IMLebanon

طلب “المصارف” التريث بالتعامل مع “الإسكان” يثير قلق المقترضين وتجّار البناء… والمؤسسة تتطمئن من دون نفي الأزمة

Nahar

وجهت جمعية المصارف الاسبوع الماضي كتابا الى 29 مصرفا وقعت مع مؤسسة الاسكان بروتوكول تعاون تطلب منها التريث في اعطاء القروض عبر المؤسسة نظرا الى تخلف الاخيرة عن تسديد مستحقات بعض المصارف. هذا الامر أثار بلبلة في اوساط المقترضين واولئك الذين يرغبون في الاقتراض لتملك منزل، خصوصاً وأنه تزامن مع كلام عن افلاس المؤسسة التي تشكل ملاذا لذوي الدخل المحدود الذين ليس في مقدورهم الاقتراض من المصارف التجارية بفوائد مرتفعة.
ما هي حقيقة كتاب جمعية المصارف؟ وهل صحيح أن مؤسسة الاسكان على شفير الافلاس؟
رغم أن رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للمؤسسة العامة للإسكان روني لحود خفف من الكلام المتداول عن وضع المؤسسة، لم ينف الامين العام لجمعية المصارف مكرم صادر ان الجمعية وجهت كتابا الى المصارف تطلب فيه التريث في التعامل مع المؤسسة، الا انه أكد أن الجمعية لم تطلب التوقف عن التعامل معها.
وطمأن لحود الى أن الازمة مفتعلة ولا اساس لها، إذ إن وضع المؤسسة جيد ولا تزال تعطي القروض كالمعتاد. وهو إذ أكد أنه غير متخوف على مصير المؤسسة، قال إنّ لديها أموالاً في ذمة الخزينة تبلغ 380 مليار ليرة، وفي حال دفعهتم الدولة فإن امور المؤسسة ستتجه نحو الافضل، علما أن ثمة حديثاً في وزارة المال عن تحويل نحو 15 مليار ليرة الى المؤسسة.
وأكد ان المؤسسة لم تتبلّغ أي كتاب رسمي من أي مصرف، وكل ما في الامر أن عددا من المواطنين قصدوا المؤسسة شاكين بعض المصارف التي ابلغتهم التوقف عن اعطاء القروض عبر المؤسسة، وعرضت عليهم في المقابل قروضاً من عندها.
ولكن برأي لحود أن المصارف لا يمكنها التصرف على هواها، إذ ثمّة بروتوكول تعاون موقع معها منذ عام 1997، وتاليا لا يمكنها بين ليلة وضحاها ان تنقلب عليه.
هل من أزمة تعانيها المؤسسة، وما هي خلفية تصرف المصارف؟
يشير لحود الى أن المؤسسة قدرت ميزانيتها لسنة 2014 بـ 55 مليار ليرة وارسلتها الى وزارة المال التي وعدت بتحويل قسم منه قريبا. وعزا احجام بعض المصارف عن اعطاء قروض عبر المؤسسة الى أن حديث وزير المال عن عدم إعطاء سلفات خزينة، أثار انتفاضة لدى بعض المصارف ووجدت فيه مناسبة لتسويق قروضها السكنية. إلا أنه ورغم ذلك، قال: “لا يمكننا التكهن، ونحن في انتظار انتهاء عطلة العيد للاجتماع بجمعية المصارف للوقوف على حقيقة موقفها، وكذلك سيكون لنا اجتماع آخر مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لوضعه في أجواء المؤسسة ولإيجاد حل لأموال المؤسسة في ذمة الدولة”.
ويستند لحود الى الشكاوى التي تلقتها المؤسسة من المقترضين ليوجه رسالة الى المصارف بعدم التلاعب بمصير المواطنين والمؤسسة على حد سواء، والنظر الى الموضوع من منظار اجتماعي – انساني، فالمؤسسة ومن خلال الفوائد المدعومة توفر على المقترض من ذوي الدخل المحدود نحو 30 و40 الف دولار من قيمة القرض. ولفت الى ان المؤسسة تتلقى 6500 طلب سنويا وقروضها تشكل نحو 50% من القطاع العقاري بحيث تمّ ضخ نحو 6600 مليار ليرة في السوق، وفي شهر تموز الماضي وحده وقعت المؤسسة نحو 510 قروض بقيمة 105 مليارات ليرة، وهذه الارقام دليل برأيه على أهمية المؤسسة اقتصاديا واجتماعيا.
