IMLebanon

“الأنباء”: كيف تعاطى حزب الله مع عودة الحريري؟ وهل ما حصل في العراق ينسحب على لبنان؟

Saad-el-hariri-1

 

 

ذكرت صحيفة “الأنباء” أنه كان من اللافت أن حزب الله أظهر تجاهلا وعدم اكتراث ازاء عودة الرئيس سعد الحريري، فلم يصدر عنه أو عن قياداته أي موقف رسمي في هذا الشأن وكان اللاموقف هو الموقف، موحيا بذلك بأن عودة الحريري لم تكن منسقة معه ولا تستند الى صفقة سياسية ولا الى ضمانات أمنية بعدما كان الربط محكما في السنوات الماضية بين المنفى السياسي والوضع الأمني.

وبالإجمال ساد الأوساط السياسية القريبة من حزب الله والدائرة في فلكه شعور مزدوج:

1- شعور الارتياح لعودة الحريري الى لبنان من بوابة الانخراط في محاربة الإرهاب وتقوية تيار الاعتدال واحتواء التطرف، وهو ما يصب في استراتيجية “حزب الله” ويؤكد على صوابية سياسته ومواقفه بما في ذلك ذهابه الى سوريا لقتال التطرف والإرهاب هناك حتى لا يقاتله هنا في لبنان. ويتعزز هذا الارتياح في ضوء ما صدر عن الحريري من مواقف وإشارات أمام زواره وفي مجالسه تدل الى أنه عائد ليس من خلفية الدخول أو التسبب في اشتباك مع حزب الله وإنما من خلفية البحث عن تسويات وانفراجات.

2- أجواء الشكوك والحذر ازاء عودة الحريري التي تثير تساؤلات في توقيتها وأهدافها. وفي تفصيل هذه الأجواء أن الحريري عاد بقرار إقليمي ولمهمة إقليمية وعودته لن تكون مفيدة ومؤثرة إذا ظل يحمل الأفكار والتوجهات نفسها ويردد في الداخل ما كان يردده في الخارج عن ربط نزاع مع “حزب الله” وتنظيم خلاف تحت سقف حكومة المصلحة، وعن مسؤولية حزب الله بسبب قتاله في سورية عن استدراج الإرهاب الى لبنان وكل الويلات والمصائب التي حلت به.

فإذا لم يحمل الحريري معه مبادرات سياسية تفتح الأبواب المقفلة، وإذا لم ينجح في بناء جسور التفاهم والثقة مع حزب الله ولم يمتلك خطوة بهذا الحجم تريح الساحة اللبنانية، فإن عودته لن تكون مؤثرة ونقطة تحول في مسار الأوضاع وتستنفد زخمها سريعا وسيفكر الحريري مجددا بالمغادرة عند أول تدهور أمني.

ولكن هل تتغير الأجواء نحو الأفضل بين حزب الله والمستقبل بعد تطورات العراق؟

الجهات التي تراهن وتعول على عودة الحريري وتقول إنها لم تأت من فراغ وهي أعمق وأبعد من مسألة المليار دولار، تعززت قناعتها وقراءتها في أعقاب التطورات الجارية في العراق والتي دلت الى ترجيح منطق مسار التسوية على المواجهة والى وجود تقاطع إيراني ـ سعودي على محاربة الإرهاب وداعش وعلى إعادة إحياء العملية السياسية على أساس حكومة جامعة وإرضاء المكون السني في العراق.

وما جرى في العراق من حل للأزمة الحكومية يمكن أن يحدث في لبنان لحل الأزمة الرئاسية، فتقرر إيران دفع حزب الله للتوافق على إجراء انتخاب رئاسي ويكون التوافق بشكل أساسي بين السنة والشيعة، وتحديدا بين تيار المستقبل وحزب الله.

ولذلك فإن الوضع في لبنان يتجه الى ترتيب داخلي كانت عودة الحريري مقدمة له لأن هذا الترتيب يحتاج الى السنة والى زعيم سني للتفاوض معه وليكون له دور في تظهير وإخراج أي اتفاق إقليمي حول لبنان.

ولكن الجهات المشككة لا تذهب في هذا الاتجاه التفاؤلي ولا ترى ترتيبات وتسويات في لبنان في المدى القريب والمنظور (حتى ثلاثة أشهر)، وتعتبر أن عودة الحريري لا تعني نضوج التسوية السياسية الداخلية المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي أو إنجاز هذه التسوية كما يتراءى للبعض. وتنفي هذه الجهات أن تكون قد اكتملت حلقات صفقة الرئاسة.

ولكن هناك ملامح أخذت تبرز شيئا فشيئا باتجاه سلوك طريق التسوية على قاعدة إبقاء لبنان تحت سقف الاستقرار ومواجهة خطر الإرهاب الذي يهدد المنطقة بأسرها.

وحتى يحين وقت التسويات لا تبدو الأطراف اللبنانية معنية بالتصعيد الداخلي، وتقول هذه الجهات المنتمية الى 8 آذار إن تيار المستقبل أرسل إشارات تفيد بعدم وجود أي رغبة في تعديل التفاهمات الراهنة التي أمنت الاستقرار القائم، بل ثمة قناعة بعدم وجود مصلحة في إعادة خلق التوترات الأمنية الداخلية بفعل ضعف هيكلية التيار والخوف من سيطرة التيارات المتطرفة على الشارع السني، لذلك فإن السعودية غير راغبة في استخدام الساحة اللبنانية ورقة للضغط على إيران وهي معنية بالحفاظ على “الستاتيكو” القائم.