IMLebanon

قراءة وزير المال لتقرير صندوق النقد: المستوى المرتفع للاحتياطي الأجنبي ضمانة للمستثمرين

Safir

أجرى وزير المال علي حسن خليل قراءة لتقرير صندوق النقد الدولي، الذي صدر مؤخرا، جاء فيها: ان التقرير يظهر أن الاقتصاد قد تأثر كثيرا نتيجةً لتدفق اللاجئين السوريين الذين بلغ عددهم حوالي ربع السكان في لبنان، ما أدى الى ارتفاع معدلات البطالة والفقر. كما يظهر بوضوح تداعيات الازمة السورية التي لها الأثر الكبير على النمو الاقتصادي الذي انخفض من 2.5 في المئة في العام 2012 الى 1.5 في المئة في العام 2013 وهي مستويات متدنية مقارنةً بمستويات ما قبل الازمة السورية، وذلك في ظل التباطؤ في الأنشطة المتصلة كالقطاع العقاري والبناء والسياحة. وبالتالي، فإن أية قراءة لمضمون التقرير دون أخذ هذا العنصر الأساسي بالاعتبار تُعد غير دقيقة ومنقوصة. كما تجدر الإشارة الى ان التقرير لم ينتقد السياسات المالية، بل سلط الضوء على الوضع الصعب.
وأكد التقرير أن استضافة عدد كبير من اللاجئين السوريين أدت الى ضغوظ كبيرة على المالية العامة. إن الآثار المترتبة على أزمة اللاجئين السوريين على المالية العامة لا يمكن رصدها بدقة في الموازنة حيث لا اعتمادات مخصصة للاجئين في الوزارات المختصة، كما أن المهاجرين لا يتواجدون في منطقة جغرافية محددة. إن الكلفة المقدرة من البنك الدولي المترتبة على أزمة اللاجئين هي 2.6 مليار دولار أميركي خلال فترة 2012 -2014 بالاضافة الى 2.5 مليار دولار أميركي لإعادة نوعية الخدمات العامة الى ما قبل الازمة السورية.

الأزمة السياسة

أشار التقرير الى الأزمة السياسة التي يعاني منها لبنان كصعوبة تشكيل الحكومة والذي استغرق حوالي 11 شهراً. بالاضافة الى تعذر انتخاب رئيس جمهورية من قبل مجلس النواب والذي يمكن أن يستغرق عدة أشهر وعدم إقرار العديد من القوانين كالموازنات وهي من العوامل التي تسهم في الاختلالات المالية والتباطؤ في النمو الاقتصادي. أما الحكومة الحالية فقد أظهرت عزماً لمعالجة الاوضاع الامنية التي تحسنت في الفترة الاخيرة.
ينذر التقرير بخطورة عبء مؤسسة كهرباء لبنان وكلفته المرتفعة على المالية العامة التي بلغت حوالي 4.5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2013. والجدير ذكره ايضا هو أن وضع اللاجئين السوريين يزيد الضغط على كهرباء لبنان كثيرا.

الدين العام

ورأى أن الاقتصاد أصبح يعاني من تدهور على نطاق واسع نتيجة الاختلالات المالية وارتفاع الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي الذي يُعد من أعلى المعدلات في العالم. إن الحاجات التمويلية تبقى مرتفعة، إلا أن التدفقات النقدية ما زالت متماسكة وتستمر في تغذية حاجات الدولة اللبنانية وتشكل المصدر الرئيسي في احتياطي مصرف لبنان.
وأشار التقرير الى ان العجز في الحساب الجاري الخارجي بقي كبيرا، أي حوالي 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في كل من العام 2012 و2013، وظل الميزان التجاري بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي من دون تغيير على مدى العامين في ظل انخفاض كل من الواردات والصادرات على حد سواء. إن الانخفاض في الصادرات مرده الى انخفاض في صادرات الذهب والصادرات إلى المنطقة والتي تأثرت بدورها بالأزمة السورية. أيضاً، تأثر ميزان الخدمات نتيجة تراجع في عائدات السياحة من دول مجلس التعاون الخليجي، على الرغم من بعض الإنفاق على الخدمات من قبل اللاجئين السوريين.

