IMLebanon

بنت جبيل تنتفض على الفساد في توزيع المياه

بنت جبيل

داني الأمين

خلافاً لتصريحات المسؤولين المعنيين، تفاقمت أزمة المياه في منطقة بنت جبيل برغم كل المشاريع التي أُنجزت أخيراً بتمويل من مجلس الانماء والاعمار، والمقدرة بعشرات الملايين من الدولارات. دفع ذلك بعدد من أبناء بلدات بنت جبيل وعيناتا وعيترون الى النزول الى الشارع، والتوجه نحو مبنى مصلحة مياه بنت جبيل، والاعتصام داخله، مطالبين «بوقف الهدر والمحسوبيات في عملية توزيع المياه على الأحياء والأهالي»، متوعدين «باقفال مركز المصلحة والاعتصام على نحو يومي أمامها اذا لم تعالج المشكلة».

يرى رئيس الحركة الثقافية في لبنان بلال شرارة أن «المشكلة باتت واضحة، وهي تتعلق بالفساد وسوء الادارة، وعلى الجميع التحرك لمعالجة المشكلة فوراً»، لافتاً الى أن «الأهالي سينظمون اعتصاماً كبيراً امام مصلحة مياه بنت جبيل نهار غد السبت». ورأى أبناء حي «المحيريق» في بنت جبيل أن «كل مشاريع المياه المستجدة أفلحت في زيادة حصة أصحاب القصور والمنازل الفخمة، فيما تنقطع المياه عن منازل الحي منذ ثماني سنوات». يشير أحد موظفي مصلحة المياه في بلدة الطيبة في قضاء مرجعيون الى أن «عطلاً صغيراً أصاب محطة كهرباء الطيبة المركزية التي تؤمن ضخ المياه الى قرى وبلدات بنت جبيل ومرجعيون يوم السبت الفائت، وبرغم ان معالجته لا تحتاج الى أكثر من يوم واحد، وبرغم أن المدير العام لمصلحة مياه لبنان الجنوبي أحمد نظام حضر مرتين لمتابعة العطل، فان المعنيين بإصلاح العطل تأخروا كثيراً كعادتهم، ولأسباب معروفة».

المعتدون على الشبكة محسوبون على أطراف سياسية ولا تجري محاسبتهم

ورأى الموظف أن «المياه التي يجري ضخها من نهر الوزاني الى خزانات الطيبة قليلة جداً، تعادل 5 أمتار مكعبة يومياً؛ والمعروف أن مضخات الوزاني تستطيع ضخ 400 متر مكعب يومياً»، لافتاً الى أن «المنطقة بأكملها لن تحتاج الى المياه لو جرى ضخها على نحو طبيعي، لكن سبب الأزمة يكمن في تقاعس بعض الموظفين وفساد البعض الآخر، والمحسوبيات التي تجيّر المياه الى مناطق وأحياء دون أخرى». «إحدى بلدات المنطقة يُضخ المياه اليها على نحو كبير جداً، ومن أكثر من مصدر، وقد حفر لها بئراً ارتوازية خاصاً اضافياً، برغم ان معظم أبنائها يأخذون المياه دون دفع أي بدل أو رسم، والجميع يعلم بذلك»، يقول الموظف، مشيراً الى أن «بعض الموظفين يغضون النظر عن فتح عيارات المياه من قبل أصحاب المنازل الكبرى، التي تأخذ حصتها من المياه على حساب الفقراء الذين لا يستطيعون دفع الرشى».

تتحدث ريما شرارة (بنت جبيل) عن «التعديات على الشبكة عبر استخدام شفاطات تسحب المياه، مما يحرم بقية المشتركين منها، والمعتدون محسوبون على أطراف سياسية، لذا لا تجري محاسبتهم». كان اتحاد بلديات بنت جبيل، بالتعاون مع جمعية أصدقاء ابراهيم عبد العال، قد نظّم ورشة عمل يوم السبت الفائت، حضرها ممثلون عن وزارات الطاقة والمياه والبيئة والزراعة والاقتصاد والشؤون الاجتماعية، إضافة الى المدير العام لمؤسسة مياه لبنان الجنوبي أحمد نظام، ومدير مشروع الليطاني ناصر نصر الله، حيث عُرضت مشاريع المياه التي نفذها مجلس الانماء والاعمار، والتي زادت كلفتها على المئة مليون دولار اميركي. تحدث رئيس بلدية شقرا ودوبيه رضا عاشور عن «مشروع المياه على منسوب 800 متر، الذي لم ينفذ منذ عدة عقود»، فيما ينتظر «الأهالي والمزارعون التوزيع العادل للمياه على المناطق والأحياء، بعد أن تضع الجهات المعنية دراسة جغرافية للقرى وتوزيع الخزانات والبرك على نحو يفيد الجميع بطريقة علمية». من جهته، أشار إمام بلدة يارون الشيخ حسين سليمان الى ضرورة وضع خطة تربوية لمواجهة مشكلة هدر وسرقة المياه، لافتاً إلى أن «بلدة يارون لم تستفد حتى الآن من أي مشروع للمياه، ويضطر أبنائها الى شراء المياه طيلة فصل الصيف، فيما تنعم قرى أخرى بها». ولفت أحمد نظام الى أن «مشروع الطيبة لا يعمل طوال أشهر ثلاثة بسبب عدم القدرة على ضخّ المياه شتاءً، اضافة الى مشكلة أصحاب المرامل الذين يغسلون الرمال في مجرى النهر دون رقيب أو حسيب»، مبيناً أن «إنجاز مشروع حفر الآبار الارتوازية في وادي السلوقي قد يعوض عن هذه المشكلة»، وأن «مشكلة المياه هذا العام كبيرة جداً، اذ يجب ترشيد استهلاكها، ولا سيما أن بعض القرى لن تستفيد من المشروع الجديد لضخ المياه عبر محطة بلدة شقرا، لأن مؤسسة مياه لبنان الجنوبي غير قادرة مالياً على حل هذه المشكلة».

وفق معطيات حصلت عليها «الأخبار» من مجلس الإنماء والإعمار، يرمي مشروع تأهيل وتوسعة أنظمة مياه جبل عامل من مجلس الانماء والاعمار إلى توفير مصادر مياه اضافية، تراعي النمو السكاني حتى عام 2030 كحد أدنى، عبر تأهيل وتجديد المنشآت القائمة واستحداث منشآت مائية جديدة (كخزانات المياه ومحطات الضخ) وخطوط جر وشبكات توزيع في القرى والبلدات، للحد من الهدر في كميات المياه الموزعة في الشبكات القديمة. تبلغ قيمة الأشغال الممولة من البنك الاسلامي للتنمية /13.6/ مليون دولار اميركي، وتبلغ قيمة الاشغال الممولة من الحكومة اللبنانية /27.5/ مليون دولار اميركي، وذلك بحسب العقد الاساسي للمشروع