IMLebanon

مقالع جرد تمنين الفوقا: انتحال صفة استصلاح اراض

تمنين-الفوقا

أسامة القادري

بين ذرائع رخص استصلاح اراضي وشق طرقات، ما زالت المقالع تعمل في جرد تمنين وتمتد الى صنين. عشرات الشاحنات تحمل يومياً أطناناً من الحجارة، وتعبر دون حسيب او رقيب، لتتحول الى امر واقع تمهيداً لمنحها مهلاً ادارية وسياسية كافية لاستكمال الجريمة البيئية

ينقسم اهالي بلدة تمنين الفوقا حول وجود ورش عمل في جردهم في الجهة الشرقية للبلدة، منهم من يعتبرها مقالع لسرقة الاحجار، واخرين يبررون وجودها بهدف استصلاح الاراضي الصخرية وتحويلها الى زراعية.

فرضية المقالع عززها تقرير «الاخبار» عن المقالع غير الشرعية في جرود بلدة بدنايل (مقالع فتوش «تطحن» صنين http://www.al-akhbar.com/node/206735 ، ورد رئيس مجلس إدارة شركة السلام للتطوير العقاري بيار فتوش، والردّ على الرد من رئيس بلدية بدنايل علي سليمان)، هذا التقرير كشف ان الحواجز الموجودة على معابر الجرد لمنع المواطنين من الاقتراب، ما هي الا حواجز تعود لمستثمري المقالع، بهدف منع كشف المجزرة البيئية، وعبر انتحال صفة عسكرية أو حزبية. على اثر نشر التقرير تحرك نشطاء في تمنين الفوقا، لعلمهم المسبق بوجود هذه المقالع، والدليل عبور الشاحنات والاليات التي خربت طريق بلدتهم الرئيسية. تصاعدت الاعتراضات على وجودها والمخاوف من أن تحول «هذه المقالع غير الشرعية»، الى مقالع تعمل ضمن المهل السياسية والادارية وبحكم الامر الواقع وتحت ذريعة عدم قطع ارزاق مئات العائلات وغيرها من الحجج والمسميات، اسوة بباقي الكسارات والمقالع المنتشرة على امتداد السلسلتين الشرقية والغربية وفي مختلف المحافظات، على قاعدة التوزيع الطائفي والغنائمي والانتخابي.

الواضح للعيان لمن يستطيع الوصول الى جرد تمنين الفوقا، وجود أكثر من 10 مقالع، على طول وعرض جرد البلدة امتداداً الى جزء من جرد بدنايل، والاخطر في الامر انها بمحاذاة جبل صنين، ما قد يمتد صعوداً الى المنطقة المصنفة من ضمن قمم الجبال المطلوب حمايتها، والتي تشكل خزان المياه الرئيسي للينابيع اللبنانية، خصوصاً ان المقالع عملت في جرد بدنايل، الواقع عقارياً في صنين، ما قد يهدد السلسلة الغربية ومياه لبنان الجوفية.
منذ نحو سنة ونصف، لا يبدو العمل في المنطقة مرتبط بشق الطرقات وبموجب تراخيص من وزارة الزراعة باستصلاح الاراضي، ضمن المشروع الاخضر، كما يحاول البعض ايهام الاهالي.

اشكالات عديدة وقعت بين الاهالي واصحاب الاليات والاراضي العاملة بها، حتى وصلت الى اتهامات باطلاق نار على المواطنين من اشخاص متهمين انهم يقيمون حواجز لصالح المقالع، تمنع بموجبها اقتراب الاهالي من الجرد، بحسب ما اشار الناشط ناصر كركلا، متهماً البلدية بالتواطؤ مع اصحاب المقالع، مقابل اموال طائلة، لتغطية تعدياتهم على الجرد والمشاع، وتخريب طريق البلدة الرئيسية، جراء مرور الاليات عليها.
يؤكد كركلا ان اكثر من 20 شاحنة تمر يومياً محملة بالصخور، واحيانا يصل العدد الى 40 شاحنة، تنقل على عينك يا تاجر، من دون حسيب او رقيب.

تعرض كركلا للضرب المبرح من قبل اشخاص يعملون على سرقة الصخور وتخريب الجرد، امام اعين شرطة البلدية. لم يحرك رئيس البلدية ساكناً، رغم ان الاعتداء استدعى دخول كركلا الى مستشفى دار الامل الجامعي في بعلبك للمعالجة. بدوره تعرض ابن البلدة حمزة ناصر لاطلاق النار اثناء تنقله في الجرد.
يوضح كركلا ان الطريق الى جرود تمنين الفوقا سالكة فقط للشاحنات واليات المقالع، ويمنع عبور اي من المواطنين، او من الاجهزة الامنية، تحت طائلة اطلاق النار، من قبل مسلحين يتمركزون عند المعبر الغربي باتجاه الجرد.

