IMLebanon

الفراغ يدق الخطر… لقرنة شهوان جديدة تضبط المسار الداخلي من التفلّت والانهيار (بقلم رولان خاطر)

bkerki

 

 بقلم رولان خاطر

قد تكون الصيغة الحكومية التي يعتمدها الرئيس تمام سلام تمنع هيمنة أي فئة سياسية على أخرى، إلاّ أن “القبضة التعطيلية” باتت ممسوكة من كل طرف سياسي، وبالتالي باتت السلطة التنفيذية بشقيها الرئاسي والحكومي، ومجلس النواب، مرهونان بمدى إمكانية الوصول إلى حلحلة ما على مستوى السياسة الإقليمية التي تشد وزارها على عنق لبنان، وهو ربما امر مستبعد حالياً، أمام لغة العنف التي لم تأت ثمارها بعد، لا في سوريا ولا في العراق من جهة، ولا على مستوى الحرب بين كتائب القسّام واسرائيل التي بدأت أخيراً من جهة أخرى.

فبعض أطراف الصراع الدائر في المنطقة، تحاول بلورة ميزان قوى على الأرض، ينتج بدوره مساراً ديبلوماسياً، يجعل من المتقدّم أو المتفوّق عسكرياً الدخول في حقل المفاوضات من موقع القوي الذي يفرض الشروط، وتغيير المعادلات، فيما كما هي الأمور متجهة، فلا موافقة دولية على إمكان بروز معادلات ميدانية يمكن أن تعطي زخماً لفريق على آخر، في ظل الصراع السُنّي الشيعي، ولا إمكانية في الوقت الراهن للوصول إلى مفاوضات طالما أن الأرضية الخصبة لهذه المفاوضات لم تنضج، وبنودها منها ما هو واضح ومنها ما هو ضبابي، والمطلوب البقاء في الفوضى المنظّمة إلى حين، من دون البتّ في المشهد السياسي الاقليمي والدولي، مما ينذر بأن الستاتيكو الحالي اللبناني سيطول، وسيمدد حريق الفراغ إلى مؤسسات الدولة الأخرى.

ولربما، من هذا الواقع الخطير الذي يحدق بلبنان، خصوصاً في ظل إعادة استخدامه من قبل بعض المنظمات الفلسطينية معبراً لفتح جبهة الجنوب اللبناني مجدداً، ومن قبل “حزب الله” معبراً ولاحقا مقراّ للايديولوجية الايرانية في المنطقة، بات من الضروري واللازم إحداث خرق على مستوى الحالة اللبنانية.

وإذا كانت المعلومات التي ترددت عن ان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي سيقدم على خطوات مهمة تتعلق بالأزمة الرئاسية، وهي عدم استقباله في المرحلة المقبلة النواب المعطلين لانتخاب رئيس لبنان المسيحي – الماروني، فإن المرحلة تتطلّب أكثر من ذلك، مواقف أقل ما يُقال فيها “سيادية”، وأقلّ الايمان فيها، لقاء يجمع القوى المسيحية والمسلمة الحرّة من دون استثناء أي طرف.

فالمطلوب من بكركي، كإرث تاريخي وطني ونضالي، عدم الوقوع في فخ زواريب السياسة الداخلية، ولكنها في ظل التباعد الحاصل مسيحياً، والصراع الحاصل سُنياّ وشيعياً، وارتهان لبنان لهذا الصراع، أن تؤسّس لكيان وطني على غرار “لقاء قرنة شهوان”، يدق ناقوس الخطر، ويعمل على ضبط إيقاع الخطاب المسيحي خصوصاً، واللبناني عموماً، على مستوى وثيقة بكركي الوطنية، والخروج بعناوين معينة يبدأ العمل في سبيل تنفيذها، وأبرزها:

– صياغة تفاهم بين الأطراف المسيحية والمسلمة الحرّة، على غرار ما حصل في زمن الاحتلال السوري، في الفترة التي سبقت ثورة الأرز، يعلن بصراحة بدء المقاومة السلمية بكل وجوهها لصدّ الوصاية الإيرانية وتحرير القرار اللبناني من القبضة الفارسية، ومنها رئاسة الجمهورية.

– إعلان التعبئة السياسية والشعبية اللازمة لمواجهة الانقلاب على المؤسسات والدولة، واستنفار كل الجهود العربية والدولية في سبيل محاصرة الفراغ الحاصل، والفرض باتجاه انتخاب رئيس للبلاد في أسرع وقت.

– بلورة خطة تنفيذية للوصول إلى إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون يراعي بشكل أو بآخر هواجس كل الفئات وخصوصاً المسيحية والدرزية منها.

أمّا على الصعيد المسيحي:

– فصياغة تفاهم مسيحي يكرّس مبادئ بكركي الوطنية، ويحافظ على ثوابت الرموز المسيحية في الدولة، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية.

– العمل على كل ما يحقق الحضور المسيحي في السلطة، والنظام، وعدم التهاون في أيّ طرح يستهدف في العمق جوهر القرار المسيحي في إبقاء لبنان موطناً للعيش المشترك وللحريات العامة فيه.

– الوصول إلى اتفاق على رفض أي مشروع، مموّها كان أم علنياً، مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، يطال عمق وجوهر أسس اتفاق الطائف، والتشديد على التمسك ببنود هذا الاتفاق، والمناصفة، كبند أساس في أي علاقة مع الشريك المسلم.

– التأكيد على مجابهة كل خطر يستهدف المسيحيين في بنيتهم التكوينية، والتاريخية، والاجتماعية، والديموغرافية، والجغرافية، والجيوسياسية، بكل الوسائل.

إذاً، فالجمود الحاصل في المشهد السياسي، لا تحركه إلا الخطوات السياسية الكبرى، وعدم التلهّي في قنوات الحوار التي تستجدّ كل فترة بين هذه الجهة أو تلك، على الرغم من اهميتها. فالمطلوب واحد، عودة الجمهورية.