IMLebanon

معهد التمويل الدولي: السياسة المالية الكويتية.. خامدة كسولة

InternationalFinance

قال معهد التمويل الدولي في تقرير صدر عنه مؤخراً ان نمو النشاط الاقتصادي غير النفطي في الكويت يتحسن الآن بشكل متواضع بعد فترة اتسمت بتخلف الكويت عن نظيراتها في هذا الصدد، لاسيما في ظل التقصير الذي شهده تطبيق أهداف خطة التنمية لعامي 2010 و2014.
وأضاف التقرير الذي حمل عنوان «الكويت: تحسن آفاق الإصلاح»، أن البلاد لا تزال واحدة من أكثر دول المنطقة اعتماداً على عوائد النفط، وتتراجع في تصنيفات التنافسية العالمية وسهولة ممارسة أنشطة الأعمال. علاوة على ذلك، لفت التقرير إلى استمرار الكسل والخمول في بعض النواحي الأساسية مثل السياسة المالية. ولا يزال مستوى الدعم والمساعدات الاجتماعية مرتفعاً، واستهدافها غير فعال، وهناك قصور في إنفاقات رأس المال، ولا تزال الإيرادات غير النفطية منخفضة. في الآونة الأخيرة، كان هناك انخفاض المشاحنات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بعد انتخابات يونيو 2013.
هذا ويرى معهد التمويل الدولي أن إعادة ترميم نظام الاستثمار المباشر، وفتح النظام المصرفي أمام المزيد من البنوك الأجنبية، والتحسن التنظيمي في أسواق المال، وممارسات حوكمة الشركات جميعها يدل على الرغبة المتجددة من جانب السلطات لمعالجة القصور في بيئة العمل، والسعي وراء معدلات نمو أعلى. وقال التقرير «يبقى أن ننتظر كيف ستنجح هذه المعايير، نظرا إلى القائمة الطويلة من التحديات الهيكلية التي تستدعي إجراء تغييرات حاسمة، وهشاشة الإجماع السياسي السائدة».

النمو غير النفطي
توقع التقرير أن يبلغ النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي 2.6 في المائة في 2014، مقارنة مع 2.1 في المائة المتوقعة لعام 2013. كما توقع أن يظل النمو خافتاً نظراً إلى أن الزيادة الحادة في إنتاج النفط لعامي 2011 و2012 لن تتكرر. علاوة على أن التغير الأخير في سنة الأساس لحسابات الدخل القومي عام 2010 تشير إلى توقعات بنمو أقل في الناتج المحلي الإجمالي مما كان متوقعاً بناء على بيانات سنة الأساس 2000.
أما التغيرات الدورية في سنة الأساس فالمراد منها قياس الهيكلة الاقتصادية للبلاد بشكل أكثر دقة. وعلى غير العادة، في وضع الكويت، لم ينتج عن الممارسة أي زيادة في تقدير حجم الاقتصاد كما هو مقاس بالناتج المحلي الإجمالي وفق الأسعار الحالية. وفي السعودية، على سبيل المثال، تمت مراجعة حجم الاقتصاد إلى أكثر من 15 في المئة نتيجة التغير في سنة الأساس.
وأضاف التقرير أن النتيجة الرئيسية لعملية وضع أساس جديد في الكويت كانت زيادة حصة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي وفق أسعار ثابتة، من حوالي 35 في المئة إلى قرابة 45 في المئة، مما تسبب بتضخم تأثير هذا القطاع على نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل عام مقارنة مع الحسابات القديمة. على سبيل المثال، تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقية لعام 2011، تم مراجعتها من 6.3 في المئة إلى 10.2 في المئة.
ومنذ ذلك الحين، اعتمد النمو بشكل كبير على القطاع غير النفطي، بعد استقرار إنتاج النفط. هذا وعزا التقرير النمو غير النفطي المتوقع في 2014 البالغ 4.5 في المئة، إلى إنفاق الحكومة، وتحسن النمو الائتماني. وفي حين يرمي النزاع الحاصل في العراق بظله، إلا أن انتقال العدوى إلى الاقتصاد تبقى محدودة حتى الآن. هذا وتشهد ربحية الشركات الآن تحسناً، وفي حين يعد النمو الائتماني معتدلا في سياق دول التعاون، إلا أنه يحلق قرب أعلى مستويات له منذ سنوات في البلاد.
من جانب آخر، قال التقرير أن تأجيل تنفيذ المشاريع المتوقعة في خطة التنمية 2010 و2014، أثّر عكسياً على تسليم الخدمات، ونتجت عنه زيادة الازدحام في المنشآت على ضوء زيادة السكان. وأضاف أن الإعلان عن خطة التنمية 2019/2015 في الأشهر القادمة قد يتضمن الكثير من المشاريع التي كان من المفترض تنفيذها ضمن الخطة السابقة. أما البنية التحتية فستظل محورا مهما في خطة التنمية، التي ستضم توسعة القدرة الاستيعابية للموانئ البحرية والجوية، وسكة الحديد، ومصانع الكهرباء، والمستشفيات، والسكن الجديد، إضافة إلى مشاريع توسعة المصفاة الضخمة.

