IMLebanon

اللجنة الوزارية تنتظر الرد التركي: استيراد المياه دخل مرحــلة التفاوض

Akhbar

جلسة مهمة شهدتها أمس السرايا الحكومية للجنة الوزارية في اجتماعها الثاني لبحث ازمة الجفاف في المياه. وفيما أعلن رئيس اللجنة سمير مقبل أنه «تم التفاهم على معالجة آنية لأزمة الشح في المياه عن طريق حفر الآبار، وقد باشرنا بحفر قسم منها في بعض المواقع وسنتابع حفر آبار أخرى بعد استكمال خبراء جيولوجيين دراستهم لتحديد مواقع جديدة لها في مهلة أسبوع لتفي بقسم من الحاجة». وأشار الى أن «استيراد المياه قد استبعد».

إلا أن مصادر اللجنة قالت لــ «الأخبار» أن اللجنة لم تسقط خيار استيراد المياه من تركيا، في مرحلة لاحقة، اذا لم يجرِ تغطية النقص المتوقع على نحو كامل.
وكشف وزير البيئة محمد المشنوق في حديث لـ «الأخبار» انه خاطب السفير التركي في بيروت اينان اوزيلديز بتكليف من اللجنة الوزارية، طالباً منه ان تقدم الحكومة التركية عرض اسعار رسميا لكلفة استجرار المياه من تركيا الى لبنان. ولفت المشنوق الى انه لا يزال ينتظر الجواب التركي لتقدير الكلفة الحقيقية لهذه العملية، وخصوصاً ان المعلومات الاولية حول الكلفة لم تكن واضحة كفاية، ليبنى على اساسها القرار النهائي. وفيما تشير التقديرات الاولية الى أن لبنان في حاجة الى 100 الف متر مكعب من المياه يومياً، ليس معلوماً بعد الكلفة الحقيقية لشراء هذه الكمية من تركيا، وما اذا كانت هذه الكلفة تشمل النقل والتفريغ في محطة التخزين في الضبية، وكذلك ما اذا كانت تشمل كلفة التكرير، او ان المياه ستكون بحاجة الى التكرير قبل استعمالها، وهنا يطرح السؤال عن الكلفة الاجمالية والنهائية، وهل الرقم الذي جرى تداوله حول كلفة الدولار الواحد للمتر المكعب دقيق؟ والسؤال الاهم هل النقص الحالي يصل الى مئة الف متر مكعب، وما هي المعطيات التي جرى على اساسها تقدير هذا الرقم؟

