IMLebanon

معركة مجموعة صعب: الحفاظ على FBME وعزل «فدرال لبنان» عن التداعيات

Akhbar

محمد وهبة
«بنك فدرال لبنان» لا دخل له بما يحصل في مصرف FBME في قبرص. هذه العبارة تتصدّر إجابات مسؤولي «بنك فدرال لبنان» حول تداعيات أزمة FBME، على الرغم من أن المصرفين مملوكين من جهة واحدة، أي مجموعة أيوب صعب وفادي صعب. أما التدقيق في أعمال البنك في لبنان وتعيين مراقب من قبل لجنة الرقابة على المصارف، فهو إجراء روتيني برأي القيمين على «بنك فدرال لبنان». ثمة حرص على الفصل الكامل بين المصرفين، فيما يرفض أيوب وفادي صعب لقاء الإعلام رغم حرصهما على إبلاغ المتصلين بمتابعة موقع الكتروني يمثّل الشركة الأم التي تملك FBME.
هل تنجح مجموعة صعب في عزل تأثيرات أزمة FBME عن بنك فدرال لبنان؟ في الواقع، إن الزيارة التي قام بها نائب حاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري، وعضوي لجنة الرقابة على المصارف أحمد صفا وأمين عواد، إلى قبرص كانت تحمل الهاجس نفسه. ركّزت الزيارة على تقصّي احتمالات انتقال أزمة FBME إلى لبنان حيث سيكون تأثيرها مضاعفاً في هذه الفترة الصاخبة سياسياً وأمنياً، غير أن الرواية التي حصل عليها الوفد الثلاثي تشير إلى أن الأمر محصور بيد المسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية الذين لديهم أسباب لا يفصحون عنها سوى ما ورد في الاتهامات المعلنة. وقد خلّفت الاتهامات الأميركية نتائج كارثية على FBME، إذ توقفت مصارف المراسلة الأميركية عن التعامل معه، ما أدّى إلى شلّ قدرته عن إجراء أي عملية بالدولار الأميركي، وهو ما يعني عملياً «إعدام» FBME. لكن الإعدام لن يطاول سوى الفرع القبرصي، لأن مصرف FBME هو مصرف تأسس في قبرص منذ عام 1982، إلا أنه لأسباب تجارية، انتقل المصرف إلى تنزانيا عام 2003 وبدأ يعمل تحت سلطة المصرف المركزي التنزاني وأبقى على فرعه في قبرص.
هذا المصرف التنزاني مملوك من شركة FBME LTD، أي «بنك فدرال الشرق الأوسط المحدودة»، وهي شركة هولدنغ تملك إضافة إلى FBME، «فدرال بنك لبنان» الذي تأسس في الخمسينيات على يد ميشال صعب. وبعد وفاة المؤسس، انتقلت الملكية مناصفة إلى كل من أيوب فريد صعب وفادي ميشال صعب. وهذا يعني أن الرابط بين المصرفين هو الشركة الأم التي تملك كلاً منهما، وبالتالي فإن هواجس مجموعة صعب المتعلقة بوضع اليد على الفرع القبرصي لملكيتهما التنزانية، واضحة لجهة تداعياتها على أصول الشركة الأم.