ضغط الأسعار
لفت التقرير إلى أن السياسة النقدية متكيفة في سياق ربط سلة العملات، حيث يعد الدولار المكون الرئيسي. وقال إن التضخم وصل إلى 2.9 في المئة في مايو على الأساس السنوي، بينما كان السكن هو الدافع الرئيسي للتضخم. هذا وقد يسبب التصاعد المتواضع في النمو غير النفطي ارتفاع مستويات التضخم، لكن أي زيادة في الأسعار المحلية قد تتم موازنتها من قبل التضخم الخارجي المحدود. أما الانخفاض المحتمل في دعم الوقود أو الخدمات، وهو أحد أعلى المستويات في المنطقة، فسيكون له تأثير لمرة واحدة في الأسعار.

تحديات طويلة
يرى التقرير أن البيروقراطية، وقواعد العمل المقيدة، وصعوبات الحصول على تمويل تشكل عقبات رئيسية. ويجب أن تتحسن تصنيفات الكويت في التنافسية الدولية وسهولة ممارسة أنشطة الأعمال تدريجياً على إثر التغيرات التي طرأت على التشريعات، لاسيما إعادة هيكلة هيئة تشجيع الاستثمار المباشر بحيث تبسط إجراءات الحصول على التراخيص، وتقصير مدة التطبيق.
وأضاف التقرير أن الخطوة الأخيرة المتمثلة باتاحة الفرصة أمام البنوك الأجنبية لفتح أكثر من فرع واحد قد يعزز التنافسية ويحسن من توافر التسهيلات الائتمانية. ويشهد نمو الإقراض تحسناً تدريجياً بعد أن وضع النظام المالي وراءه ضغوط الميزانية العمومية التي واجهها في الأزمة المالية عام 2009.
ومع ذلك، يقول التقرير ان الإصلاحات الهيكلية تواجه حتى الآن مقاومة بيروقراطية، إذ تنخرط الدولة في تقديم سلسلة من الخدمات. على سبيل المثال، لا تزال خدمة الهاتف الأرضي متوافرة من خلال وزارة المواصلات. وفي حين أن عددا من نظراء الكويت في المنطقة يعكف على اتخاذ خطوات فاعلة في رفع مستوى الكفاءة والتنافسية الدولية، إلا أن هذه الاستراتيجية تبدو مطبقة في الكويت بطريقة أكثر محدودية. في الوقت ذاته، وفي حين توجد رغبة في التحول إلى نظام النمو بقيادة القطاع الخاص، إلا أن هناك تقدما محدودا في الخصخصة، وندرة في عمليات الاكتتاب العام.
من جانبها، عالجت دول خليجية أخرى مخاوف تتعلق بالتسعير وهيكلة السوق، والتوظيف من خلال تأسيس هيئات تنظيمية في بعض القطاعات، حيث جرت الخصخصة، والاحتفاظ بأسهم حكومية رئيسية.
بالنسبة لأسواق العمل في الكويت، فلا تزال مشوهة، وتراجعت محفزات عمل المواطنين في القطاع الخاص، بعد الزيادات المتتالية في أجور القطاع العام خلال السنوات الأخيرة. ولتعديل هذه الناحية، تقوم الدولة بزيادة دعم توظيف المواطنين في القطاع الخاص من خلال الميزانية.

