IMLebanon

«شبّ الشيوخ»  

ينتفض أحد الأصدقاء المتقدم في العمر كلّما قلنا له، تحبّباً: «شيخ الشباب» ثم يضيف ممازحاً: أنا لست شيخ الشباب، إنما أنا «شبّ الشيوخ».

إستحضرت قول الصديق، أمدّ اللّه في عمره، وأنا أستعيد وقائع الزيارة الخليجية التي قام بها الرئيس ميشال عون بشقيها السعودي والقطري. وبالذات ما تخلّلها من تصريحات فورية ومقابلتين تلفزيونيتين.

وكلمة حق، كنتُ أمام فكر نيّر، وثقافة شاملة، وقدرة استثنائية على المشي بين النقط، وتساءلت عن هذه الحيوية في استيعاب الأسئلة وإدراك أبعادها ومراميها في سرعة قياسية ثم الإدلاء بالأجوبة الفورية (أجل الفورية) عليها من دون أي كبوة، وكذلك من دون أي حماسة. وبالذات من دون محاولة استرضاء هنا وتحدٍ هناك.

ومع أنّ الأجوبة كانت فورية، لم تُسجل فيها زلة لسان واحدة. فقد كان فخامة الرئيس عون متماسكاً، مسيطراً على كلامه، فتصدر عنه الكلمة فالعبارة فالجملة فالمقطع بسلاسة لافتة، وبمنهجية واضحة، وبإطلاق الكلمة الى حيث كان يريد لها أن تصل في المبنى والمعنى، فلا شطحات أو مبالغات، وفي المقابل لا تردد في قول ما يجب أن يُقال.

ولا أريد أنّ أسهب، أكثر، في هذا السياق. فكلام الرئيس متوافر في وسائط الإعلام، وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، ويمكن لمن يشاء أن يعود اليه لتتبين له الملامح التي وردت أعلاه.

الى ذلك، وفي سياق متّصل فإننا لا نوافق الذين يغالون إيجاباً أو سلباً في التعليق على الزيارة المزدوجة. فالفريقان يخطئان. وفي تقديرنا أنه لا يجوز تحميلها أكثر مما تتحمل كما لا يجوز الكلام عليها وكأنها لم تسفر عن نتيجة. إنما يجب التعامل معها من كلام فخامة الجنرال على امتداد مراحلها. فهو وصفها بأنها زيارة «تبديد» الإشكالات والشكوك و»فتح صفحة جديدة».

وهذا حصل فعلاً.

أما الذين حملوا عدّاداً وراحوا يدورون في الشوارع بحثاً عن أعداد السياح الخليجيين فيجب ألا يفوتهم أن للسياحة الخليجية موسماً، أو مواسم معروفة. فهي تزدهر في شهرين من أشهر الصيف، كما تسجل إرتفاعاً في الأعياد والعطل الخليجية المعروفة. لذلك لا يجوز البحث عن الظهيرة عند الساعة الرابعة عشرة، كما يقول المثل الفرنسي السائر.

إن العماد ميشال عون شخصية غير تقليدية، في المفهوم السياسي. والرجل واثق من نفسه ومن الشعب ومن وطنه، وهو ليس مضطراً، بالتالي، لأن يقدّم عيّنة من دمه ليفحصها هذا الفريق أو ذاك، وهذه الدولة أو تلك.