IMLebanon

ما هي ردة فعل المصارف المركزية عندما يتوقف الاحتياطي الفيدرالي عن شراء السندات الدولارية؟

FinancialTimes

مايكل ماكينزي
المؤسسات الرسمية التي لديها أموال ضخمة، بصورة شبه لا متناهية، هي أكبر حاملي سندات الحكومة الأمريكية. ومع قدوم واحد من أكبر الاختبارات التي ستواجهها سوق سندات الخزانة، ستكون الخطوة المقبلة حاسمة.
سنوات من شراء السندات من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، عن طريق “التيسير الكمي” وتراكم ضخم لسندات الخزينة من قبل البنوك المركزية الأخرى، ومديري احتياطي العملة يعني أن هؤلاء المشترين يمثلون نحو من 60 في المائة من سوق السندات مستحقة السداد، والبالغة 10.544 تريليون دولار.
يوضح وجود من هذا القبيل كيف يمكن لجزء كبير من أكبر سوق للسندات السيادية في العالم، أن وجد مع مستثمرين لا يعيرون اهتماماً إلى حد ما لاتجاه التغيرات في الأسعار الكامنة، وبالتالي التصرف على أنها سقف أعلى فوق أسعار الفائدة على المدى الطويل في الولايات المتحدة. يشار إلى أن الأسعار تتحرك عكسياً مع العوائد.
ما يؤكد ذلك، وعلى نحو أثار استغراب كثير من مديري السندات، هو تحقيق السندات ذات الآجال الطويلة في الأصل عائدا إجماليا يزيد على 14 في المائة هذا العام. فيما تلامس سندات الخزانة لأجل 30 عاماً الآن أدنى مستوى لها منذ 13 شهراً، عند 3.24 في المائة يوم الإثنين الماضي.
يقول ديفيد آدر، الاستراتيجي في CRT كابيتال “بمجرد أن تُدرِج مجلس الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى ومديري الاحتياط، سيكون لديك جزء كبير من سوق سندات الخزانة، تقتنيها كيانات أقل عرضة للبيع من المستثمرين الآخرين”.

الطلب من المشترين الأجانب، مع تحويل الصين على سبيل المثال لمزيد من محفظتها من سندات الخزانة الأمريكية إلى سندات ذات آجال أطول هذا العام، تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على عوائد منخفضة على المدى الطويل.

ريتشارد ماديجان، كبير مسؤولي الاستثمار في بنك جي بي مورجان الخاص، يقول إن هناك الكثير من “المستثمرين غير الاقتصاديين المشاركين في أسواق الدخل الثابت، وهؤلاء هم المشترون من ذوي الجيوب العميقة، الذين يملكون المال على المدى الطويل، ويركزون على امتلاك الأصول الآمنة أو ينظرون إلى مطابقة المطلوبات مع الأصول”.
يتفاقم هذا عن طريق ديناميكية عديد من صناديق الثروة السيادية وصناديق التقاعد التي تنظر إلى السندات في سياق عالمي. في هذا الصدد، فإن العائد على سندات الخزانة الأمريكية، أعلى بكثير مما هو على كثير من الأوراق المالية الحكومية الأخرى.
يقول ماديجان “لدينا قاعدة مستثمرين يبحثون عن مجموعة من الأصول، وسندات الخزانة تعتبر أرخص على أساس نسبي”.
ويقدر “رويال بنك أوف سكوتلاند للأوراق المالية” أن “الاحتياطي الفيدرالي” يملك 2.4 تريليون دولار، من أصل 10.544 تريليون دولار من سندات الخزانة واجبة الاستحقاق – باستثناء أذون الخزانة قصيرة الأجل – التي تبلغ نحو ربع السوق بشكل عام. هذا الترجيح يرتفع بشكل حاد بالنسبة للأوراق ذات الاستحقاق على الأجل الطويل، وهذا التحرك قد تم الاحتذاء به من قبل المستثمرين الأجانب، وهو ما يساعد على تغطية الارتفاع في أسعار الفائدة الأمريكية على الأجل الطويل.