فوائض ضخمة
استطاعت الكويت توليد فوائض تجارية كبيرة تساوي 49 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2013، بفضل الصادرات النفطية، على الرغم من استقرار هذه الأخيرة. أما الصادرات غير النفطية التي تشكل 6 في المئة فقط، وتتكون بشكل رئيسي من منتجات بتروكيماوية، فارتفعت بنسبة 11 في المئة. على العكس من ذلك، ارتفعت واردات السلع إلى أكثر من 9 في المئة، مما عكس قوة نمو القطاع غير النفطي. أما صافي دخل الاستثمار فكان كبيراًُ وبلغ حوالي 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وعكس الأصول الخارجية المتزايدة والكبيرة. بالنسبة لميزانية الخدمات فبقيت في العجز الذي يعادل حوالي 6.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. أما التحويلات فبقيت مرتفعة وبلغت أكثر من 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وعلى ضوء التغيرات هذه، عادل فائض الحساب الجاري 39.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ثاني أعلى معدل في العالم، ومن المتوقع أن يظل مرتفعا ويبلغ 38.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2014.

الاستثمارات الخارجية
قال معهد التمويل الدولي: تساهم الفوائض الخارجية الكبيرة للكويت بتكدس الأصول الأجنبية السريع، ومن المتوقع أن يرتفع صافي الأصول الخارجية إلى 457 مليار دولار، أو 238 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2014، مدفوعا من الحكومة، إضافة إلى تدفقات استثمارات المحفظة الأخرى للخارج. في هذا السياق، تشير التقديرات إلى أن الهيئة العامة للاستثمار والكيانات غير المصرفية الخاصة تشكل حوالي 85 في المئة من إجمالي الأصول الأجنبية، فيما يدير البنك المركزي والبنوك التجارية البقية.
إلى هذا، قال التقرير ان إجمالي الالتزامات الخارجية للكويت صغير نسبياً، وتشكل أنشطة التمويل البنكية حصة كبيرة منها. ومع ذلك، يشير الاعتماد المرتفع على النفط إلى أن أي هبوط حاد ومستمر في أسعار النفط قد يثبط النظرة المستقبلية الوردية، ويعكس تكدس الأصول الأجنبية.
من جانبهم، يمكن للأجانب الاستثمار في الأسهم بشكل مباشر، لكن استثمارات المحفظة الأجنبية في الداخل تبدو باهتة، إذ يمثل الأجانب جزءاً صغيراً من القيمة المتداولة في سوق الكويت للأوراق المالية. ويرى التقرير أن أي تحسن في ربحية الشركات وعمليات الاكتتاب العامة قد يحفز بعض المستثمرين على الاهتمام، لكن تدفقات الأسهم بشكل عام من المرجح ان تظل منخفضة في ظل البيئة الراهنة. كما تشير إصدارات الديون المحدودة إلى أن أسواق الدخل الثابت لا تزال غير متطورة.

استثمارات أجنبية ضعيفة
قال تقرير معهد التمويل الدولي: تظل ملكية العقار من قبل الأجانب محدودة، ويحول الدستور دون اتفاقيات الشراكة بالإنتاج في قطاع النفط. ونتيجة لذلك، تعد تدفقات الاستثمار المباشر إلى الدخل ضعيفة جداً مقارنة مع جارات الكويت في المنطقة التي استطاعت جلب الاستثمارات الأجنبية في قطاعي الهيدروكربونات والعقار. ويقول التقرير عن القانون الجديد لتشجيع الاستثمار المباشر ان تأثيره قد لا يكون كبيرا بما يكفي. وأضاف أنه حتى الآن سيكون اختبار مدى إثمار هذه المساعي وجديتها خاضعا لممارستها عملياً، نظراً إلى النجاح المحدود الذي شهده نظام الاستثمار المباشر السابق