IMLebanon

رئيسة “المركزي الأمريكي” من سيحدث التقلبات في الأسواق المالية وليس بوتين… في انتظار عاصفة «وول ستريت»

FinancialTimes

ستيفن فولي

اللافتة الموجودة على باب مدير صندوق التحوّط تقول: ذهب إلى الصيد. يبدو أن عديدا من خبراء العالم قد حزموا صنارات الصيد، وتوجهوا إلى أكواخ الصيد الحصرية في مجموعة جزر تييرا ديل فويجو في الأرجنتين، أو إلى أنهار ولاية مونتانا أو ماين.

صناديق التحوّط المذكورة التي تتعامل في الاقتصاد الكلي العالمي، بإمكان رهاناتهم تحريك العملات والحكومات وكامل الأسواق، لكنهم إلى حد كبير خارج الصورة، عندما يتعلق الأمر بالاضطرابات التي تحدث في الشرق الأوسط وأوكرانيا.

غيرهم من المستثمرين كانوا صامتين، أيضاً، لكن إذا كان وصول مسيرة البورصة القوية إلى مستويات قياسية هذا الأسبوع، في مواجهة العناوين الرئيسية المزعجة، قد يُشير إلى أن الأسواق المالية ستبقى جيدة لمدة طويلة، وعليك الحذر من أن مختصي العالم، يراهنون على تقلّب مقبل أكثر بكثير مما تتوقع.

مع صبر الصيادين، الذين ينتظرون منذ فترة طويلة بإلقاء صناراتهم في مياه هادئة.

مدير صندوق تحوّط مخضرم، تمت مواجهته أخيراً من قِبل محلل مبتدئ يتنبأ وقوع كارثة مالية، بسبب الصراعات المتصاعدة في غزة والعراق وأوكرانيا، طلب منه الذهاب وإعداد قائمة بكافة الحروب التي حدثت في التسعينيات.

هذه الأيام يُنظَر إلى تلك الحقبة بصورة رومانسية باعتبارها فترة من الهدوء الجغرافي السياسي، الذي رافقه اقتصاد عالمي قوي وازدهار في الأسواق المالية، لكن القائمة المكونة من صراعات ذلك العقد تمتد من الكويت إلى كوسوفو، وبينها على الأقل 24 صراعاً آخر.

وجهة نظر الخبير الكبير كانت أن الأسواق المالية قد صمدت أمام حرب أو اثنتين، وأن القليل من الصراعات، مهما كانت فظاعتها من الخسائر البشرية، في نهاية المطاف ليس لها تأثير كبير في الناتج المحلي الإجمالي في العالم.

انفجارات العنف كالتي شهدناها هذا العام تسلط الضوء على عديد من المخاطر – من صدمات الطاقة أو اضطراب الإمدادات إلى التجارة العالمية – لكن وضع الرهانات على أي من هذه المخاطر سيؤدي إلى ضرر حقيقي، أو المراهنة على الموعد، تكون عادة لعبة غير مجدية.

للحصول على ضحكة من مديري صناديق التحوّط، تحتاج فقط إلى ذكر جاي كارني، المتحدث الرسمي السابق باسم إدارة أوباما، الذي قال أثناء مناقشات العقوبات في آذار (مارس)، “إنه لن يوصي بالاستثمار في الأسهم الروسية، إلا إذا كنت تنوي التداول بها على المكشوف”، لكن السوق الروسية ارتفعت أكثر من قبل.

الشخص الأكثر احتمالاً أن يعيد إدخال التقلبات إلى الأسواق المالية الساكنة ليس فلاديمير بوتين لكنها جانيت ييلين، رئيسة مجلس إدارة “الاحتياطي الفيدرالي”. السبب الذي يمكن أن يجعلك متأكداً من حدوث ذلك هو أنه، في هذه الحالة، “الاحتياطي الفيدرالي” ومديرو صناديق التحوّط هم على نفس الجانب.

أعلنت ييلين هذا الشهر أن التقييمات لبعض أسهم التكنولوجيا الحيوية ووسائل الإعلام الاجتماعية قد “تزيد عن قيمتها الحقيقية بصورة لا يستهان بها”، وفي حين أن البعض سخر من تعليقاتها باعتبارها تماثل تعليقات كارني، إلا أنها كانت محقة في الإشارة إلى مخاطر التهاون الحالي في السوق، الذي قد يكون أكثر خطورة من أي شيء يحدث في المجال الجغرافي السياسي.

لم تكن تقلبات السوق المالية منخفضة أبداً كما هي الآن، وذلك هو نوع البيئة الذي يؤدي إلى فقاعات – الأمر الذي يستطيع “الاحتياطي الفيدرالي”، الاستغناء عنه في الوقت الذي لا يزال يحاول فيه إنعاش باقي الاقتصاد. وهذا هو السبب وراء تعليقات ييلين المثيرة للجدل.

