IMLebanon

الغرامة تزداد في كل مرة يوافق بنك على تسوية مع السلطات الأمريكية…أوروبا تترقب العقوبة الأمريكية على «بي إن بي باريبا»

BNPParisBas2
مارتن أرنولد
سيكون هناك تنفيذيون قلقون في بعض المصارف الأوروبية الكبيرة، منهم دويتشه بانك الألماني، وكريديه أجريكول الفرنسي،
ويوني كريديت الإيطالي، إذ إن المصرف المنافس الفرنسي بي إن بي باريبا مهدد باحتمال دفع غرامة تراوح قيمتها بين 8-10 مليارات دولار، بسب ادعاءات خرقه عقوبات أمريكية. هم يخشون من أن يكونوا الهدف التالي، بعد أن كشفوا عن محادثاتهم مع السلطات الأمريكية حول قضايا مماثلة.

التكلفة على أكبر مصرف فرنسي لتسوية العلاقة مع السلطات الأمريكية، ستتضاءل بجانبها مجموع الغرامات المماثلة التي دفعتها على أقساط منذ سنوات قليلة مصارف مثل إتش إس بي سي، أو آي إن جي ومصرف جيه بي مورجان تشيس.

يبدو أن قيمة الغرامة تزداد في كل مرة يوافق مصرف على تسوية مع السلطات الأمريكية. في الشهر الماضي فقط، أجبر مصرف كريدي سويس على دفع 2.5 مليار دولار، واعترف بالذنب لتسوية ادعاءات بأنه ساعد أمريكيين على التهرب من دفع الضرائب للحكومة الأمريكية. كان ذلك أكبر بكثير من غرامة بلغت 780 مليون دولار، دفعها منافسه مصرف يو بي إس لتسوية ادعاءات مماثلة في عام 2009.

مصرف باريبا هو واحد من المصارف الأوروبية القلائل التي حسب المتعاملون معه أن لديه ما يكفي في ميزانيته العمومية لجولة من الاندماج في النظام المصرفي الموحد حديثاً. التكلفة المحتملة لتسوية ادعاءات بخرقه عقوبات من خلال تعاملات أجراها خلال الفترة من 2002 إلى 2009 مع كوبا والسودان وإيران – من ضمنها اعترافه بالذنب وتعليق تصفية حسابات المقاصة بالدولار – غيرت كل ذلك.

الفاتورة المتزايدة التي يتوجب دفعها في قضايا قانونية موروثة تأتي في وقت حرج بالنسبة لأكبر المصارف الأوروبية، والمنظمون الوطنيون وكذلك المصرف المركزي الأوروبي منكبون على الميزانيات العمومية لمصارفهم كجزء من البدء في مراجعة نوعية الأصول وعملية اختبار الإجهاد عليها، لتأسيس نظام مصرفي جديد في منطقة اليورو.

قال أندريا إينيريا، رئيس السلطة المصرفية الأوروبية، في الأسبوع الماضي إن التكلفة المتزايدة لتقاضي المصارف وأثر ذلك في رؤوس أموالها، يجب أن “تؤخذ في الحسبان عند اختبار الإجهاد على المصرف”.

يقول محللون “إن غرامة مثل عشرة مليارات دولار يمكن أن تقضي على أرباح مصرف باريبا، وتخفض توزيعات أرباحه إلى الصفر، وتضرب الطبقة الأولى لحقوق الملكية في رأس مال المصرف – وهو مقياس رئيسي للقوة المالية للمصرف- بتخفيضه هذه النسبة من 10.6 في المائة إلى نحو 10 في المائة، وهو الحد الأدنى الذي يهدف المصرف لتحقيقه داخلياً.

ومع ذلك يمكن أن يبقى المصرف على قيد الحياة، ولكن ذلك مؤلم لمؤسسة برزت مكانتها في قلب المؤسسة الفرنسية، من رعايتها لدورة ألعاب التنس الفرنسية المفتوحة التي جرت في نهاية الأسبوع الماضي.

