IMLebanon

هدوء اقتصادي هش في اليونان ينذر بعواصف المآسي الإغريقية

FinancialTimes

رالف أتكينز وكيرين هوب

بعد عامين من عجز البلاد عن سداد ديونها، هناك علامات على أن الاقتصاد اليوناني بدأ يتحسن، لكن المشاكل السياسية والهيكلية تهدد بتقليل أهمية الانتعاش الأولي.
درجات الرخام الأبيض في فندق جراند بريتاني على حافة ميدان سينتاجما في أثينا تتألق في شمس الصيف. لقد تم استبدال الأحجار التي اقتلعها المتظاهرون أثناء أعمال الشغب في ذروة أزمة منطقة اليورو، حين عجزت اليونان عن سداد ديونها في عام 2012.
يدل ظاهر الأمر على أن اليونان عادت إلى الوضع الطبيعي. بعد انخفاض بنسبة 25 في المائة منذ أوائل عام 2008، استقر الاقتصاد؛ حتى أنه قد يعود للنمو هذا العام.
كما جاهدت اليونان أيضاً لتنظيف صورتها في أسواق رأس المال العالمية، حيث جمعت الحكومة ثلاثة مليارات يورو من مبيعات السندات لأجل خمسة أعوام، بعائد يبلغ 4.95 في المائة في نيسان (أبريل)، وجمعت كذلك 1.5 مليار يورو أخرى من السندات لأجل ثلاثة أعوام، في تموز (يوليو) الماضي.
تحت هذا الهدوء، تبقى المخاوف بشأن مستقبل البلاد، التي هددت قبل عامين بانهيار الاتحاد النقدي في أوروبا. يُحذّر لوكاس باباديموس، رئيس الوزراء في الفترة ما بين تشرين الثاني (نوفبر) عام 2011 حتى نيسان (أبريل) 2012: “لقد تضاءلت المخاطر إلى حد كبير، لكن كوكبة جديدة من المخاطر الاقتصادية والسياسية قد تهدد تنفيذ الإصلاحات والانتعاش الاقتصادي”.
ويضيف أن الانخفاضات الحادة في الدخول و”الارتفاع الكبير” في معدل البطالة: “قد قدم دعماً قوياً للقوى السياسية على اليمين المتطرف واليسار المتطرف، لأن ظروف رأس المال المتحسنة كثيراً لم تنتشر آثارها حتى الآن على الاقتصاد اليوناني”.
اعترف أحد رجال الأعمال البارزين في اليونان: “لقد شعرت بالدهشة من أن الحكومة بإمكانها إصدار السندات. لا شك أن الناس تنسى بسرعة”.
لا يزال المسؤولون في الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي يتشاجرون مع السياسيين في اليونان حول الإصلاحات الضروروية. بعد فصل الصيف، سوف تبدأ المحادثات بشكل جدّي بشأن ما إذا كانت البلاد بحاجة إلى المزيد من تخفيف عبء الديون، وبرنامج إنقاذ من الاتحاد الأوروبي بعد انتهاء مدة الحزمة الحالية في نهاية هذا العام. إذا حكمنا بالأحداث السابقة، فإن المزيد من المواجهة يبدو أمراً لا مفر منه.

الحكومة الائتلافية الضعيفة بقيادة أنطونيس ساماراس، رئيس الوزراء تواجه عقبة أخرى في شباط (فبراير)، عندما يتم اختيار رئيس جديد للبلاد.

إذا كانت الأحزاب السياسية المنقسمة في اليونان لا تستطيع الاتفاق على مرشح، فإن الانتخابات البرلمانية ستكون على نفس الشاكلة. في حال حدوث ذلك، يمكن أن يصبح حزب اليسار المُعارض “سيريزا”، الذي يرفض خطة الإنقاذ الصارمة التي طالب بها دائنو اليونان، الحزب الأكبر ولربما تولى تشكيل حكومة جديدة.

ارتفع أيضاً الدعم للحزب النازي الجديد جولدن دون (الفجر الذهبي) أثناء الأزمة. لقد أحرز الحزب بشكل منتظم 10 المائة في استطلاعات الرأي، ويمكن أن يفوز بالمزيد من المقاعد.
احتفظ حزب جولدن دون بجاذبيته بين العاطلين عن العمل وبين اليونانيين اليساريين، ومن غير المرجح أن يتم حظره، على الرغم من أن قادته في السجن بانتظار المحاكمة بتهمة إدارة منظمة إجرامية.
مع عوامل اللبس التي من هذا القبيل، فإن مصدر القلق هو أن الأسواق المالية أساءت تثمين جدارة اليونان. لقد حققت صناديق التحوّط الأرباح في البداية، عندما اقتربت البلاد من الانهيار، لكن الطلب على سندات اليونان هذا العام تضخم بسبب تهافت المستثمرين العالميين على انتزاع العائدات، حتى لو كانت بضع نقاط أساس فقط، في حقبة تعاني انخفاضا تاريخيا لأسعار الفائدة منخفضة.
الحالة بالنسبة للاستثمار في اليونان هي أن المخاطر المتعاقبة – الإخراج الكارثي من اليورو أو وقوع عجز آخر – قد تم التقليل من حدتها. خطوات تخفيف عبء الديون المتفق عليها في عام 2012 خفضت احتمالات مواجهة البلاد لمشاكل خطيرة في خدمة الديون في المستقبل المنظور؛ لاحظ أن متوسط استحقاق القروض من صندوق الإنقاذ الأوروبي هو أكثر من 30 عاماً.
كما أظهرت الأزمة أيضاً أن معظم اليونانيين يرغبون في البقاء ضمن منطقة اليورو، مهما كانت قوة معارضتهم للإصلاحات الهيكلية.
منذ الدكتاتورية العسكرية في السبعينيات، كانت اليونان تنظر إلى المؤسسات الأوروبية باعتبارها مرتكزات الاستقرار. لقد قررت بقية أوروبا أن التكاليف الأوسع لإخراج اليونان ستكون كبيرة جداً.
يقول كريستوس ميجالو، الرئيس التنفيذي في “يوروبانك” في أثينا: إن “الأمر المهم من بين الخيارات المتعددة هو أن خروج اليونان من منطقة اليورو لم يعد احتمالاً، بعد الآن”.