IMLebanon

لا أحد يملك أن يشرّع ما يسمّى “مقاومة”

 علي حمادة

قال الجنرال ميشال عون في شأن الخلاف مع “حزب الله” حول بند ما يسمى “مقاومة” إن “المهم هو ما يفرض على الأرض وليس في النصوص”. وربما أراد عون أن يشير على “حزب الله” بضرورة التركيز على الأرض وعدم الالتفات الى الخلافات حول كلمة من هنا أو كلمة من هناك. بالنتيجة، ومهما يكن نص البيان الوزاري حول ما يسمى “مقاومة”، فإن “حزب الله” لا يزال يفرض بقوته العسكرية والأمنية وسيطرته على الشارع الشيعي معادلة، وان رفضتها جميع شرائح المجتمع اللبناني في ما عدا شريحة مسيحية تناصر عون أولاً، واستتباعاً “حزب الله”. وهي ستبتعد عن الحزب متى ابتعد عون عنه.

كلام عون صحيح في المبدأ، وصحيح إذا ما نظر المرء الى الواقع على الأرض. لكن لا بد من الإشارة الى أن النص أيضاً مهم، لأنه يضفي “شرعية” أو يحجبها. وهنا بيت القصيد: أن يتم نزع الشرعية الوطنية عما يسمى “مقاومة”. وما هي سوى ميليشيا مسلحة فاشيستية مذهبية عاملة في إطار وظيفة إقليمية لا علاقة للبنان بها، وإن تكن تسيطر على قرار طائفة كبيرة. لبنان في هذا الإطار مجرّد ساحة، وجسر عبور لسياسات خارجية بواسطة “حزب الله”. وهكذا نقرأ حرب 2006 التي جرى توريط لبنان فيها عنوة. وهكذا نقرأ الصراع المسلح في سوريا الذي يتم توريط البلاد فيه بشكل مطّرد.

إن البيان الوزاري مهم إذا ما نجح ممثلو قوى 14 آذار في شطب كل ذكر لما يسمى “مقاومة”، على قاعدة أن لا إجماع عليه في لبنان يمثل خروجاً على الميثاقية. من هنا قولنا إن ما يسمى “مقاومة”، وهي في الحقيقة ستار يتلطى خلفه “حزب الله”، غير ميثاقي، وبالتالي ينبغي شطب كل ذكر له في أي بيان وزاري مقبل. أي تنازل عن هذا الحد سيكون قاتلاً للاستقلاليين. فكفى تكاذباً، وكفى جبناً هنا وهناك. لا لثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” ولا لذكر ما يسمى مقاومة يستفيد منها “حزب الله” لإضفاء شرعية وطنية على ارتكاباته لبنانياً وسورياً وحتى دولياً، في الوقت الذي دخل هدنة مع إسرائيل شبيهة بهدنة حافظ وبشار الأسد منذ 1974. وعليه، وقول إن وظيفة اللبنانيين ليست تشريع نظير “داعش” في لبنان، بل خوض معركة إعادة الاعتبار الى منطق الدولة فوق الجميع. لا سلاح سوى سلاح الدولة. كل سلاح خارجها غير شرعي، ويجب أن يخضع لسلطة الدولة اللبنانية عاجلاً أم آجلاً.

وبالعودة الى نظرية الجنرال الصحيحة عملياً، والخاطئة تاريخياً. فالأمر الواقع يبقى أمراً واقعاً غير شرعي، ما استمر الوطنيون في معارضته ورفضوا الخضوع له وامتنعوا عن منحه شرعية. هذا الموقف هو الذي يجب أن يحدد عمل الوزراء الاستقلاليين ليس إلا.

أما وزير الخارجية الجديد فيمكنه اللعب على الكلمات في مجلس الجامعة العربية في الوقت الضائع، لكنه ليس صاحب صلاحية في تشريع سلاح من خارج الدولة، ولا سيما بعد كل ما حصل.