مديرو صناديق التحوّط، والمتداولون النشطون بشكل غير طبيعي الذين يزدهرون في الأسواق الصاخبة، مستمرون في فترة مؤلمة من الأداء الضعيف. إن غياب التقلّب يعني أن هناك القليل من المكاسب من الانتقال داخل وخارج مختلف الأسواق. إذا ألقيت صنارتك في البركة الخاطئة، فسيكون عليك تركها هناك لفترة طويلة – ويا إلهي، لقد أخطأ الأشخاص كثيراً في وضع رهاناتهم في بداية عام 2014.
الأمر الكارثي الأكثر لما يُسمى الأموال الذكية، أن انسحاب “الاحتياطي الفيدرالي” التدريجي من برنامج شراء السندات، لم يؤد إلى عمليات بيع مكثف في سوق سندات الخزانة الأمريكية.

في الواقع، انخفضت السندات لأجل عشرة أعوام (التي تتحرك عكسياً مع أسعار الفائدة) لتصبح 2.5 في المائة، حيث انخفضت من نسبة 3 في المائة في ليلة رأس السنة الجديدة.

الأسماء الكبيرة مثل بول تودور، وروب سيترون، ولويس باكون وألن هوارد يسبحون باتجاه تيار من العجز المالي، وغيرهم لديه الكثير لتعويضه أيضاً.

الأمر المذهل بالنسبة لتمويل مديري صناديق الصناديق، الذين يعرفون هذا المجال جيداً لأنهم يستثمرون أموال عملائهم في صناديق أخرى، هو كيف – على الرغم من الخسائر المبكرة – لا يزال المديرون الكليون متمسكين بالرهانات التي وضعوها في بداية هذا العام، مع أن الأسواق تتحرك في اتجاههم.

لا يزال معظمهم يعتقدون أن الين واليورو سينخفضان، مع محاولة شينزو آبي وماريو دراجي التوصل إلى علاج لسياسة نقدية أكثر مرونة، في حين إن الدولار وأسعار الفائدة الأمريكية سيرتفعان، في الوقت الذي سيخرج فيه الاقتصاد من عنبر المرضى.

فوق كل شيء، لقد كانوا يشترون التأمين مقابل الزيادة في تقلّبات السوق التي توقعوها عندما أصبح واضحاً أن أسعار الفائدة سترتفع قريباً. ولأن الأسواق كانت ثابتة جداً لفترة طويلة، فإن مثل هذا التأمين يكون رخيصاً.

كما يملك فائدة جانبية من حيث إنه يدفع المديرين إلى النوم بارتياح أثناء إجازاتهم، حتى وسط الاضطرابات الجغرافية السياسية، لكنه في الأساس تحوّط جيد ضد ارتفاع أسعار الفائدة.

لا يوجد إجماع حول ما سيحدث في البورصة إذا ارتفعت أسعار الفائدة بالفعل، لأن بإمكانها أن تستمر في الارتفاع وسط الارتياح من تعافي الاقتصاد الأمريكي، أو قد تتراجع إذا قرر المستثمرون المتقاعدون أن السندات توفر في النهاية قيمة أفضل – لكنه بالتأكيد سيكون متقلّباً. كما أن أطرافا عديدة في سوق السندات ستهتز بعنف أيضاً.

الاختبار التالي لنظريتهم سيكون الشهر المقبل في الندوة الاقتصادية السنوية في جاكسون هول، وأيومينج، عندما تتحدث ييلين. وبالمناسبة، فقد كان منتدى جاكسون هول هو المكان الذي كان يُشجع بول فولكر على الحضور، عندما كان رئيساً لمجلس إدارة “الاحتياطي الفيدرالي”. إنه أحد المعجبين بالصيد التقليدي الرائع في تلك المنطقة.

لقد استخدم رؤساء مجلس الإدارة المتعاقبين هذه المناسبة لدفع توقعات السوق نحو منحنى السياسة النقدية. وتأمل صناديق التحوّط أن تعليقات ييلين ستماثل تعليقات كارني – لكن هذه المرة نسبة إلى مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا الذي أعلن عن بعض النغمات المتشددة (بميله نحو رفع أسعار الفائدة).

ما إذا كانت البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة كافية للإشارة إلى تحوّل في الأسلوب، هذا أمر قابل للنقاش، لكن الحاجة إلى زعزعة التهاون في السوق، ليست كذلك، وصيادو صناديق التحوّط سيأملون التقاط بعض الأسماك في وقت قريب.