IMLebanon

مَن يستفيد من الخريطة الدولية في المنطقة؟

روزانا بو منصف

رفع اللقاء الذي جمع 11 من رؤساء اجهزة المخابرات من دول اقليمية مؤثرة ودول اوروبية مهتمة بالوضع السوري الى جانب الولايات المتحدة الاميركية الشهر الماضي في واشنطن من اجل البحث في سبل مقاربة جديدة للوضع السوري بعد فشل اجتماع جنيف 2 للاتفاق على هيئة حكم انتقالية سقف التوقعات لجهة متغيرات ميدانية في الوضع السوري مع اعلان ادارة الرئيس باراك اوباما البحث عن تغيير لاسلوب تعاطيها مع الازمة السورية. ذلك انه من غير المعهود او المتوقع اجتماع مسؤولين على هذا المستوى ويتمتعون بنفوذ وقدرة قوية من دون الخروج بخطة تجد طريقها الى التنفيذ في مدى زمني معقول ما لم يكتنف هذا الاجتماع تباعد في المقاربات وسبل المواجهة تحت طائل بروز فشل الدول المجتمعة ازاء التحدي الذي يرفعه خصومها من الداعمين للنظام السوري عسكريا وماديا. وهذا المدى الزمني المعقول ما زال من ضمن المتوقع حتى الان، لكن التحديات تبدو ملحة بالنسبة الى مصادر معنية خصوصا عشية بدء السنة الرابعة على انطلاق الثورة في سوريا وتحولها الى حرب اهلية في 15 الجاري، وهو الموعد الذي يتزامن وتجاوز النظام المهلة المحددة لالتزامه تدمير 12 منشأة انتاج كيميائية كان النظام ابلغ منظمة حظر الاسلحة النووية بها من دون ان يبرز رد فعل اميركي او دولي مهم على تجاوز سابق اقدم عليه النظام ايضا على هذا الصعيد. كما يبدو إلحاح هذه التحديات في الاستعدادات التي بدأها النظام من اجل تأمين اعادة انتخابه وبقائه في السلطة ولاية جديدة مستفيدا من ثغرة الخلاف الغربي الروسي حول ازمة اوكرانيا مع اقتراب المهلة الدستورية لانتهاء ولايته في تموز المقبل واستمرار دفاع روسيا عن الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الذي تدعمه على رغم اطاحته شعبيا مما اضطره الى الهرب الى روسيا.

واذ تأخذ مصادر ديبلوماسية مراقبة في الاعتبار دخول تطورات جديدة ومهمة على الاهتمامات الدولية والمتمثلة في ازمة اوكرانيا التي اشعلت الخلافات بين روسيا من جهة والولايات المتحدة واوروبا من جهة اخرى، فان المخاوف تكبر لدى هذه المصادر من ان توضع الازمة السورية على الرف وتترك لحالها من دون متابعة عن كثب للتطورات فيها او بذل جهود اضافية جديدة لها بغض النظر عما يجري على الارض. فالتقارير الاممية حول اعداد القتلى او عدد الاطفال السوريين الذين يعانون او اللاجئين السوريين الى دول الجوار لم تعد تحظى بالاهمية الكبيرة كما في السابق. وذلك علما ان المخاوف تطاول احد ابرز التحديات التي ترفعها الديبلوماسية الاميركية لنفسها وهي تحقيق تقدم ما على خط المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية المرتقب انضاجه او انهاؤه في نيسان المقبل. ومع ان اوساطا سياسية وديبلوماسية عدة تنتظر ما سيحمله الرئيس الاميركي في زيارته الاسبوع المقبل الى المملكة العربية السعودية على مستويات عدة ومن بينها ما يرتبط بالملفين المذكورين، فان الخلاف مع روسيا حول اوكرانيا وسبل مقاربة الحلول لها يرخي بثقله على كل الملفات الدولية المهمة بحيث تضاءلت التوقعات بامكان حصول اي خرق على اي صعيد قبل ايجاد حلول للازمة الاوكرانية مع صعوبة تحقيق ذلك ما لم ينجز بالاتفاق بين روسيا والدول الغربية. وهذا لا يعني ان الازمة السورية او الصراع الفلسطيني الاسرائيلي كانا قاب قوسين او ادنى من الحل قبل اندلاع الازمة في اوكرانيا بل ان الاولى باتت مرشحة منذ زمن الى الاستنقاع طويلا على الاقل حتى انتهاء المفاوضات حول النووي الايراني التي قد تستغرق سنة وربما اكثر فيما الثانية تتضاءل فرص اي حل فيها مع استمرار العناد الاسرائيلي، الا ان هذه المسائل انزلت من مستويات الاهتمام بها الى درجات ادنى في ظل استمرار استعصائها من جهة ونظرا الى ان التعاون الدولي من اجل انجاح اي حل لن يكون متوافرا في ظل الخلافات التي استعرت مع روسيا التي تلعب دورا مؤثرا ان في موضوع سوريا او في المفاوضات مع ايران حول ملفها النووي او في دعمها المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية. وثمة مستجدات قد تضيف وفقا لهذه المصادر متغيرات كثيرة من بينها في شكل اساسي انكشاف الضعف الاوروبي انكشافا كبيرا في ازمة اوكرانيا باعتبار ان هذه الاخيرة في قلب اوروبا ويفترض ان تظهر الدول الاوروبية فاعلية اكبر من فاعليتها التي تضاءلت في منطقة الشرق الاوسط في حين اظهرت عجزا يخشى ان يستدرج تراجعا في نفوذها وقدرتها على التأثير. ومن بين هذه المتغيرات ايضا ما قد تستفيد منه ايران بقوة على صعيد الخلاف الروسي الاميركي من اجل تعزيز قدرتها على التأثير عند واشنطن ان في شأن القرارات الاميركية بالانسحاب من افغانستان او في شأن محاولات ايجاد حل للازمة السورية او ايضا بالنسبة الى محاربة الارهاب التي باتت تصطف ايران في جانبه بحيث تغدو ايران اكثر اهمية من ذي قبل في مجموعة ملفات تماما كما حصل بالنسبة الى العراق. والحديث الاخير الذي ادلى به الرئيس الاميركي الاسبوع الماضي وتحدث فيه عن ايران ايجابا في اطار المقارنة بين الوضعين السني والشيعي في المنطقة اثار تساؤلات والبعض يقول انزعاجا على عتبة استعداد اوباما لزيارة المملكة السعودية.
ازاء ذلك لا يبدو مستغربا الخشية اللبنانية من ازدياد الوطأة الاقليمية على لبنان من ضمن خلط الاوراق والخربطة القائمة.