ساهم ضغط التحقيقات في قرار رئيس مجلس إدارة المصرف ورئيسه التنفيذي السابق بودوان برو بأخذ شهرين إجازة بسبب الإجهاد في أوائل هذه السنة. ويطالب المنظمون الأمريكيون بأن يخرج من المصرف 12 موظفاً من مناصبهم، ومن هؤلاء جورج شودرون دي كورسيل، كبير الإداريين التشغيليين، الذي يُتوقع أن يتقاعد.

من السهل تخيل مصرف بارييا مثل حجر شطرنج في معركة أوسع عبر الأطلسي. السياسيون الفرنسيون حذروا من العواقب المحتملة على المحادثات التجارية عبر الأطلسي، إذا عوقب المصرف بشدة.

وذهب بعض المؤمنين بنظرية المؤامرة بعيداً ليقولوا إن المصرف ربما يدفع ثمن استياء الولايات المتحدة لبيع فرنسا ما قيمته 1.2 مليار يورو، لسفينتين هجوميتين مسلحتين بطائرات الهيلوكوبتر لروسيا، أو بسبب معارضة باريس للعرض الذي قدمته “جنرال إلكتريك” الأمريكية لشركة ألستوم، صانعة القطار الفرنسي تي جي إف عالي السرعة. هذه أمور مغرقة في الخيال. يبدو أن الأكثر ترجيحاً هو أن المصرف يواجه مثل هذه الغرامة، لأن المدعين والمنظمين الأمريكيين يعتقدون أنه أخفق في التعاون، ولأن العشرات من مليارات الدولارات التي ادعي التعامل بها بصفة غير قانونية، تمت على نطاق أوسع من أي مصارف منافسة.

فضلاً عن ذلك، تم توجيه انتقادات واسعة إلى المدعين الأمريكيين على تراخيهم مع مصارف أخرى في تسويات سابقة، وهو ما أثار ادعاءات بأن المصارف كانت “أكبر من أن تحاسب”.

حتى الاعتراف بالذنب الذي جاء من مصرف كريدي سويس صاحبته إعفاءات من جانب المنظمين الأمريكيين، على نحو يكفي للسماح للمصرف السويسري ليقول إن ذلك لن يكون له “أثر جوهري”.

يشكو كبار المصرفيين غالباً من تكلفة التقاضي التي يقولون إنها تُبعد الأموال عن الإقراض إلى الشركات الصغيرة والأسر. ويقول أحد المصرفيين من الذين اعتادوا تشغيل مصرف استثماري أوروبي معروف، “إن على الصناعة أن تؤسس هيئة للحقيقة والتوافق كجهد منها للتخفيف من الغضب العام، وتقلل من تكاليف التقاضي المتصاعدة هذه”.

ويُعتقد أن الحاجة لذلك هي أكثر ما يمكن في المملكة المتحدة، حيث أخذت المصارف أكثر من 20 مليار جنيه استرليني لتوفير مخصصات لتأمينات لحماية دفعات تم بيعها بطريقة غير سليمة، ومليارات أخرى في فضائح مثل التلاعب في سعر فائدة ليبور.

وبتشكيل مجلس لمراجعة المعايير المصرفية، وهو هيئة سلوك في الصناعة تطوعية اقترحها السير ريتشارد لامبيرت، وهو رئيس سابق للمصرف التجاري العالمي ومحرر سابق في صحيفة الفاينانشيال تايمز، يمكن أن تُتاح أمام المصارف البريطانية فرصة لتصويب أوضاعها.

ويقول في ذلك الخصوص “إنه مع وجود قضايا التقاضي الموروثة التي تعتبر الآن من أكبر العوامل المحددة لقيمة المصرف، فقد حان الوقت للمصارف الأمريكية والأوروبية لتعمل شيئاً مماثلاً لهذا”.