وفي مقلب المصارف، يبرر صادر الكتاب الذي وجهته جمعية المصارف، فيوضح ان الجمعية ارسلت كتابا الى المصارف بـ”التريث” في اعطاء القروض عبر المؤسسة الى حين تجد حلا لمشكلة الفوائد المتراكمة لبعض لمصارف على المؤسسة والتي بلغت في 2013 نحو 38 مليار ليرة، اضافة الى تلك المتراكمة عن نصف سنة 2014 لعدد كبير من المصارف الموقعة بروتوكولات خاصة مع المؤسسة (29 مصرفاً). ويضع اللوم على ادارة المؤسسة في وصولها الى هذه المرحلة من العجز، إذ كان يفترض بها أن تطالب الدولة وفق قانون المؤسسة رقم 719/98 الذي ينص على ان ترصد الحكومة سنويا للمؤسسة من خلال موازنة الدولة مبلغا يغطي التزاماتها تجاه مصادر تمويلها. لكن المؤسسة اهملت هذا الموضوع، ودعا وزير الوصاية (وزير الشؤون الاجتماعية) الى اتخاذ قرار محدد إما ببقاء المؤسسة أو زوالها. غير أن مصادر في المؤسسة أكدت أنها لم تغفل المطالبة بحقوقها المالية لا بل بادرت منذ العام 2008 الى وضع وزارتي الوصاية والمال بحقيقة أوضاع المؤسسة المالية مطالبة بتحويل مستحقاتها لدى وزارة المال وتكرر هذا الطلب في 2011 والسنوات اللاحقة. كما أنها وضعت تقريرا مفصلا بهذه الحاجات وسلمته الى رئيسي الجمهورية والحكومة، مشيرة الى ان هذه المساعي أسفرت في عام 2013 عن تحويل سلفة خزينة بقيمة 35 مليار ليرة من وزارة المال الى حساب المؤسسة، مما مكنها من تسديد التزاماتها الى المصارف.
وكانت مؤسسة الاسكان اقترحت على رئيس جمعية المصارف فرنسوا باسيل شراء ديون المؤسسة، ولكن وفق صادر فإن محامي المؤسسة والجمعية وجدوا ان الآلية معقدة جدا لذا لم يعد الحديث بالموضوع متداولا. الا ان مصادر المؤسسة أكدت انها استحصلت على قرار من ديوان المحاسبة يسمح لها ببيع هذه الديون، وأن هذا الاقتراح لا يزال قيد التداول ولكن المصارف متريثة بإتخاذ القرار كونها تحتاج الى حوافز من مصرف لبنان، إذ أن الفائدة التي تتقاضاها المؤسسة عن اموالها من المقترضين تبلغ 3% وهذا الرقم لا يناسب المصارف.
رغم وصول العلاقة بين المؤسسة والمصارف الى هذا المستوى من التأزم، يبدو أن الجانبين يضعان المعالجة في اولوياتهما ومن المنتظر أن تفضي الاجتماعات التي ستعقد بعد عطلة العيد الى حلحلة على هذا الصعيد. وسينضم الى جولة المباحثات قطاع البناء حيث سيجتمع رئيس جمعية منشئي وتجار الأبنية ايلي صوما مع حاكم مصرف لبنان الاسبوع المقبل (6 آب) للبحث في مفاعيل المعلومات المتداولة عن الازمة التي تعانيها المؤسسة وأثرها على القطاع العقاري. ولفت صوما في اتصال مع “النهار” أن القطاع سيتأثر حتما اذا كانت هذه المعلومات صحيحة. وذكر بوضع القطاع العقاري عندما كانت نحو 200 الف شقة معروضة للبيع ولم تجد من يشتريها، فكان الحل بالقروض الميسّرة. ورغم تشديده على انعكاس توقف قروض المؤسسة على القطاع العقاري، استبعد اي تغيير في السياسة الاسكانية.