IMLebanon

الإرهاب ليس أقوى من النظام المالي

Safir
باسكال صوما

يبدو لافتاً للانتباه في ظل موجات الإرهاب التي تجتاح المنطقة، وبعد ما تحمّلته بيروت من جرائم طالت الأبرياء، أن تستضيف مؤتمر «التعاون العربي في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وأثره على تعزيز الاقتصاديات العربية»، بدعوة من «الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب» وبرعاية وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق.
فاليوم ومع تجاوز عدد النازحين السوريين ثلث سكّان لبنان، وارتفاع نسب الجرائم والفوضى، مقابل تراجع اقتصادي واضح، يبدو الوقت مناسباً لتمرير الصفقات وتبييض ما تيسّر من الأموال، لمصلحة عصاباتٍ تمويل الجرائم وتسهيل الإرهاب.
في هذا الإطار، يتوقّف رئيس الاتحاد الدكتور جوزيف طربيه عند خطورة الجرائم المالية لا سيما تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، محذراً من أن «المستفيدين من جرائم غسل الأموال يستخدمون التطور التكنولوجي لخرق النظام المالي والمصرفي وإتمام الصفقات والإفلات من رقابة المصارف والجهات الأمنية المختصة»، مؤكّداً أنّ «هذا الموضوع تحدّ حقيقيّ، لأنّ أخطار غسل الأموال وتمويل الإرهاب تطال الاقتصاد والمجتمع والفرد».
ويوضح طربيه لـ«السفير» أنّ «النظام المالي العربي عموماً، واللبناني خصوصاً يعمل ما بوسعه لمكافحة هاتين الجريمتين العابرتين للحدود، على الرغم من الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية المحيطة بنا».
ويؤكّد في المقابل أن «النظام المصرفي اللبناني قويّ ومتين، وملتزم المعايير الدولية، ويتخذ الإجراءات المناسبة لمكافحة غسل الأموال، من خلال التحقق من هوية المودعين والمستثمرين، والتدقيق في الأموال».
وعن سؤال حول صعوبة مكافحة هذه الجرائم في ظلّ الإرهاب المستفحل منذ سنوات قليلة، يقول طربيه: «الإرهاب ليس أقوى من النظام المالي، وعلينا في مطلق الأحوال اتخاذ الإجراءات المناسبة للحدّ من هذه الظاهرة».

تأخير وتفاؤل
في حفل افتتاح المؤتمر الذي يستمرّ حتى غدٍ السبت، في «فندق موفنبك»، بدا المشنوق الذي تأخر أكثر من 40 دقيقة عن الموعد، مبتسماً متفائلاً، مؤكّداً أنّ «بيروت ما زالت على الرغم من الصعوبات والظروف، حيّة وقادرةً على استضافة المؤتمرات ومناقشة أكثر القضايا جدية».
ونوّه المشنوق «بأداء النظام المصرفي اللبناني في قدرته على التقدّم ومكافحة الجرائم المالية»، مذكّراً بأنه «في العام 1992 مع عودة الحياة إلى النظام المصرفي كانت الودائع لا تتجاوز الـ7 مليارات دولار، وبعد حوالي 20 عاما أصبحت الودائع 166 مليار دولار، وهذا انجاز في بلد عاش أكثر من 20 سنة في المشكلات والأحداث السياسية».
أما في ما يتعلق بتبييض الأموال، فأوضح المشنوق أن «هذه الظاهرة هي من أخطر جرائم العصر الرقمي التي تقلق مختلف دول العالم». ولفت الانتباه إلى أن «هاجس الحكومة منذ تشكيلها كان مكافحة الإرهاب والحد منه، وقد فتحت ملفات خطيرة، كانت تعطل المؤسسات وتنشر الإرهاب»، مشدداً على «أهميّة الخطة الأمنية التي سمحت بدخول الدولة إلى بؤر الإرهاب، بعد اتفاق سياسي وإجماع جميع الأطراف، إضافةً إلى حملة اعتقالات للعديد من الخارجين عن القانون، وما زلنا مستمرين في ذلك». وأعلن أن «خطة أمنية للعاصمة بيروت ستدخل حيّز التنفيذ في الأسابيع القليلة المقبلة».

مركز رصد
زخر الافتتاح بحضورٍ عربيٍّ بارز، تخلّله كلمة للأمين العام لـ«مجلس الوحدة الاقتصادية العربية» السفير محمد الربيع، الذي دعا إلى تأسيس «مركز رصد يحمينا من تنقل رؤوس الأموال الوسخة والمغسولة، لنحمي مؤسساتنا العربية من هذا الاختراق الكبير». وشدد على «أهمية التعاون العربي في هذا الإطار، لأنّ هذه الظاهرة تعنينا جميعاً وتضرّ باقتصاداتنا العربية شئنا أم أبينا».
ورأى رئيس «الاتحاد العربي للتحكيم» سعد بن عبدالله غنيم أنه «أينما وجد الإرهاب لا بد أن يكون التمويل الأسود بجانبه»، داعياً إلى «التعاون والتضامن وتبادل الخبرات بين المصارف والدول العربية للحفاظ على اقتصاداتنا وأنظمتنا الماليّة».
أمّا طربيه، فأوضح أن «جرائم تبييض الأموال تهدف الى توفير الأموال لتمويل المزيد من الجرائم»، مشيراً إلى أن «غسل الأموال وتمويل الإرهاب لديهما وحدة في الهدف، وهو غسل الأموال الوسخة وإعادة إدخالها ضمن النظام المالي العالمي كأموال شرعية، وتوفير الأموال لارتكاب المزيد من الجرائم وإخفاء مصادر التمويل واستغلال التباين بين الدول من حيث الأنظمة المصرفية والمالية».
ولفت الانتباه إلى أن «هناك حركة نشطة على الصعيد العربي لوضع التحصينات لحماية المصارف»، مذكّراً بأن «لبنان وضع قانونا لمكافحة هذه الظاهرة وشكل هيئة عمليات عليا متخصصة واتخذ الإجراءات الممكنة لمكافحة هذه الجرائم».
تلا الافتتاح كلمات للمنظمات المشاركة: الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح، المدير العام لـ«المنظمة العربية للتنمية الإدارية» الدكتور رفعت الفاعوري، المدير العام لـ«المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين» محمد بن يوسف، تلاها ثلاث جلسات عمل.