IMLebanon

بدء امتحانات الجامعة اللبنانية: الأساتذة المتعاقدون صامدون

lebanese-uni

حسين مهدي

انطلقت الامتحانات في كليات الجامعة اللبنانية، أمس، من دون أن تتأثر بالإضراب المفتوح الذي ينفذه الأساتذة لمتعاقدون، إلا أن ذلك لا يعني أنها لن تتأثر لاحقاً، فإدارات الكليات تذاكت على المضربين عبر تأخير المواد التي يدرّسونها الى ما بعد الانتهاء من امتحانات المواد التي يدرّسها الأساتذة المتفرغون، ما يعني أن الأزمة مؤجلة، فيما الحكومة غير آبهة بحقوق الأساتذة بالتفرّغ، ولا بحقوق الطلاب في إنجاز عامهم الدراسي.
الأساتذة المتعاقدون مصرّون على مواصلة إضرابهم المفتوح، حتى لو تلقوا تعهداً خطياً من مجلس الوزراء بأنه سيقر ملف التفرغ لاحقاً. «لا ثقة لنا بالحكومة» أوصلها المشاركون في اعتصام أمس، أمام السرايا الحكومية، الى وزير التربية الياس بو صعب ومستشار رئيس الحكومة للشؤون التربوية سامي عجم، اللذين توجها تباعاً الى مكان الاعتصام، المتزامن مع جلسة مجلس الوزراء، في محاولة لإقناع الأساتذة المتعاقدين بالتراجع عن إضرابهم المفتوح.

لحظة رؤية الوزير متوجهاً ناحية المعتصمين، هجم الأساتذة نحو السلسلة الحديدية التي وضعتها القوى الأمنية لسماع ما في جعبته، الأخير تريّث قليلاً قبل الكلام: ثم «تمنّى» على المعتصمين التراجع عن الإضراب لأن «موضوع التفرغ انتهى، وليس عليه أي خلاف»، مشيراً الى التوافق الحاصل بين جميع الأفرقاء السياسيين على الملف الذي «سيقر في أول جلسة لمجلس الوزراء بعد الاتفاق على آلية عمله».
محاولة إقناع الأساتذة بالتراجع عن حراكهم لم تنجح، قاطعوه بالصراخ: «لا تفرع، لا امتحان»، رد الوزير على انفعال المتعاقدين: «الموضوع يعود لكم، إنتو حكّموا ضمايركم»، وأضاف: هناك من ظُلم من الأساتذة، وقد تم أخذه بعين الاعتبار، رافضاً التصريح عن العدد النهائي للمرشحين، وقد توجه بو صعب إلى الأساتذة بالقول «مطرحكن مش هون، مطرحكن بقلب الجامعة»، وإذا شعر الوزير بأي خطر على ملفات الجامعة، فسيتوجه بنفسه إلى الأساتذة، الى حيث هم، داخل الجامعة، هذا ما ختم به بو صعب كلامه قبل عودته لمتابعة اجتماع مجلس الوزراء.
جاء الرد مباشرةً على بو صعب عبر مكبرات الصوت: «كل الثقة بمعاليه، لكن خوفنا ليس من وعد الوزير، بل خوفنا من 6 سنوات مريرة مع مجلس الوزراء الذي فقدنا كل ثقتنا به». مستشار الوزير سامي عجم نزل الى مكان الاعتصام بعد مغادرة الوزير بدقائق، شرح للحاضرين ما يحصل داخل مجلس الوزراء حول الاتفاق على آلية العمل، وقال باسم رئيس الحكومة تمام سلام، في محاولة لطمأنة المتعاقدين، إن مطالب الجامعة «التي نعرفها جميعاً لها أولوية عند انعقاد أول جلسة يصدر عنها قرارات.

عجم لم يستطع إعطاء المتعاقدين أي موعد لإقرار الملف، وسادت بعد مغادرته الفوضى في الأرجاء، الكل لم يقتنع بما سمعوه من بو صعب وعجم. «من غير المقبول أن ينتظر الأستاذ سنتين ليتقاضى راتبه»، يصرح أحد الأساتذة أمام عدسات الكاميرات بانفعال وعصبية، وقد توجه الى رئيس الحكومة بالسؤال: «لقد وعدتم بإقرار الملف عند تسلم ولايتكم، فلماذا عرقل الملف في جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 31 أيار؟».

حاول بو صعب أن يكرر فعلته بإقناع المتعاقدين بعدم مقاطعة الامتحانات
لم يتنظر الأساتذة «الاجتماع الطارئ» الذي دعا إليه أحد الحاضرين للجنة الأساتذة، بل تقرر أخذ الموقف عفوياً وتلقائياً: «مقاطعة تامة لكل الأعمال الجامعية حتى إقرار ملف التفرغ ونشر الأسماء في الجريدة الرسمية»، وقد حاول أحد الأساتذة إقناع زملائه بالتريّث والتراجع عن الإضراب، إلا أن الحاضرين جميعاً لم يتيحوا له فرصة التكلم.

