IMLebanon

الأمن أولاً: لا ممانعة تجارية وسياحية لـ«الفيز المسبقة»

Akhbar
محمد وهبة

حتى مساء أمس، لم تسبب الأحداث الأمنية المتتالية تداعيات كبيرة سياحياً، على عكس ما يحصل في القطاع التجاري الذي يشعر بالإحباط، إلا أن هذه الأحداث فتحت الباب أمام نقاش من نوع آخر يهم العاملين في مجال السياحة والتجارة أكثر من غيرهم، وهو باب التأشيرات المسبقة. الأمن العام يطلب الغاء هذه التأشيرات للرعايا الخليجيين، ومجلس الوزراء يرفض تلبية هذا المطلب. فما هي مقاربة التجار والعاملين في مجال السياحة؟
في الأيام القليلة الماضية، عادت الهواجس الأمنية لتطرق أبواب الموسم السياحي. مشهد المداهمات في أكثر من فندق، والتفجيرات في أكثر من منطقة، أحبط الذين يعولّون على هذا الموسم. بعض المحبطين يعيش حال ترقب وانتظار قبل إطلاق صرخات القلق والخوف، وآخرون رفعوا شعار «الأمن أولاً» لكسب فترة ما بعد رمضان. الكل يعوّل على هذه الفترة بوصفها ما بقي من موسم الصيف، إلا أن شعار «الامن أولاً» يحمل في طياته موضوعاً رفضه مجلس الوزراء، وهو «الفيز المسبقة للرعايا الخليجيين على قاعدة المعاملة بالمثل».

ويشير رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس إلى أنه «ليست هناك مقدسات في الموضوع الأمني، فالأمن يأتي أولاً ثم يليه الاقتصاد، وبالتالي إذا تطلّب تحقيق الأمن إقرار الفيز المسبقة، فنحن مع هذا الأمر. الأمن في لبنان يسمو فوق كل شيء». خلفية كلام نحاس تأتي على أساس أن «الرصيد الإيجابي الذي راكمناه مع حكومة المصلحة الوطنية استنفد من خلال شغور رئاسة الجمهورية، ومن خلال سلسلة العمليات الارهابية. كنا قد اعتقدنا بأن تفجير ضهر البيدر هو الاستثناء، لكن تبيّن أنها موجة أقوى من سابقاتها لجهة التوقيت والكثافة والأهداف». وفي الفترة التي سبقت مسلسل الارهاب، كان التجار قد عمدوا إلى «تخزين البضائع، وانصرفوا إلى حملات إعلانية ولو خجولة… للأسف إنها الصيفية الثالثة التي نخسرها في لبنان، وهذه كارثة موصوفة. أسمع من التجار إحباطاً ويأساً وغضباً وقرفاً».
وفي الواقع، فقد لاقت دعوة الأمن العام إلى الغاء الفيز للرعايا الخليجيين على المطار أو تعليقها لفترة محدودة، رواجاً لدى رؤساء نقابات سياحية، أبرزهم رئيس نقابة المطاعم والملاهي بول عريس، الذي رأى «أنه لا بدّ للدولة أن تأخذ إجراءات استباقية على الحدود، ويمكن القول إن الفيز المسبقة أصبحت ضرورة في مثل هذه الأوضاع». وموافقة عريس على هذا الإجراء لا تأتي تحت ضغط الموسم السياحي الضائع، بل في إطار مقاربة مختلفة تشير إلى أن الموسم السياحي لم يبدأ بعد، وأنه لا بد من الانتظار فترة أيام لجلاء الغبار عن المشهد الحالي، الذي يضجّ بالكثير من المعلومات غير الواضحة، والتي ليس معروفاً حجم تأثيرها على السياّح الخليجيين المنتظر قدومهم إلى لبنان في نهاية شهر رمضان، أي بعد نحو شهر.
هذه الأجواء لم تذهب في اتجاه نهاية مريحة للذين يريدون الأمن أولاً، بل أخذها مجلس الوزراء في اتجاه التعاطف مع دول الخليج، التي غالباً ما يُنظر إليها في لبنان على أنها دول الرعاية المالية. طبعاً في لبنان لا تطبّق مبادئ المعاملة بالمثل مع دول الخليج، وهذا الأمر هو ترجمة عملية للقاعدة الذهبية المبنية على توريد اليد العاملة إلى الخليج مقابل استيراد السياح، لكن المفارقة أن دول الخليج تفرض علينا الفيز السياحية المسبقة مقابل أن يمنح لبنان رعاياها الفيز على المطار.
هذه القاعدة لا تعمل لمصلحة اللبنانيين. فاستيراد السياح من الخليج بعدما ألغيت سمات الدخول قبل نحو 10 سنوات، تحوّل اليوم إلى ممر لتسهيل حركة دخول الارهابيين. وقد أصبح الارهاب يسابق الموسم السياحي. هو موسم يخترقه شهر رمضان في بدايته، ما يجعل تركيز العاملين في السياحة والتجارة على فترة عيد الفطر وما بعدها.
لكن هل هناك حلول غير الفيز المسبقة؟ يؤكد وزير السياحة السابق فادي عبود ان العودة إلى الفيز المسبقة سيمنع عن لبنان الكثير من السياح، لأن مثل هذا الإجراء سيتطلب أكثر من أسبوع للفيزا الواحدة، فيما يمكن أن «نحصل على المراقبة الأمنية على جوازات السفر بعد ربط آلات القراءة بخزانات المعلومات المتوافرة لدينا. هذا الحلّ يمثّل العلاج الأفضل لهذه المشكلة. بهذه الطريقة نمنع العودة إلى الوراء، أي الفيز المسبقة، لكننا نعزّز الرقابة الأمنية على حاملي الجوازات على المطار، حيث إنه خلال بضع دقائق ستظهر على شاشة القراءة كل المعلومات المتعلقة بصاحب الجواز».