إسرائيل تستورد خمسين مليون متر مكعب بكلفة
٣٠ سنتاً للمتر
وحول هذه النقطة يلفت المشنوق الى ان العرض الرسمي التركي سوف يحسم هذه المسألة، وإذا تبين ان هذا السعر يشمل التكرير وكلفة النقل والتفريغ، فهو سعر اقل بكثير من السعر الحالي لشراء المتر في لبنان عبر اصحاب الصهاريج الخاصة، ودون ان يكون هناك اي رقابة على نوعية هذه المياه والمكان الذي عبئت منه.
اما بشأن تقدير النقص اليومي للمياه، فيؤكد المشنوق ان اللجنة الوزارية لا تزال تنتظر الارقام التي يفترض ان تقدمها وزارة الطاقة. ويجب ان توزع هذه الارقام على اساس ايام الشحائح التي يتوقع ان تستمر لغاية منتصف شهر تشرين الثاني. والاهم برأي المشنوق ان توزّع هذه الارقام على خرائط توضح النقص في كل منطقة. فعلى سبيل المثال منطقة كسروان يمكن ان تغطي نقصها من خلال سد شبروح، ومناطق اخرى يمكن ان تغطي نقصها من ابار ارتوازية حالية، او من خلال حفر ابار جديدة، لكن جميع هذه التقديرات يجب ان تبنى على معطيات علمية دقيقة، وبالاستناد الى الموقع الجغرافي، وحينها يمكن ان يتخذ الخيار النهائي والصائب حول الكمية المطلوبة يومياً لتعويض النقص وفي اي مناطق.
ولفت المشنوق الى ان اللجنة الوزارية اتفقت امس على المضي في خيار حفر ابار ارتوازية في عدد من النقاط، اضافة الى التفاوض مع اصحاب بعض الابار الارتوازية للاستفادة منها.
كذلك ركزت اللجنة على ضرورة اطلاق حملة وطنية لترشيد الاستهلاك، وخصوصاً المياه المستخدمة في المنازل والري، لجهة ضبط مواسير مياه الصرف الصحي، اضافة الى المياه المستخدمة في حمامات السباحة وري الحدائق والاراضي الزراعية وغيرها، لافتاً الى انه اذا نجحت حملة ترشيد الاستهلاك، يمكن تقليص كمية النقص اليومية في المياه الى حوالى ٢٥ بالمئة، كاشفاً ان زيادة عدد الابار الارتوازية يمكن ان تؤدي بدورها الى تأمين ما يزيد على ٤٠ بالمئة من النقص، اما بشأن الكمية الباقية، اي حوالى ٣٥ الف متر مكعب فهي لا تزال موضع نقاش، وهناك رايان حول الموضوع. الراي الاول يقول بضرورة استيراد هذه الكمية من تركيا، والرأي الثاني يقول بضرورة البحث عن خيار حفر المزيد من الابار الارتوزاية، اضافة الى اعتماد التقنين، والتشديد على الرقابة ووقف الهدر، ما يؤدي الى تقطيع فترة اشهر الشحائح دون الحاجة الى خيار الاستيراد من الخارج.
واشار المشنوق الى ان اسرائيل تستورد حوالى خمسين مليون متر مكعب من المياه من تركيا، بكلفة تصل الى ٣٠ سنتا اميركيا للمتر المكعب، لكن هذا الاتفاق سنوي، وجرى التفاوض عليه، وبالتأكيد فان لبنان لن يستطيع ان يحصل على نفس السعر اذا كانت كمية الاستيراد لا تتجاوز ٧ ملايين متر مكعب من المياه، مشيراً الى ان توقيت التفاوض ايضاً يؤدي دورا في تحديد سعر الكلفة، ولا يمكن ان تحصل على سعر جيد اذا جرى التفاوض تحت الضغط، وفي فترة الشح وضمن ظرف طارئ مثل الذي نمر به. وأكد وزير البيئة ان طريقة النقل من تركيا لم تحسم ايضاً، فهناك خيار البالونات البلاستيكية العائمة، وخيار النقل عبر السفن، وما اذا كان السعر يشمل التكرير وغيرها من الاكلاف، متوقعاً ان تصل كلفة المتر المكعب الى حوالى ١.٥ دولار اميركي إذا حسم خيار الاستيراد.
بدوره اكد النائب محمد قباني في اتصال مع «الأخبار» أنّ خيار حفر المزيد من الابار الارتوازية جرى الحديث به منذ شهر اذار الماضي، وحينها رفعنا الصوت وطالبنا بالعمل الفوري على حفر هذه الابار، والامر نفسه اوصت به البعثة الألمانية برئاسة الدكتور هانس ميليوس، لكن للاسف الشديد، لم تبدأ الاعمال بعد، واتحدى ان يكون هناك مسمار واحد قد ضرب في الارض.
وشدد قباني على ضرورة التعجيل في حسم خيار الاستيراد من تركيا، كاشفاً أنّ مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان، هي الجهة المخولة توقيع الاتفاق مع الجانب التركي، بحسب مع افاد به الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي. وأضاف قباني إن كلفة هذه الاتفاقية سوف تدفع من ميزانية المصلحة، وهذا امر بديهي. ولفت قباني الى انه تسلم خارطة توضح الامكانية التقنية لرسو الباخرة التركية قبالة مصلحة المياه في الضبية، وانه يمكن نقل المياه من الباخرة الى الخزانات عبر نفق تحت الارض. واوضح ان عملية تفريغ الحمولة ستكون اصعب في الديشونية، لذلك اقترح قباني ان تُحل ازمة مياه بيروت من خلال الاستيراد من تركيا، اما بقية الساحل والضواحي، فيمكن حل النقص اليومي الذي سيلحق بها من خلال الابار الارتوازية وغيرها من الوسائل.
وكشف قباني أن مسألة ترشيد الاستهلاك، تحتاج الى جهد اكبر، واعطى مثالا على ذلك قيام عمال النظافة في شركة «سوليدير» بشطف الطرقات بالمياه الغزيرة، وانه نبه من خطورة هذا الموضوع، لانه حتى لو كانت شركة «سوليدير» قد حفرت ابارا ارتوازية لتغطية استهلاكها، فإنه لا يحق لها ان تستهلك بهذه الطريقة غير المدروسة، لان المخزون الجوفي للمياه ملك للبنانيين جميعاً، وليست ملكاً لشخص او لشركة.
ورد قباني على الذين وصفوا خيار الاستيراد من تركيا بانه معيب بالقول: «اعطونا حلولا عملية بدل التنظير، وهل المطلوب ان نبكي في ايلول من قلة المياه؟ الخيارات البديلة تحتاج الى خطة طويلة الامد مثل سد العاصي وسد الدامور وغيرها، هذه مشاريع تحتاج الى عدة سنوات، ونحن نبحث عن حل لهذا العام، وربما تكون السنة المقبلة ايضاً قليلة الامطار، وعندها ستقع الكارثة، لذلك اقول ليس من المعيب ان نستورد من تركيا، بل من المعيب ان تقترب الكارثة منا من دون ان نوقفها».