IMLebanon

هل سيأتي تمويل السلسة من خلال الـTVA؟ (ناهلة سلامة)

VAT1

اعتبرت الضريبة على القيمة المضافة TVA ملجأً مالياً مقبولاً في عدد كبير من دول العالم لتمويل نفقاتها الحكومية من خلال معدلات أعلى من تلك المقررة في لبنان. ففي المغرب مثلاً بلغت الـTVA نسبة 20%، وفي تونس 17% وفي تركيا 16% والجزائر 14%. وقد شكلت هذه الضريبة ما يوازي من ربع العائدات الضريبية في لبنان وأكثر من 5% من الناتج المحلي.

مصادر مالية نقلت لـIMLebanon أنّ الحديث عن الزيادة على الضريبة على القيمة المضافة بات مطروحاً جدياً باعتباره بات المخرج الوحيد تقريباً لأزمة سلسلة الرتب والرواتب. ولكن هذه المصادر أكدت أنه لا يمكن السير بهذه الزيادة إلا في اطار تمويل سلسلة الرتب والرواتب فقط لا غير وبشرط أن لا تتجاوز الـ1% (أي رفعها من 10 إلى 11%) لأنّ ذلك يعني أن آثارها المتوقعة على القدرة الشرائية وعلى معدل الاستهلاك ستبقى هامشية مع ضمان مستوى الاقبال العام على شراء السلع بالتجزئة.

وإذ تشير المصادر أنّه يوجد توجهان سياسيان حالياً بالنسبة لتمويل السلسلة: الأول، مقدّم من جانب فريق الرئيس نبيه بري ووزير المالية علي حسن خليل الذي يطرح ايرادات تعتبر غير مؤكدة ومنها الرسوم على التبغ، وعلى نقابة المحامين، وغيرها والتي يعتبرها هذا الفريق أنها لا تطال المواطنين بشكل مباشر. غير أن هذه الإيرادات تعتبر مقدّرة وغير مؤكدة بالتالي قد تقود الى تفاقم عجز الموازنة وتعميق لأزمة المالية العامة.

وهنا يبرز الرأي المقابل الذي تقدم به الفريق الثاني المتمثل بالرئيس فؤاد السنيورة والذي ينحو باتجاه الزيادة على الضريبة على القيمة المضافة لأنها إيرادات مؤكدة. ويقدم هذا الفريق تبرير أساسي لهذا الخيار أن الاستهلاك بشكل عام غير قابل للتراجع بل هو قد يزداد، ما يترجم فائضاً في الإيرادات المتوقعة وهذا من شأنه أن يبعد شبح العجز رويداً رويداً. ووفق التقديرات المالية، فإنّ رفع الـTVA بنسبة 1% من شأنه تأمين عائدات توازي 300 مليار ليرة سنوياً للخزينة اللبنانية الخاوية أصلاً عوضاً عن تمويلها من خلال الإستدانة.

وقد وضع أساتذة من الجامعة الأمريكية في بيروت دراسة لتقدير الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة للزيادة على الضريبة على القيمة المضافة وبالتحديد الفقر وعدم المساواة. أبرز ما خلصت اليه نتائج الدراسة تظهر أنّ أي زيادة على الـTVA من 10 إلى 12٪ في لبنان سيكون لها تأثير محدود على الشرائح الفقيرة، خصوصاً في ظلّ الإعفاءات على المواد الغذائية و الغاز. كما بينت الدراسة أنّ الزيادة حتى ولو وصلت الى اضافة 2% فهذا من شأنه أن يخفض نفقات الأسر الفقيرة بحدود 11% وكذلك نفقات العائلات الغنية بمعدل 19%. لكن أيّ زيادة ضريبية تفوق ذلك فستكون نتائجها السلبية مضاعفة.ومع ذلك، فإن هذه الزيادات معدل الضريبة يكون لها تأثيرات سلبية كبيرة على رفاه الطبقة المتوسطة والأسر التي تعيش فوق خط الفقر. فالزيادة في الTVA قد يدفع بحجم من يعيشون تحت خط الفقر الى أكثر من 50٪ من مجموع اللبنانيين، وهذا سيكون مدعاة للقلق. من هنا، توصي الدراسة بسَنّ تدابير حكومية تستهدف الفقراء مثل زيادة التحويلات النقدية ورفع الإنفاق الاجتماعي إلى مستوى أعلى للتخفيف من آثار هذه الزيادة الضريبية. كما تضيف الدراسة أنّ لا تحظى السلع الكمالية بأي نوع من الإعفاءات.

بعيداً عن السجالات التي تسعى لتسجيل النقاط المتبادلة بين أفرقاء اللعبة السياسية، فالزيادة على الـTVA مقنعة عملياً في جوانب شتى أولها أنّ 50% من استهلاك الطبقات الأكثر فقراً على غرار التعليم، الصحة، الدواء والسلع الغذائية الاساسية هي في الأصل معفاة من هذه الضريبة. ثم أنّ هذه الزيادة التي ستفضي الى رفع الأجور عملياً ستقود بطبيعة الحال الى رفع الاستهلاك تلقائياً وبالتالي ستقوم ديناميات السوق بإعادة التوازن الى الدورة الاقتصادية وبالتحديد الجانب الاستهلاكي منه. ويبقى أخيراً الجانب المرتبط بصفة “التأكيد” الي تتمتع به هذه الإيرادات حيث من البديهي أن تضمن هذه الزيادة الضريبية استمرارية تدفق المداخيل المؤكدة على الخزينة.