IMLebanon

379 ألف ليرة فقط متوسط أجر الشاب اللاجئ!

Akhbar

هديل فرفور
واحد وأربعون في المئة من الشباب السوريين اللاجئين في لبنان فكّروا في الانتحار، وفق دراسة «واقع الشباب المتأثر بالأزمة السورية في لبنان»، التي أطلقها صندوق الأمم المتحدة للسكان، بالتعاون مع منظمتي «اليونيسيف» و«اليونسكو» و«المفوضية العليا لشؤون اللاجئين» وجمعية «إنقاذ الطفل الدولية». المفارقة أن نتائج هذه الدراسة تزامنت مع اليوم العالمي للسكان الذي حمل شعار «الاستثمار في الشباب»! ذلك أن ما تظهره الدراسة يعكس حجم «هشاشة» واقعهم الصحي والتعليمي والاجتماعي والنفسي والمعيشي والاقتصادي، الذي يحول دون أي إمكانية في «استثمارهم»!
185 ألف شاب سوري لاجئ في لبنان تراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة في لبنان، حسب ما أعلن ممثل صندوق الأمم الممتحدة للسكان والمنسق المقيم في لبنان روس ماونتن، الذي يؤكد أن عوامل انفصال هؤلاء الشباب عن الشبكات الاجتماعية وتوقفهم عن التعلّم وعدم حصولهم على الخدمات الصحية والنفسية والاجتماعية، من شأنها أن تحدث وتعزز «سلوكيات خطرة لدى الشباب، بما في ذلك العنف الجنسي والاستغلال أو المتاجرة».
المؤسف أن غالبية هؤلاء الشباب يجبرهم وضعهم البيئي والعائلي على القيام بدور الكبار قبل الأوان، إذ تشير الدراسة إلى أن أكثر من نصف الشباب أعربوا عن ازدياد المسؤوليات العائلية الملقاة على عاتقهم بسبب سوء الحالة الاقتصادية التي تجبر غالبيتهم على العمل بأجور منخفضة، إذ يبلغ معدّل الأجر الشهري للشباب اللاجئين العاملين، الذين يشكلون 22% من مجمل الشباب اللاجئين، 379 ألف ليرة، أي ما يوازي 56% من الحدّ الأدنى للأجور. في حين أن معدّل الأجر الشهري للشابات أقل من معدل أجر الشباب بنسبة 30%. وتشير الدراسة إلى أن معظم العاملين هم موسميون في قطاع الزراعة أو في مشاغل، فيما 6% فقط خضعوا لدورات تدريبية مهنية. وتلفت الدراسة إلى أن الشباب العاملين اعتبروا أن طلب المساعدة من معارف هي الطريقة الأكثر فعالية لإيجاد عمل.

