IMLebanon

لماذا تركّز واشنطن على الاستقرار في الدرجة الأولى؟  

المسؤولون الاميركيون الذين يزورون بيروت، يركزون على مسألة الاستقرار والحفاظ عليه كضرورة ماسة، في تعاطيهم مع الشأن اللبناني. كما يركزون على انتخاب رئيس للجمهورية ولو كان دورهم في هذا المجال ليس ضاغطاً من أجل تسهيل المعرقلين للانتخابات.

مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، تؤكد ان سبب التركيز الاميركي على الاستقرار يعود الى الخوف من ان تنتقل الازمة السورية الى لبنان. والادارة الاميركية تعتبر ان هناك خطراً كبيراً في حال توسعت رقعة النزاع السوري وامتدت الى دول الجوار. السياسة التي يتبعها الرئيس الاميركي باراك اوباما هي عدم التدخل في شؤون دول المنطقة وهو يتدخل في سوريا بالحدود الدنيا عملاً للتهدئة وعدم التصعيد. لكن اذا انتشر الصراع السوري وطال خارج حدود سوريا ولبنان تحديداً، يصعب على الرئيس الاميركي ان يكمل بهذه السياسة، وقد يضطر الى التدخل بشكل اقوى. اما السبب الآخر، وراء التركيز على الاستقرار هو ان يبقى في محيط سوريا لاسيما في لبنان مكان آمن يعيش فيه اللاجئون السوريون. بحيث ان ايوائهم في الدول المضيفة لهم يوفر عبئاً على الولايات المتحدة وعلى الاوروبيين ايضاً، لأن هروبهم مجدداً من لبنان سيجعلهم يقصدون الدول الغربية.

كذلك هناك سبب ثالث، هو ان الصراع الخليجي الايراني، عقّد التدخل الاميركي من اجل تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان. حتى ان العلاقات الاميركية الخليجية باتت تحمل صعوبات، لأن الاميركيين لم يتجاوبوا مع الخليج بالنسبة الى الوضع السوري ولا بالنسبة الى اوضاع ملفات اخرى في المنطقة. كذلك ليس هناك من حوار جدي بين الولايات المتحدة وايران حالياً، ولا تريد واشنطن ان تبذل مجهودا وطاقة كبيرين في الملف الرئاسي اللبناني. والاولوية لديها تبقى لمحاربة «داعش» والارهاب، ثم التركيز على استقرار لبنان. وذلك الى حين تسلم الادارة الجديدة الحكم هناك. بحيث ان المرجح حصول تغييرات في السياسة تجاه المنطقة لاسيما اذا فازت هيلاري كلينتون، وهي التي اساساً ليست موافقة على سياسة اوباما.

وتعتبر المصادر، الديبلوماسية الاميركية، ان الجيش اللبناني والقوى الامنية تقوم بعمل ممتاز في حفظ استقرار لبنان على الرغم من التحديات التي تحملها ظروف المنطقة. وكما قال العديد من الزوار العسكريين للبنان، فان الجندي اللبناني هو كفوء ويمكن الاتكال عليه.

ولاحظت المصادر، ان اي قدر من المساعدة الخارجية والارادة الطيبة لا يمكن له ان يحل محل الحكم الجيد من اجل الاستقرار. ان الفراغ الطويل في رئاسة الجمهورية يهدّد الوحدة الداخلية ويبعد لبنان عن الدفة في ما يتصل بتحديات عدد كبير من القضايا السياسية والاقتصادية والامنية والانسانية. والولايات المتحدة ترغب في رؤية القادة اللبنانيين جنباً الى جنب في العمل لإعادة تفعيل مؤسسات الدولة وانتخاب رئيس.

وتؤكد المصادر، ان الولايات المتحدة تعمل على اهداف ثلاثة مع المؤسسات اللبنانية ومع اللبنانيين وهي:

اولاً: دعم امن لبنان عبر الاستمرار في مساعدة الجيش والقوى الامنية في مواجهة الارهاب، من خلال تقديم التجهيزات لها والتدريبات والتعاون مع الوكالات الامنية المختصة.

ثانياً: دعم استقرار لبنان، من خلال التعاون في الشأنين السياسي والانساني ما يعني مساعدة لبنان في تحمل اعباء اللاجئين السوريين، والولايات المتحدة، تأتي في المرتبة الاولى في مساعدة لبنان ثنائياً على هذا الصعيد. ثم دعم الجهود اللبنانية لانهاء الفراغ الرئاسي واجراء الانتخابات النيابية.

ثالثاً: دعم الازدهار الاقتصادي من خلال العمل مباشرة مع البلديات لدعم انشطتها وتحسين البنى التحتية مثل المياه، والتعاون يتم من خلال برامج الوكالة الاميركية للتنمية، وعبر منح فرص اقتصادية جديدة للمجموعات القاطنة في الارياف وتطوير المرأة. فضلاً عن دعم قطاع التربية لاسيما الطلاب في المدارس الرسمية، وعبر برامج اليونسيف ومنح اخرى usp. كذلك هناك تعاون أميركي مع مؤسسات الدولة مثل البنك المركزي للتأكد من سلامة النظام المالي وأمنه، وحمايته من الأموال غير النظيفة.

ويمكن اختصار التعاون الاميركي مع لبنان بأنه، يهدف، وفقاً لمصادر اخرى، الى مساعدة الجيش اللبناني ليكون اقوى من الاحزاب، وهذا ما يدعم الدولة ومؤسساتها، ونشاط المجتمع المدني. لكن لا علاقة للاميركيين مع «حزب الله» لأنه بكل بساطة القانون الاميركي يمنع ذلك. انما في الوقت نفسه لا يرغب الاميركيون في ان يكون هذا الموقف من «حزب الله» مشكلة للحكومة.