IMLebanon

المتغيرات من حولنا:  أي وظيفة للانتخابات؟

حان الوقت للتوقف عن الدوران المستمر منذ ثماني سنوات في متاهة اسمها التوافق على قانون انتخاب. والمفارقة ان المتاهة تدار بالإجماع على ما يطلبه المختلفون والمتفقون في القانون، وهو أن يضمن التمثيل الشعبي السليم والصحيح. فليس في النظام الطائفي قانون يضمن التمثيل الشعبي السليم والصحيح، سواء جاء على أساس النظام الأكثري أو النسبي أو المختلط. والخلاف ليس على صحة التمثيل واعطاء الشعب فرصة لاختيار من يمثلونه بل على تنظيم التمثيل بما يضمن أحجام الزعامات ويعطي النتائج سلفا. وهو أيضا على الشعب نفسه المقسّم الى رعايا طوائف ومذاهب، بدل أن يكون جماعة مواطنين في دولة. ونحن حاليا في مناخ طائفي ومذهبي ملوث ومتشنّج في لبنان والمنطقة.

ذلك ان حقوق المواطنين مترجمة الى حقوق الطوائف. وهذه بدورها مختصرة بأمراء الطوائف. والقاسم المشترك بين هؤلاء هو الخوف على النظام من أي تغيير، وبالتالي ضمان امتيازاتهم. وهم يعرفون، أقله من تجربة الانتخابات النيابية التي جاءت بالمجلس الحالي والمجلس الذي سبقه، ان ما يرسم موازين القوى في السلطة الفعلية ليس صناديق الاقتراع. فلا من يحصد أكثرية نيابية يحكم عمليا. ولا الانتخابات التي سماها الكسيس دو توكفيل ثورات دستورية هي في لبنان لاعادة تكوين السلطة بل لاعادة انتاج السلطة نفسها.

واذا حدثت معجزة وجرى التوافق على قانون انتخاب، فلن يكون سوى صيغة عجيبة غريبة مثل ثوب مفصّل على قياسات الزعامات. والأمل في حدوث المعجزة هو رهان على الخوف من الوقوع في المحظور. ولكن، ماذا لو كانت هناك قوى تراهن على المحظور، بحيث يصبح الطريق مفتوحا لمشاريع غير عادية؟ وماذا عما يدور حولنا في المنطقة ويدار بالمتغيرات السريعة والاستثنائية على قمة العالم؟

لا مجال لتغطية الانفصام السياسي. فنحن، من جهة، نربط ما يحدث في لبنان بكل ما يحدث في المنطقة والعالم، ومن جهة أخرى، نتصرف كأن كل شيء في لبنان محلّي. ونحن ندمن خداع النفس حين لا نكون ضحايا خداع الآخرين. إذ كيف نصدّق اننا قادرون على تحييد لبنان عن الصراعات الجيوسياسية التي مركزها حروب سوريا واليمن والعراق وعن حروب التحالفات الدولية على داعش والنصرة وكل التنظيمات الارهابية؟ كيف نهرب من التأثر بسياسات الرئيس دونالد ترامب والأحاديث عن التمهيد لصفقة كبيرة بينه وبين الرئيس فلاديمير بوتين ترسم حدود النظامين الاقليمي والعالمي؟

من السهل أن نغرق في شبر ماء المصالح الفئوية والشخصية التي تتحكم بالبحث في قانون الانتخاب. لكن من الصعب أن نتجاهل الحاجة الى انتخابات وظيفتها المساهمة في تمتين الوضع اللبناني عشيّة تغيير الدول.