أما موقف ورثة ميشال صعب، فقد انكشف أكثر مع اضطرارهم إلى اللجوء للقضاء. فهم يدافعون عن شركتهم أمام القضاء الأميركي لرد تهمة تبييض أموال لحساب حزب الله، ولكنهم يخوضون معركة جانبية أيضاً مع السلطات القبرصية التي وضعت يدها على الفرع القبرصي وأعلنت بعد ستة أيام من ظهور الاتهامات الأميركية، أنها ستبيعه. لكن القضاء الذي يعمل وفق القوانين الأوروبية، أصدر حكماً يمنح المصرف المركزي القبرصي حقّ وضع اليد على أي مصرف يعمل تحت سلطته وإشرافه في حالات محدّدة كالتي يمرّ فيها FBME. هكذا تعثّر دفاع آل صعب في الحكم الابتدائي، ما دفعهم إلى استئناف الحكم، لكن أفق المعركة بات واضحاً. فبحسب مصادر مطلعة، إن الاتهامات الأميركية دفعت السلطات القبرصية إلى بيع المصرف سريعاً من أجل التخلّص من تهمة تبييض أموال لحساب حزب الله. فمثل هذه التهمة تأتي بعد فترة قصيرة على انفجار الأزمة المالية في قبرص التي شلّت القطاع المصرفي القبرصي ومنعت خروج الودائع.
لكن الأهم أن السطات القبرصية تسعى إلى بيع FBME في قبرص بثمن يقلّ 20% عن القيمة الفعلية، وهو ما أثار استياء مجموعة صعب. لكن هذه الخطوة مبرّرة لدى المسؤولين في لبنان الذين يرون أنهم مكبّلون أمام الاتهامات الأميركية. ويشير مسؤول مصرفي مطلع، إلى أن الاتهامات الاميركية السابقة أدّت إلى بيع البنك اللبناني الكندي، وفرضت على القطاع التعايش مع الخوف والقلق المتواصل من اتهامات مماثلة لها أبعاد سياسية، وهذه الظروف مشابهة في قبرص حيث الأسعار مربوطة بالظروف أيضاً، وليست أسباب تجارية بحتة، وبالتالي فإن سعر البيع في قبرص ستحدّده هذه الظروف، ولا سيما أن مصارف المراسلة الأميركية أوقفت التعامل معه، وبات مصيره مجهولاً في ظل هذا الوضع.
أما في لبنان حيث يعمل «فدرال بنك لبنان» تحت إشراف مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، فإن التأثيرات بحسب مديرة العلاقات العامة جيسيكا الجميل، اقتصرت على «أسئلة الزبائن الذين تلقوا تفسرات واضحة عن فصل تام بين المصرف اللبناني والمصرف التنزاني العامل في قبرص». وتضيف الجميل إن كل شيء بينهما مختلف «سواء في مجلس الإدارة أو المديرين والمدير العام… التقرير الأميركي لا يأتي على ذكر بنك فدرال لبنان أبداً ونحن نعمل بصورة طبيعية».
وفي ظل هذه التبريرات، تبيّن أن لجنة الرقابة على المصارف أخضعت «فدرال بنك لبنان» لدورة تدقيق في أعماله. وفي رأي الجميل: «هي عملية تدقيق روتينية تقوم بها لجنة الرقابة على المصارف مع كل المصارف العاملة في لبنان». لكن المعروف أن عمليات التدقيق الروتينية مجدولة مسبقاً من قبل لجنة الرقابة على المصارف التي ستقوم بأي تعديل وفقاً للظروف، والمتداول أيضاً أن التدقيق بأعمال «فدرال بنك لبنان» لم يكن ضمن الجدول العادي، بل جاء ضمن التعديلات التي وضعت على جدول الرقابة.
على أي حال، تعوّل مجموعة صعب على أمرين: الأول هو إقامة جدار فصل بين المصرفين يؤمن عزل الاتهامات الأميركية عن «فدرال بنك لبنان». هذا الأمر خصص له المالكون موقعاً الكترونياً مستحدثاً يفصّل نشاطات الشركة الهولدنغ (FBME LTD) التي تملك المصرفين وتاريخ تأسيس كلّ منهما وخلفيات ما يجري مع الفرع القبرصي والاتهامات الأميركية. أما الأمر الثاني، فهو تجاري يتعلق بعدم وجود شراة محتملين للفرع القبرصي المعروض للبيع. علماً بأن معدلات السيولة القصيرة المتوافرة لديه توازي 104%، وهي كافية لتغطية كل الودائع المسجّلة لديه.