اختلالات مالية

كذلك جاء في التقرير: اتسعت الاختلالات المالية في العام 2012 ليصل العجز الاولي الى 0.25 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي وهو المعدل الاعلى منذ العام 2006، كما ارتفع معدل الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي الى 141 في المئة في العام 2013 مقارنة بــ134 في المئة في العام 2012. إن الاختلال في المالية العامة نتج من انخفاض في الواردات المحصلة والزيادة في النفقات. يشار في هذا المجال الى بعض القرارات السياسية التي ساهمت في هذا الانخفاض كإعفاء المازوت من الضريبة على القيمة المضافة والتي تقدر بحوالي 0.5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي للعام 2012، بالاضافة الى الزيادة في الانفاق كسلفة غلاء المعيشة للقطاع العام والتي تقدر بحوالي 1.25 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي للعام 2012.
وبلغ معدل التضخم 4 في المئة خلال العام 2012 و2013، مع الاشارة الى أن مؤشر أسعار المستهلك لا يشير الى ضغوطٍ في مجال الإسكان وأسعار المواد الغذائية.
أشار التقرير الى إحراز تقدم في:
ـ ثبات الفائدة على السندات الحكومية بالرغم من المخاطر العالية والضغوط على الاسواق المالية. بالرغم من الضغوط الكثيرة منذ منتصف العام 2012، حافظت الحكومة على الفوائد. وقد أضافت استحقاقات لآجال طويلة.
ـ المحافظة على الاستقرار النقدي بفضل استقرار التدفقات النقدية.
ـ استقرار النقد الاجنبي والاسواق المالية. فإن الودائع استمرت بالنمو بمعدل 7-8 في المئة بالسنة.
ـ رفع ستاندرد اند بورز توقعاته للبنان من سلبي الى مستقر في نيسان 2014. وذلك بسبب الوضع السياسي العام، خصوصا بعد تشكيل الحكومة واستمرار التدفقات النقدية.
ـ توافق بعض سياسات الاقتصاد الكلي مع نصائح الصندوق.
ـ تطور في الاصلاحات البنوية منها قانون الاسواق المالية وقانون النفط والاصلاحات الهيكلية كإنشاء وزارة المالية دائرة التحليل الاقتصادي الكلي وادارة الدين العام.
ـ تطوير قاعدة الضرائب التي ستخفف من الأعباء المالية. اقترح التقرير بعض السياسات التي يمكن للدولة تطبيقها.
ـ الجودة العالية لرأس مال المصارف والتدابير الصارمة التي تتخطى متطلبات Basel 3
ـ تحسن جودة الاحصاءات، خصوصا في ما يخص ميزان المدفوعات.
ـ المستوى المرتفع للاحتياطي الاجنبي الذي يبقى ضمانة عالية للمستثمرين.
في ما خص السياسة المالية، إن الأولوية وفقاً لتوصيات صندوق النقد الدولي هي في ضبط الوضع المالي والعودة الى تحقيق فائض أولي، لتجنب احتمال فقدان الثقة في السوق ووضع مستوى الدين العام على مسار مستدام. وتكمن الاستراتيجية في تخفيف أثر زيادة الرواتب والاجور المخطط للقطاع العام عن طريق إحداث توازن بين النفقات والواردات. كما أن صدور قانون الموازنة العامة سوف يساهم أساساً في تعزيز الثقة.
أما على صعيد السياسة النقدية فينبغي أن ينسحب مصرف لبنان تدريجيا من الاكتتاب في السندات وأن يعتمد استراتيجية لتحسين ميزانيته العمومية.
وفي الاصلاحات الهيكلية ركز التقرير على أن الإصلاحات في قطاع الكهرباء وسوق العمل هي ضرورية للتصدي للضغوط التنافسية الحالية، ووضع أسس لتعزيز الإنتاجية وتحسين الظروف الاجتماعية.
وأخيراً يشير التقرير الى عدم إمكانية لبنان أن يتحمل وحده تكاليف اللاجئين السوريين، وهناك ضرورة ملحة لدعم لبنان من قبل المجتمع الدولي. كما أن الالتزام القوي للحكومة مع الإصلاحات والسياسة المنسقة من شأنه أن يعزز مصداقية الدولة وحشد الدعم.