IMLebanon

بريطانيا .. الإنتاجية لن تعود إلى مستويات ما قبل الأزمة

FinancialTimes
كريس جايلز

من المفترض على الاقتصاديين فهم التوقعات البشرية، لكن غالبيتهم ارتكب بالضبط الخطأ نفسه في تحليلهم للإنتاجية البريطانية. منذ بدء الأزمة الاقتصادية كان الرأي الجماعي هو أن الأداء الأخير للاقتصاد على الرغم من أنه فظيع، إلا أنه سوف يتحسن قريبا ويعود إلى الوضع “الطبيعي”. إنهم يدلون بالتوقعات نفسها في كل ربع، وظلوا على خطأ منذ عام 2008.
يرغب كل من الاقتصاديين ومشجعي كرة القدم من الإنجليز في سرد القصص لتبرير وجهات نظرهم. بعضها تبريرات عابرة: كان من المفترض على “الجيل الذهبي” من اللاعبين (2002-2010) تحسين حظوظ إنجلترا في كأس العالم، لكنه فشل في ذلك. وبالمثل كان ينظر في البداية إلى ضعف الإنتاجية على أنه نتيجة “اكتناز العمل” في الشركات في فترة الانكماش، فقط لتوظيف المزيد من الأيدي العاملة مع تعافي الطلب.
واستمرت اثنتان من الشائعات الكاذبة حول نمو الإنتاجية الكامنة أيضاً في الظهور. ارتبطت أولاهما باللورد كينج، محافظ بنك إنجلترا السابق، وكانت حول عدم وجود سبب للاعتقاد بأن هناك أي تغيير في نمو الطاقات الإنتاجية للاقتصاد في المملكة المتحدة، وأن الإنتاج على المدى الطويل سيعود إلى المسار الذي كان عليه في الفترة 1997-2007.
الثانية، ينادي بها بقوة آدم بوزن، وهو عضو سابق في لجنة السياسة النقدية للبنك، والآن رئيس معهد بيترسون، وهو مؤسسة فكرية، وهي أن مستوى الإنتاجية المحتملة لا يمكن أن ينخفض بسبب أنه لا أحد يستيقظ في صباح أحد الأيام ليجد أن ذراعه اليسرى مفقودة. وجادل بأنه لا يجب على صناع السياسة أن “يبرروا الارتداد العكسي من فترة عجز النمو التي انخفض فيها العرض الكلي، أو إمكانات النمو”.
القصة الأولى لا تعتبر مقنعة. وهناك أمثلة كثيرة على بلدان لديها تقلبات كبيرة في نمو الإنتاجية الأساسية، بما في ذلك الولايات المتحدة، ومن السخف أن نفترض معدلاً طبيعياً ثابتاً على المدى الطويل في المملكة المتحدة.
أما بالنسبة للثانية، فقد دحض إيان مكفرتي، وهو عضو خارجي من لجنة السياسة النقدية، في كلمة ألقاها الشهر الماضي، أطروحة فقدان الذراع اليسرى. ووجد تفسيرات وفيرة خاصة بالصناعة لانخفاض الإنتاجية من دون الحاجة إلى اللجوء إلى افتراض البتر الشامل. مثلاً استخراج النفط المتبقي تحت بحر الشمال يتطلب المزيد من الناس لكميات من النفط أقل مما كانت عليه قبل عقد من الزمان؛ وقد استلزمت الأزمة المالية امتثالاً أكثر صرامة في مجال الخدمات المالية والمساعدة؛ وتشديد الإجراءات الأمنية في المطارات قد يحتاج إلى مزيد من الموظفين لنفس عدد الركاب المنقولين. وخلص إلى أن هذه وغيرها من المحركات غير الدورية الأخرى للإنتاجية تمثل 60 في المائة من التراجع.
ويمكن انتقاد نتائج مكفرتي باعتبارها محاولة من جانبه لتفسير 5 في المائة فقط من الانخفاضات في الإنتاجية منذ عام 2007 بدلاً من تفسير 16 في المائة من الفجوات التي تعتبر الأكبر من ذلك بكثير بين المستويات الحالية من الناتج للفرد والتي من شأنها إذا سادت أن تستمر في الاتجاه الذي كان سائداً قبل عام 2007.
لكن تفكيك تلك الفجوة الأوسع لا يؤدي إلى تغيير جذري في القصة. في البداية، فإن الكثير من الفجوة الإنتاجية ظهر في قطاع البناء وتجارة التجزئة ومبيعات الجملة، بينما أصيبت الشركات فجأة بانخفاض في الزبائن. لكن بحلول عام 2010 كان قد تم إلقاء الوظائف وفي هذه القطاعات ارتفعت الإنتاجية إلى اتجاه ما قبل الأزمة.

في المقابل، كانت القطاعات المساهمة بشكل كبير ومستمر في الفجوة هي التمويل والتأمين، والخدمات المساعدة للتمويل، والخدمات البريدية، والمستحضرات الصيدلانية، والنقل. وعلى الرغم من أن هذه القطاعات تختلف قليلاً عن تلك التي أبرزها مكفرتي، لا تزال تبدو القوى غير الدورية أكثر أهمية.
هذا لا ينبغي أن يكون مفاجأة، لأنه لم يكن هناك أبداً معدل نمو طبيعي للإنتاجية الأساسية في الصناعات الفردية قبل الأزمة. بدلاً من ذلك، كان لبريطانيا سلسلة من القطاعات الفوارة – النفط والصناعة التحويلية، ثم التمويل – التي حافظت على مظهر نمو مستقر وسريع في قطاعات الاقتصاد. ثم ذهب حظنا معها.
يجب على القوى الدورية سحب أداء الإنتاجية، لكن لا ينبغي لأحد أن يعتمد على معدلات نمو ما قبل الأزمة للاستئناف، ناهيك عن العودة إلى الاتجاه السابق.
وبالتالي، يجب أن يتعلم الاقتصاديون من مشجعي إنجلترا في مونديال 2014. فتوقعاتهم لكسب كأس العالم، كانت منخفضة بشكل مناسب. وبالمثل، ينبغي على خبراء الاقتصاء أن يكفوا عن إيهام أنفسهم بأن نمو الإنتاجية سوف يعود إلى مستويات ما قبل الأزمة.