50% من الشباب أعربوا عن
أنهم لم يشعروا قط بالأمان خلال وجودهم في لبنان

أما الشباب غير العاملين، فإن 90% منهم يبحثون عن عمل ويقبلون بأجر منخفض لقاء أي عمل، و80% مستعدون للقيام بعمل لا يتناسب مؤهلاتهم.
يلفت ماونتاون إلى انتشار حالات التحرّش والاستغلال الجنسي وسوء المعاملة الحاصل بنحو واسع، وينقل شهادة إحدى الشابات السوريات اللاجئات، العاملة في قطاع الزراعة في البقاع، أنه لا يسمح لها بفترة استراحة أو بشرب ماء أثناء العمل، وذلك لأكثر من 15 ساعة… إلا إذا نفّذت خدمات «غير ملائمة»!
سوء المعاملة لا يقتصر على الشابات، ذلك أن 50% من الشباب أعربوا عن أنهم لم يشعروا قط بالأمان خلال وجودهم في لبنان، وحددوا الأسباب بانعدام الأمن عموماً والخوف من التحرّش الجنسي والجسدي وإجراءات السلطات المحلية والبلديات أو الأحزاب السياسية. وثلثهم يشعر بحاجة للمرافقة في حال الخروج من المنزل خلال النهار، وخصوصاً أن نصف حالات العنف الجسدي أو الجنسي التي أبلغ عنها الشباب حصلت في الشوارع.
الجدير ذكره أن الشباب اللاجئين يتجنبون لفت الأنظار، وفق ما خلصت إليه الدراسة، ويشعرون بأن اللبنانيين يعاملونهم بأسلوب فوقي ويجدون أن سبب هذا الأسلوب هو صعوبة الوضع الاقتصادي في لبنان. وبسبب هذا الأسلوب، فإن أقل من ثلث اللاجئين لديه أصدقاء لبنانيون! بالنسبة إلى تعامل الشباب اللبناني مع اللاجئ السوري، تشير الدراسة إلى وجود أحكام مسبقة لدى الشباب اللبناني وشعور فردي بالخوف من اللاجئ، فضلاً عن حالة خوف جماعية من اللاجئين بسبب عددهم ومدة وجودهم وتجارب سابقة معهم. بالنسبة إلى حالات التعاطف التي ذكرتها الدراسة، فإن جميعها من الشابات. علماً أن الوضع الصحي والمعيشي لهؤلاء الشباب يستدعي التعاطف من قبل الشباب والشابات على حد سواء. ذلك أن 30% من الشباب يقيمون في بناء غير مكتمل أو في مكان غير مصمم للسكن، أي لا تتوافر فيه الخدمات الأساسية. مثلاً، يقطن 24% في أماكن سكن بلا حمام، و21% من دون أن يحتوي سكنهم على مطبخ. ويقطن ما يعادله 8 أشخاص في كل مأوى سكن. وعلى الرغم من أن مصادر الدخل الأساسية هي الأجور والمساعدات، فإن الدراسة تلفت إلى أن 85% من العائلات تدفع إيجاراً شهرياً.
تشير الدراسة إلى انخفاض معدّل عمر الزواج (17 سنة للشابات و20 سنة للشباب)، وسجلت نسبة المتزوجات الشابات 46%، في حين أن 11% من المتزوجين شباب. هذه النسب تأتي منسجمة، وما نشرته الدراسة نفسها عن أن 90% من الشباب يرون أن ممارسة الجنس خارج إطار الزواج غير مقبولة. وبالتالي إن تدني عمر الزواج لديهم يأتي على اعتباره الوسيلة «الشرعية» الوحيدة لهم لممارسة رغباتهم الجنسية.
إلا أن ما يجب الالتفات إليه هو جهل غالبية الشباب بما تعنيه الصحة الإنجابية التي تترتب عن عملية الزواج. 55% من الشباب ليس لديهم معلومات عن وسائل تنظيم الأسرة، من ضمنهم 18% متزوجون! فيما 41% من الشباب المتزوجين لم يتقصّدوا أن يحصل الحمل خلال وجودهم في لبنان. وتعدّ العائلة المصدر الأساسي للمعلومات عن الصحة الإنجابية بالنسبة إلى الشباب. 45% رأوا أن العائلة هي المصدر الأساسي، و10% الأقارب و19% الأصدقاء.
اللافت أيضاً أن أغلب الشباب أبدوا رغبتهم في الإنجاب، باعتباره «إنجازاً مهماً وضرورياً»، و46% من الشباب المتزوجين ينوون الحمل والإنجاب في الوقت الحالي. فيما يجد 39% من الشباب أنه لا يجوز استعمال أي طريقة لتنظيم الأسرة!
إلا أن أهم ما أتت به الدراسة، هو إشارتها إلى الوضع النفسي المتدهور للشباب. إذ أعرب 89% من الشباب عن يأسهم من واقعهم، واعتبروا أن مشاعر القلق والخوف تصف وضعهم في معظم الأوقات. اللافت أن 17% من الشباب فكروا (كثيراً) في الانتحار، و24% فكروا أحياناً بإنهاء حياتهم أحياناً!