابية التي تضمن المحافظة على زعامته في منطقة نفوذه، على حساب مصالح الشعب المعتّر الذي ما زال مع الأسف الشديد يتبع هذه الزعامات، ويوفّر لها الغطاء لكي تمتصّ دمه، وتقضي على مستقبل أولاده وأحفاده وأحفاد أحفاده، كما هو واقع الحال الذي أوصلوهم إليه هؤلاء القادة والزعماء والذي بلغ حتى الآن مرحلة من السوء لا يوجد شبيه لها حتى في أكثر الدول تخلّفاً، فأصبح تصنيف هذا البلد في الدرجة الـ138 كدولة غارقة في الفساد من أصل حوالى 180 دولة في العالم.

ورغم هذا الفشل في الوصول إلى الاتفاق على قانون جديد للانتخابات ما زال هؤلاء القادة يتربّعون على عروشهم ويواصلون امتصاص دماء اللبنانيين كافة تحت عناوين وشعارات لا تمتّ بصلة إلى الحقيقة ولا إلى مصالح هذا الشعب المعدم، فهل يستمر اللبنانيون في التغطية على هؤلاء الذين يعيثون في الأرض فساداً ولا يوفّرون أي فرص للشعب المقهور لكي يعبّر عن نفسه في الانتخابات النيابية أو في سواها من الوسائل الديمقراطية، أم ينتفض في ثورة سلمية عارمة لإسقاط هؤلاء وهدم الهيكل على رؤوسهم، والتعاون في ما بينهم لإعادة بناء دولة ديمقراطية حديثة لا مكان فيها لهذه الطبقة التي أفسدت كل شيء ولم توفّر أحداً من فسادها.

لا شك أن الشعب اللبناني كفر بهذه الطبقة وبات مدركاً أن بقاءها بات يشكّل خطراً محدقاً على مصيره وعلى مستقبله ومستقبل أولاده وأحفاده وأحفاد أحفاده، وقد دلّت نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية على وعيه وإدراكه لهذا الواقع وإصراره على رفضه، وتلك كانت البداية التي يجب أن تتبعها حركة شعبية يقوم بها المجتمع المدني في كل المناطق اللبنانية لإسقاط هذه الطبقة الفاسدة، وإعادة بناء ما تهدّم على أسس سليمة بحيث لا يبقى لبنان بلد الفساد والإفساد وبلد كل مين إيدو إلو كما يقول المثل اللبناني الدارج، وها هي الفرصة أصبحت متاحة لهم ومن يتأخر عن النزول إلى الشارع وإعلان الثورة السلمية ضد هذه الطبقة يكون شريكاً في الجريمة التي يرتكبها أصحاب هذه الطبقة ضد الوطن وشعبه ووجودهما.

إن معركة إنهاء هذه الحالة المزرية التي وصل إليها لبنان، وفق التصنيف الدولي له لا يجب أن تستمر لأن في استمرارها إنهاءً لوجوده ولشعبه الذي أصبحت أكثريته الساحقة مهددة بالفقر والعوز والجوع، فيما أركان الطبقة الفاسدة ينعمون بالغنى الوفير والمال الذي يسرقونه من دم هذا الشعب المسكين.