يؤكد الاهالي ان المسلحين يعملون لدى اصحاب هذه المقالع، ما اثار بلبلة في البلدة، وطالبوا الاجهزة الامنية بالعمل بسرعة على وقف هذه المجزرة البيئية، ولفت كركلا إلى ان تحركهم جاء بعدما «ادارت البلدية لنا الطرشاء ورفضت اتخاذ اي اجراء بحق هذه الاعتداءات».

«نحنا بنشيل الصخرة وبنزرع شجرة محلها»، بهذه العبارة حاول احمد جانبين، صاحب قطعة ارض في الجرد، ان يبرر عمله بنزع الصخور واستصلاح الاراضي، عارضاً صورة مصدقة من مسّاح، ليرد فيها على اتهامات بيار فتوش لهم بسرقة الصخور.
نحن نستصلح ارضنا الصخرية لنزرعها كرز وتفاح، حتى اننا نملك اراضي في جرد بدنايل. بحسب جانبين الذي أكد ان عمل الاليات يحدث بالاتفاق بين اصحاب الارض واصحاب المقالع، مقابل الصخور، استصلاح الارض وتجليلها.
من جهته، رد رئيس البلدية شوقي ناصر على اتهامات البعض له بالتواطؤ مع اصحاب المقالع، لافتاً الى ان العمل يجري في الجرد بناء على ترخيص باستصلاح الاراضي، عارضاً ترخيصين من المشروع الاخضر، اضافة الى موافقتين للمجلس البلدي على شق طريقين في الجرد، من دون ان يحدد في الترخيص العمق الذي يجب الوصول اليه.

ويضيف ناصر: «انا مع اي مزارع يريد استصلاح ارض زراعية في جرد صخري، ولأن الغالبية عاجزة عن تسديد الكلفة، عقدت اتفاقيات مع اصحاب الاليات الضخمة، ففي مقابل الحصول على الصخور يتم تجليل الاراضي واستصلاحها». وعن تخريب الطريق من دون مقابل، لفت ناصر إلى ان البلدية ألزمتهم بتزفيت الطريق، «بدأوا بفلش البحص على امل التزفيت خلال ايام». ونفى ناصر رواية قطع الطريق من قبل مسلحين، وان حادثة تعرض احد ابناء البلدة لاطلاق النار، كانت من قبل صياد في المنطقة، وان الاشكال الذي وقع بين كركلا واحد اصحاب الاراضي، كان خلافاً شخصياً، في المقابل لا ينفي انه زار برفقة اصحاب الاراضي والمقالع مسؤولاً أمنياً وطلبوا منه معاملتهم بالمثل اسوة بجميع العاملين في هذا القطاع، بدءاً من عرسال، ودير الاحمر ومقالع شرق زحلة، الى رعيت وضهر البيدر.

مصدر امني طلب عدم الكشف عن اسمه، أكد وجود هذه المقالع، ونقل صخور عبر تمنين الفوقا، وتحدث عن اعداد كبيرة من الشاحنات التي تخرج من تمنين باتجاهات مختلفة،«المشكلة في الغطاءات السياسية، التي تكبل عملنا، غطاءاتهم اقوى من القانون»، بحسب المصدر الذي احال المشكلة على الاحزاب «التي في العلن تعلن عدم تغطيتها فيما في الاجراءات نصبح نحن الجناة، ويجيزون لهم اقامة حواجز مسلحة باسمهم، تمنع الدخول الى الجرد بحجة وجود مراكز تدريب عسكرية». واوضح ان «دورية داهمت جرد تمنين، وحصل اشكال بين ابناء البلدة، وعلى الفور طلب منا ضبضبة الموضوع».

وكشف المصدر الامني ان العمل ليس استصلاح اراض زراعية كما يدعون، انما الهدف تحويل المقالع الى امر واقع، «يريدون مهلاً ادارية تمنحهم اقامة المقالع وقد تصبح بين ليلة وضحاها كسارات، قد تمتد الى كامل صنين». يرمي المصدر الامني المسؤولية على الوزارات المعنية، البيئة والمالية والزراعة، ويختتم قائلاً: «من دون لف ودوران تحركنا مرهون بتحرك الوزارات، وبرفع الغطاء الحزبي عن المخالفين».