IMLebanon

القطاع السياحي يتراقص على لهيب اللااستقرار

Nahar

ميليسا لوكية

تعاني بلادُ الارز التي كانت ذات يوم قبلة الشرق والغرب، والارض التي شرّعت ابوابَها أمام ألاف السيّاح الوافدين من كلّ انحاء العالم، مشكلةً فعليّة تهدد القطاع السياحي الذي طالما انعش الاقتصاد اللبناني. ولعلّ عيد الفطر الذي بات على الأبواب، يشكّل ومضة أمل بالنسبة الى اصحاب المطاعم والفنادق لكي تستعيدَ مؤسساتهم بعضاً من الايام الذهبية التي ولّت، علّ القطاع يستفيق من سُباته من جديد وعلّ السياحة تسترجع ما فقدته من مجد ولّى واقبال تدنّى.

عاشت السياحةُ في بيروتَ فترةً مُشبعة بالازدهار في العامين 2009 و2010، فحصدت ألقاباً مختلفةً وتصدرت لائحات عدة: حلّت بيروتُ في المركز الأول في لائحة المدن التي يجب زيارتها، وقد تضمنت اللائحة التي اعدتها صحيفة الـ”نيويورك تايمز” الاميركية 44 مدينة حول العالم. ثم اطلقت عليها الـ”سي ان ان” لقب افضل مدينة للحياة الليلية الحية قبل ان تدرج صحيفة الـ”سانداي بريتش” البريطانية لبنان في المركز التاسع ضمن قائمة افضل الاماكن السياحية.

لكنّ الحالَ لم تدمْ طويلاً، واستحالت الالقاب حملا ثقيلاً ارهقَ بيروت. فبعد سلسلة التفجيرات المتتالية التي هزّت لبنان في الآونة الأخيرة، ونتيجة غياب الاستقرار والامن اللذين افترشا ارضا بعيدةً من الشرق، وجد القطاع السياحي نفسَهُ امام معركة معقّدة عليه اما النضال من اجل التفوق عليها، اما الاستسلام أمام بطشها. ورغم كل المحاولات والجهود التي بذلتها المؤسسات السياحية لكي لا تنقطع انفاسُها، لم يتمكن بعضُها من تحمّل الخسائر التي الحقت بها، فاضطر 120 مطعماً بينها اربعة من اكبر المطاعم في بيروت وأربعة فنادق الى اقفال ابوابها العام الفائت بسبب غياب السياح الخليجيين والاجانب، كما شكت مؤسسات اخرى من نسبة الحجوزات الضئيلة، ما دفع باداراتها الى الاستغناء عن بعض العمال أو تقليص دوامات عملهم.

وبعد تصاعد وتيرة العمليات الارهابية، واصل مسلسل التدهور السياحي تقدّمه، اذ عمدت بعض وزارات دول العالم الى رسم خرائط لرعاياها تحدد فيها المناطق اللبنانية المحظّرة على الاجانب، والمناطق المتاحة امامهم، فيما طلبت بعض سفارات الدول العربية الى رعاياها عدم التوجه الى لبنان. فانكبّ وزير السياحة ميشال فرعون على وضع خطة لطرح برامج سياحية متكاملة للمناطق التي لا تلحظها التحذيرات من السفر، وتمنى على الخطوط الجوية اللبنانية «الميدل إيست» المساهمة في الترويج للبنان والتسويق له. وخلال مشاركته في فعاليات “معرض سوق السفر العربي 2014″، اطلق فرعون خطةً تتضمن مجموعة الرزم السياحية والموقع الالكتروني الجديد الذي سيروج لها وللسياحة في لبنان، باسم “لبنان يحبّ الحياة”.

في المقابل، وخلال الفترة التي استتب فيها الامن لفترة قصيرة نتيجة نجاح الخطط الامنية في طرابلس وغيرها من المناطق، تجدّدت الآمال بموسم سياحي ناجح وتوقع أصحاب المؤسسات السياحية والفنادق ان يتهافت محبو لبنان اليه من جديد. لكن تفجير ضهر البيد والتفجيرات الاخرى التي تلته ايقظت مخاوف القلق واعادت رسم هاجس الركود. فطلبت بعض السفارات العربية الى رعاياها عدم السفر الى لبنان بعدما كان بعضها قد فك هذا الحظر.

يعوّل القطاع السياحي اليوم على عيد الفطر الذي من المرجح ان يعيد السياح الى لبنان، ويأمل اصحاب المؤسسات السياحية الا تزداد الامورُ تعقيداً. لكنّ الامل موجود دائما في هذا الوطن، فرغم كل المحطات العاصفة التي مرّ بها، ما فتئت عاصمته تقاوم، اذ حلّت في المركز الـ 20 بين افضل مدن العالم، متفوقة على باريس وملبورن والبندقية وبرشلونة، بحسب ما كشف موقع “كوندي ناست” العالمي في مسابقته التي اقامها في العام 2013 لاختيار وجهات القراء.