في أيار (مايو)، تظهر بيانات الخزانة استحواذ الجهات الرسمية الخارجية على 4.09 تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية، مع 3.73 تريليون دولار في الأوراق المصرفية والسندات. من بين المستثمرين الأجانب، تأتي الصين في المقدمة بـ 1.27 تريليون دولار، تليها اليابان بمبلغ 1.22 تريليون، حيث أخذت شعبية السندات ذات الآجال الطويلة، في الازدياد.
يقدر “باركليز” ارتفاع الحيازات الأجنبية لسندات الخزانة في مزادات شراء السندات ذات القسائم (أي التي تدفع فوائد منتظمة) بمبلغ 268 مليار دولار على مدى الأشهر الستة حتى أيار (مايو)، وهو ما يعني أنها ارتفعت بنحو 343 مليار دولار خلال السنة المنتهية في أيار (مايو).
ويضيف المصرف أنه منذ 2007 ضاعف المستثمرون الأجانب من مشترياتهم من السندات لأجل عشر سنوات، بمعدل ثلاث مرات من 11 في المائة إلى 33 في المائة، ويخصصون الآن حصة تبلغ 7 في المائة في السندات لأجل 30 عاماً، بعد أن كانت النسبة سابقاً هي 3 في المائة.
إلى متى سيستمر هذا الطلب الأجنبي هو السؤال الذي يلقي بظلاله في الأفق؟
يمكن اختبار المشاعر بمجرد انتهاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي من سياسة التيسير الكمي، كما هو مقرر في تشرين الأول (أكتوبر، ويبدأ صافي إصدار سندات الخزانة في الارتفاع بعد انكماش في وقت سابق من هذا العام.
الارتفاع الحاد في عوائد سندات الخزانة ذات الآجال الطويلة الاستحقاق في الصيف الماضي، كان مدفوعاً بشكل جزئي من البنوك المركزية الأجنبية التي تبيع بعض ممتلكاتها.
يقول بيل أودونيل، الاستراتيجي في شركة آر بي إس للأوراق المالية: “ربما نكون قريبين من نقطة الانعطاف نحو سوق سندات الخزانة من حيث العرض والطلب”.
زاك باندل، مدير محفظة في كولومبيا لإدارة الأصول، يقول إن “الاحتياطي الفيدرالي” قد استوعب كمية كبيرة من الإصدارات التي تمثل ثلثي إصدار القسائم، بما يتجاوز فترة استحقاق لأجل عشر سنوات في الربع الأول، ولكن هذه الصورة تتعرض الآن للتحول.
بلوغ تواريخ الاستحقاق لمدة سندات الخزينة التي بيعت في عامي 2008 و2009، عندما وّلد الاقتصاد عجزاً هائلاً في الميزانية، يعني أن الولايات المتحدة ستحتاج قريباً لإصدار مزيد من الأوراق المالية، لإعادة تمويل محفظتها.
مع تطلع وزارة الخزانة لتمديد فترة استحقاق سنداتها المستحقة، وتوقع نمو العجز في ميزانية الولايات المتحدة في عام 201، سيطلب من المستثمرين – في ظل غياب مجلس الاحتياطي الفيدرالي – شراء مزيد من السندات ذات الاستحقاق طويل الأجل.
تشير تقديرات شركة رايتسون آيكاب Wrightson Icap إلى أن صافي عرض سندات الخزانة، التي يقع تاريخ استحقاقها بعد أكثر من عشر سنوات سيرتفع بأكثر من 250 مليار دولار، أي 30 في المائة، على مدى الشهور الـ 18 المقبلة، إذا تغيّر جدول مواعيد مزادات سندات الخزانة.
يقول باندل “إن صافي إصدرات سندات الخزانة ذات الأجل الطويل في حالة ارتفاع، في الوقت الذي يبتعد فيه “الاحتياطي الفيدرالي” عن مشتريات السندات، وهذه السندات ذات الآجال الطويلة بحاجة إلى العثور على موطن، ومن المفترض أن يكون ذلك بأسعار أدنى وعوائد أعلى”.
في الوقت الذي ينهي فيه “الاحتياطي الفيدرالي” برنامجه للتسهيل الكمي في تشرين الأول (أكتوبر)، ويرتفع فيه صافي إصدار سندات الخزانة، فإن آفاق العوائد الأعلى والأسعار الأدنى تستند إلى أداء الاقتصاد.