IMLebanon

الأدوية بين فكي المستوردين والصيادلة

Akhbar
محمد وهبة
يزور وزير الصناعة حسين الحاج حسن عدداً من مصانع الأدوية المحلية. زيارته تكشف عن معاناة صناعة لا يرتكز انتاجها على الطاقة، بل على توافر المواد الاولية والأسواق الخارجية. هناك قسم كبير من هذه الصناعة يرتبط إنتاجها بانتهاء حقوق الملكية الفكرية على الأدوية الأصلية، وبالتالي إنتاج أدوية الجينيريك، فضلاً عن المنافسة الكبيرة التي تتعرض لها هذه الأدوية من مستوردي الأدوية المحتكرين… ما هي هذه المصانع؟ ما هو إنتاجها وأين يذهب؟ما قيمة صادرات هذه الصناعة؟ ما أبرز مشاكلها؟

ثمة الكثير من الإجابات التي يبحث عنها وزير الصناعة حسين الحاج حسن في زيارته اليوم لمصانع الأدوية، ولا سيما بعد الاجتماع الأخير الذي عقده مع وزير الصحة وائل أبو فاعور، بحضور عدد من الصناعيين. ومن اللافت، أن تكون صناعة الأدوية المحلية مكشوفة على منافسة المستوردين في السوق المحلية، وأن تغلق عليها الأبواب في بعض الأسواق الخارجية، وخصوصاً الأسواق الخليجية.
إذاً، كيف تعيش مصانع الدواء في لبنان، فيما تتعرّض لمنافسة كبيرة من مستوردي الأدوية؟ ما العثرات أمام استيراد المواد الأولية؟ وما عقبات التصدير؟
كل هذه الأسئلة مبنية على مدخل أساسي يتعلق بواقع هذه الصناعة حالياً. فالمعروف أن مستوردي الأدوية الذين يسيطرون على السوق، يدخلون إلى لبنان كميات هائلة قيمتها بأسعار الاستيراد تبلغ 950 مليون دولار، لكنها تباع للجمهور بأكثر من 1300 مليون دولار، أي إن الأرباح الموزّعة في السوق على المستوردين، وعلى أصحاب مستودعات الأدوية والصيدليات تبلغ 350 مليون دولار. وبحسب المعطيات المتداولة في السوق، فإن المصانع اللبنانية تنتج أدوية بما قيمته 130 مليون دولار، تصدّر منها نحو 35.5 مليون دولار إلى بعض الأسواق الخارجية.
هذا يعني أن حجم السوق الإجمالية لاستهلاك الدواء في لبنان يبلغ 1300 مليون دولار، مضافاً إليها 100 مليون دولار مبيعات المصانع، وكميات الأدوية المهرّبة التي تدخل إلى لبنان بالطرق غير الشرعية، والتي تقدّر بما لا يقلّ عن 15% من حجم الاستيراد، أي ما يوازي 142.5 مليون دولار. وبالتالي، فإن قيمة الاستهلاك الإجمالي بلغت عام 2013 نحو 1542.5 مليون دولار. وقد يزيد هذا الرقم أو ينقص قليلاً بحسب نشاط المهرّبين، إلا أنه في كل الأحوال رقم كبير جداً على السوق المحلية، لأن حصّة الفرد في لبنان من استهلاك الأدوية تصل إلى 308.5 دولارات سنوياً، وذلك بعد احتساب النازحين السوريين من ضمن المقيمين، أي نحو 5 ملايين مقيم في لبنان.
على أي حال، فإن حصّة مصانع الأدوية من حجم السوق تبلغ 6.5%، وهي حصّة ضئيلة جداً. أما أسباب عدم قدرة المصانع على المنافسة في السوق المحلية، فهي تعود إلى الآتي:
ــ أن المصانع اللبنانية تصنّع أدوية جينيريك، أي أدوية شبيهة، وهذا النوع من الإنتاج يمثّل غالبية الإنتاج في هذه المصانع، التي لا تصنّع الأدوية الأصلية إلا بعد توقيع اتفاقات مع أصحاب الحقوق الاصليين، وهناك اتفاقات قليلة في هذه السوق.
ــ يمثّل تسويق الأدوية أحد أهم عوامل المنافسة في هذه السوق، ولدى المستوردين في هذا المجال قدرة كبيرة على تسويق أدويتهم لدى الأطباء، فيقدّمون إليهم حوافز كافية لوصف الأدوية المستوردة، فيما الثقة لا تزال ضعيفة بالمنتج اللبناني، وهو أمر ناتج عن ثقافة سائدة يسوّق لها المستوردون، ومفادها بأن المستورد فعّال أكثر، ويتلاعبون بعقول المرضى الذين يهتمون بصحتهم ويدفعون أكثر مقابل «الدواء الشافي».
ــ تجبر الدولة اللبنانية مصانع الأدوية على أن تصنّع أدوية أرخص ثمناً بنسبة تراوح بين 25% و40% بحسب صنف الدواء، ولا يمكن تسجيل هذا الدواء إلا إذا تأكدت الدوائر المعنية الرسمية أنه سيباع بسعر أرخص.
ــ لا يهم الصيادلة سوى تحقيق أرباح أكبر من مبيعات الأدوية، وبالتالي فإن سعر الدواء الأرخص يحقق لهم ربحاً أقل. فالمعروف أن جعالة الصيادلة على مبيعات الأدوية تراوح بين 18.5% و22%، وبالتالي كلما كان سعر الدواء المبيع أعلى، حقق الصيدلي ربحاً أكبر، وهذا يعني أن مصلحة الصيدلي أن يسوّق الدواء الأغلى ثمناً.
ــ فرضت نقابة الصيادلة رسماً مالياً على واردات المواد الأولية اللازمة لصناعة الدواء، يشبه الرسم المفروض على الأدوية المستوردة والمبيعة محلياً بنسبة تراوح بين 0.5% و0.25% من سعر المبيع للعموم. وقد أدى هذا الأمر إلى رفع كلفة الإنتاج في الصناعة المحلية، ما دفع مصانع الأدوية إلى تقديم شكوى قانونية رفضت نقابة الصيادلة تطبيقها إلا بعد ضغوط مارسها وزير الصناعة.