الأساتذة تخوّفوا من أن تكون هذه الوعود التي تعطيها السلطة السياسية هي لإمرار الامتحانات حالياً، ثم تتراجع وتماطل بعدها في إقرار الملفات، ويأتي موقف الأساتذة بعد «وعود كاذبة» عديدة مع مجلس الوزراء دامت 6 سنوات.

التفرغ حق لنا وعليكم

وكانت اللجنة قد توجهت الى المسؤولين ببيان أعربت فيه عن استعدادها للاعتصام «من دون كلل أو ملل» في كل مرة ينعقد فيها مجلس الوزراء، ورأت أن ملف التفرّغ «حق لنا وعليكم». وقد ناشدوا رئيس الحكومة «لعدم السماح بتفريغ الجامعة من أساتذتها، والمساهمة في نهوض الجامعة». وثمّن البيان مواقف كل من رئيس الجامعة «الذي يناضل من أجل صلاحيات الجامعة»، ورئيس رابطة الأساتذة المتفرغين حميد الحكم «الداعم لملفات الجامعة اللبنانية، ولإعطاء ملف التفرغ أولوية».

المتعاقدون يرفضون لقاء الوزير

وزير التربية الذي نحج في السابق بإقناع هيئة التنسيق النقابية بالتراجع عن مقاطعة الامتحانات الرسمية، يحاول فعل الشيء نفسه مع الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية، فلم يكتف بمحاولة وحيدة خلال زيارته الاعتصام، بل حاول إحراج الأساتذة عبر الإعلان بشكل رسمي عن عقد اجتماع معهم، وقد حصل ذلك بالتنسيق مع «وسطاء»، على أن يُسلم خلال الاجتماع الأساتذة أسئلة الامتحانات ويُعلنوا التراجع عن الإضراب، إلا أن لجنة الأساتذة المتعاقدين لا يبدو أنها ستتراجع عن التصعيد، فأبلغت الوزير نيتها عدم حضور أي اجتماع مع أي أحد، باستثناء رئيس الجامعة اللبنانية وبناءً على دعوة رسمية منه.

حق الأساتذة في الإضراب

لا أمل بأي اتفاق قريب لمجلس الوزراء حول آلية عمله، وبالتالي فإن ملفات الجامعة لديه مؤجلة، وغير مضمون بتّها، ولا يوجد أي خطة عند أي من العمداء والمديرين في الجامعة اللبنانية حول كيفية متابعة جميع الامتحانات، وتحديداً امتحانات المواد التي يدرّسها المتعاقدون الذين هدد عدد منهم بالطعن في أسئلة الامتحانات التي قد يسلّمها أي أستاذ متفرغ نيابة عن أي متعاقد.

ما قام به بعض المديرين في عدد من الكليات هو تأجيل الأزمة، عبر تعديل برنامج الامتحان بحيث يبدأ الطلاب بإجراء امتحانات مواد المتفرغين، وتقذف مواد المتعاقدين الى آخر برنامج الامتحان، علّها تفرج. رهان المديرين على توفر حلحلة للأزمة خلال الأسبوع المقبل، وقد أعلن بعض المديرين صراحة صعوبة إجراء أكثر من نصف الامتحانات. كلية العلوم مثلاً: في فرع الكلية في الشمال، لن يستطيع الطلاب إجراء سوى 3 امتحانات من أصل 13، في الفرع الثاني في الفنار، أُعلن اليوم تأجيل 4 مواد بسبب الإضراب، على أن يعاد تحديد الموعد الجديد في وقت لاحق، بحسب البيان الصادر عن إدارة الفرع. فروع الجامعة في البقاع مشلولة بأغلبيتها، شمالاً ونتيجة الأزمة الأمنية التي مرت بها المنطقة، لم تستطع بعض فروع الجامعة فيها أن تنهي المنهاج بعد.

استراتيجية تعديل برامج الامتحانات وتأجيل عدد من الامتحانات الى وقت غير محدد، لم يشكلا أي حل حقيقي وجذري. في السابق تأخر العام الدراسي ليبدأ، هذه المرة سيتأخر لينتهي: تأجيل الامتحانات وحرمان الطلاب من حقهم بإجرائها في موعدها وحرمانهم من العطلة الصيفية التي يستغلها البعض للبحث عن عمل يستطيع من خلاله إعانة نفسه وعائلته، إضافة الى أن تأجيل إعلان النتائج وتأخيرها (في حالة مقاطعة التصحيح)، سيؤديان الى تأخير أو إلغاء سفر الطلاب الذين وافقت جامعات في الخارج على انتسابهم إليها لإنجاز الماستر أو الإجازة، كما أن شهر رمضان يقترب، وقد أعلن قسم كبير جداً من الطلاب صعوبة وحتى استحالة الدراسة بالتزامن مع شهر الصوم.