IMLebanon

“الحزب” يستخدم الحوار لمعركة الرئاسة

إستغلّ “حزب الله” كلامَ رئيس الجمهورية ميشال سليمان في الكسليك ليدخل على الاستحقاق الرئاسي من باب وضعه مواصفات الرئيس المقبل على قاعدة تأييده الأعمى للمقاومة، وتلويحه عدمَ المشاركة في جلسة الحوار في 31 الجاري يدخل في سياق استكمال هذه المعركة عبر إعطاء إشارة مبكرة بمقاطعة أيّ رئيس لا يَبصُم على خيار المقاومة.

“حزب الله” لا يقاطع الحوار، إنما يقاطع رئيس الجمهورية بسبب تمسكه بموقفه القديم-الجديد بأنّ قتال الحزب في سوريا أسقط معادلة “جيش وشعب ومقاومة”، وهذا موقف صحيح وبديهي من موقع الرئيس سليمان الذي وضع استراتيجية دفاعية مبنية على تصدي الجيش اللبناني للاعتداءات

“حزب الله” لا يقاطع الحوار، إنما يقاطع رئيس الجمهورية بسبب تمسكه بموقفه القديم-الجديد بأنّ قتال الحزب في سوريا أسقط معادلة “جيش وشعب ومقاومة”، وهذا موقف صحيح وبديهي من موقع الرئيس سليمان الذي وضع استراتيجية دفاعية مبنية على تصدي الجيش اللبناني للاعتداءات الإسرائيلية، وخاطب المقاومة منذ خطاب القسم باعتبارها فعلاً ماضياً، فضلاً عن أنّ تسليمه بالمعادلة الذهبية-الخشبية كان لضرورات الحوار اللبناني وقبل دخول الحزب إلى سوريا، لأنّ خلاف ذلك يجعل الدولة وكأنها تشجع وتشرّع فصائل ميليشياوية لبنانية على القتال خارج الأراضي اللبنانية، الأمر الذي يضعها والشعب اللبناني في حال عداء مع دول وشعوب أخرى، ويخرج الأزمة اللبنانية من إطارها اللبناني-اللبناني، حول سلاح “حزب الله” غير الشرعي منذ اتفاق الطائف، إلى الإطار الإقليمي، ما يستجلب حروباً إضافية لا ناقة للبنانيين فيها.

فما قاله سليمان ليس بجديد، وهو دأب على تكراره منذ فترة من الزمن، ولكنّ الجديد هو موقف “حزب الله” إن بالرد على رئيس الجمهورية، أم في تلويحه بمقاطعة الحوار لمقاطعة سليمان، إلّا أنّ السؤال الذي يطرح نفسه: هل قوى “8 آذار” ستتضامن مع موقف الحزب؟ وماذا عن موقف الجنرال ميشال عون الذي يدوّر الزوايا مع الجميع في الآونة الأخيرة؟ وهل سيقاطع الحزب جلسات مجلس الوزراء التي يترأسها سليمان؟

وماذا لو أصرّ الرئيس على ترؤس كل الجلسات؟ وهل ستقتصر مقاطعته للحوار باعتبارها مؤسسة تابعة لرئاسة الجمهورية من منطلق أنّ المبادرة إلى الجلسات بيد الرئيس حصراً؟ وماذا عن موقف “القوات اللبنانية” في هذه الحال، واستطراداً هل ستعيد النظر بموقفها عبر التمييز بين الحوار ومؤسسة الحوار؟

وفي هذا السياق، يخطئ مَن يعتبر أنّ “حزب الله” ضدّ الحوار، لأنّ من مصلحته إعطاء إشارات للخارج الدولي بأنه مع المؤسسات ويتعامل بإيجابية ويتعاون لتوفير الاستقرار السياسي، وذلك على رغم تمسكه بأبدية سلاحه، لأنّ أولويته تلميع صورته وتسويق نفسه لدى الغرب أنه قوة استقرار تؤدي على الحدود مع إسرائيل الوظيفة نفسها التي كان يؤديها النظام البعثي السوري في الجولان، ويواجه القوى المتطرفة والتكفيرية، فضلاً عن إدراكه أنه يستطيع التسويف بالحوار إلى ما شاء الله وعدم تطبيق كل ما يمكن التوصل إلى الاتفاق حوله.

في المقابل، وعلى رغم صوابية موقف “القوات اللبنانية” بمقاطعة الحوار، لأنه حوار للحوار وسيبقى كذلك، وواهم كلّ مَن يعتقد بأنّ الحوار مع “حزب الله” يمكن أن يفضي إلى أيّ شيء ولو بعد مئة عام، فإنّ على القوات مراجعة موقفها بعد تلويح الحزب بمقاطعة بعبدا، وبالتالي اتخاذ قرار

المشاركة في خطوة تجسّد دعمها المطلق لمواقف رئيس الجمهورية، وفي رسالة واضحة بأنها تشارك في اللحظة التي يقاطع فيها الحزب، خصوصاً أنّ قرار الجلوس مع “حزب الله” حول طاولة واحدة تم كسره من قبل القوى التي قررت المشاركة معه في الحكومة.

فـ”حزب الله” يضع نصب عينيه الاستحقاق الرئاسي بعد الحكومي الذي نجح بانتزاع مشروعية عبره، وهو يبعث بالرسالة تلوَ الأخرى في هذا المجال، وهي رسائل مزدوجة: تحويل نهاية ولاية سليمان إلى محطة انقسامية لا جامعة بخلفية انتقامية، وربط نزاع مع الرئيس المقبل على قاعدة أنّ من يواجه الحزب يُحرم من الغطاء الشيعي، بمعنى أنه لن يسمح بوصول أيّ شخصية تلتزم الدستور ولا تغطي مغامرات الحزب ولو في الـ”ماو ماو”.

ومن الواضح أنّ أكثر ما يزعج “حزب الله” هي المواقف الصادرة عن المواقع الرسمية، وبالتالي إذا كانت مواقف وزير الداخلية نهاد المشنوق في المغرب استدعت جولة للسفير الإيراني للتنديد بالمواقف التي أطلقها، فكيف بالحري تلك الصادرة عن رئيسٍ للجمهورية، والدليل أنّ مواقف المشنوق قبل الداخلية ما كانت تثير كلّ هذه الضجة التي أثارتها؟

وإذا قرر “حزب الله” مقاطعة هيئة الحوار لمعاقبة الرئيس الحالي وتقييد الرئيس المقبل، فيعني أنّ موقفه يجب أن ينسحب على جلسات مجلس الوزراء التي يرأسها سليمان، إلّا إذا كان المقصود توجيه رسالة شيعية للمسيحيين بأنّ أيّ رئيس لا يتعهد الموافقة على نهج ما يسمى بالمقاومة سيدفعه إلى التفريغ أو التعامل مع مؤسسة رئاسة الجمهورية بأنها “مؤسسة بتراء”.

شارل جبور الجمهورية