IMLebanon

ملامسة الحكومة للقضية الاجتماعية تستعجل «التقاعد والشيخوخة»

Safir
عدنان الحاج
لامس مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة بعض الهموم المعيشية للعمّال من خلال التنبه إلى موضوع المنح المدرسية للأجراء ومستخدمي القطاع الخاص، الذين يشكلون حوالي 80 في المئة من القوى العاملة في الاقتصاد اللبناني، وبعد حرمانهم من هذه المنح بفعل تشاطر بعض الوزراء على أصحاب الدخول المتدنية لمدة سنتين منذ العام 2012 وحتى اليوم.
هذا القرار على أهميته في هذه المرحلة الاقتصادية والمعيشية الصعبة على العمال والقطاعات في آن معاً، حرم المستخدمين من هذه المنحة عن العام 2012- 2013 وهو حق كان ينتظر قراراً سابقاً من الحكومة. لكن هذه الملامسة في هذه الظروف جاءت لتحل بعض الأعباء نتيجة تزايد الأقساط منذ البدء ببحث «سلسلة الرتب والرواتب» لموظفي القطاع العام وحتى اليوم. الدليل صرخات بعض طلاب الجامعات الرافضين لزيادة الأقساط والمستمرة حتى الآن. هذا قبل التوافق على إقرار السلسلة للقطاع العام وتحديد كلفتها وحجمها، وسيكون هناك زيادات بعد القرار على اعتبار أنه لا سلطة للدولة على فرض الأقساط وتحديدها، فالمشكلة الاجتماعية إلى نمو مستمر، والتضخم الحاصل اليوم والمقبل لن يقتصر على موظفي القطاع العام بل سيتخطاهم ليشمل العاملين وأصحاب الدخل وغير العاملين في القطاعين.
المنحة المدرسية لمستخدمي القطاع الخاص هي مؤقتة وتقر سنوياً، هذا ما كان يحصل قبل توقفها مزاجياً مدة سنتين، حارمة القسم الأكبر من المستخدمين في لبنان من هذه التقديمات، وهي لا تزيد عن المليون و500 ألف ليرة لغاية ثلاثة أولاد بقيمة حدها الأقصى 750 ألف ليرة لكل ولد، وبسقف قدره مليون ونصف المليون ليرة مهما بلغ عدد الأولاد.

التقديمات الصحية للمضمونين في «الخاص»

لكن الخلل الكبير بين القطاعين العام والخاص هو في المقاربة الأخرى للموضوع، وهو تأمين التقديمات الصحية للمضمونين في القطاع الخاص وعددهم أكثر من 580 ألف مضمون يخضعون للضمان بعد نهاية خدمتهم يستفيد على عاتقهم حوالي المليون و200 ألف مضمون.. هذا الخلل يعود لاستمرار الدولة في تطبيق نظام نهاية الخدمة وتعويضات الصرف المؤقت منذ العام 1965. بمعنى آخر أن المضمون العامل بعد بلوغ السن أو 20 سنة خدمة في القطاع الخاص لا يستفيد من أية تقديمات بعد نهاية خدمته، على الرغم من أن قيمة تعويضات نهاية الخدمة لم تعد تشكل ضمانة على اعتبار أن متوسط التعويض لا يزيد على مستوى المضمونين عن 20 إلى 30 ألف دولار، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية حالة مرضية للمضمون عندما يحتاج إلى التقديمات الصحية بعد نهاية الخدمة. مع الإشارة إلى أن المضمون يقضي مرحلة شبابه في تمويل فرع الضمان الصحي من خلال الاشتراكات التي يدفعها طوال سنوات خدمته.
من هنا أهمية الحديث عن المقاربة الثانية للحكومة لقضية نظام التقاعد والحماية الاجتماعية في القطاع الخاص، لا سيما أن مشاريع بالجملة درست بين الدولة والعمال وأصحاب العمل منذ العام 1978 وحتى اليوم، وفاق عددها الـ13 مشروعاً كان أبرزها الذي أحيل من قبل إحدى حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى المجلس الاقتصادي الذي أقره بموافقة فرقاء الإنتاج الثلاثة، لكنه لم يبصر النور في الحكومة والمجلس النيابي نتيجة الملاحظات والملاحظات المضادة حول مصير مبالغ التسوية لفرع نهاية الخدمة التي تترتب على أصحاب العمل. كذلك بالنسبة لاشتراكات الفرع الجديد أي نظام التقاعد وما يتحمله المضمون والدولة. كذلك برز التباين حول نقطة قيمة المعاش التقاعدي للمضمون بعد نهاية خدمته وتبعاً لسنوات الخدمة. إشارة إلى أن احتياطات فرع نهاية الخدمة المتوافرة حالياً تفوق الـ7200 مليار ليرة وهي موظفة في أكثرها بسندات الخزينة لدى مصرف لبنان، وهي تؤمن عائدات بعشرات المليارات من الليرات سنوياً من دون فائدة تذكر على تعويضات نهاية الخدمة للمضمونين التي أكلها التضخم بعدما أكل القيمة الشرائية للأجور على مدار السنوات الماضية.
أما الحديث عن آخر المشاريع التي تم بحثها في اللجان النيابية، فيقتضي التوقف عند المشروعين الأخيرين المقدمين من إدارة «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» والنائب عاطف مجدلاني وتم عرضهما في بعض اللجان النيابية من دون التوصل إلى صيغة نهائية لمعالجة هذه الأزمة الاجتماعية التي تتفاقم مع تردي التقديمات الاجتماعية والصحية بعد نهاية الخدمة لغالبية العاملين والأجراء في القطاعات الاقتصادية الخاضعة لقانون الضمان، من دون الحديث عن المكتومين وغير المضمونين في لبنان وهم يمثلون ثلث الشعب اللبناني.

مضمون مشروع الضمان لما بعد نهاية الخدمة

سبق لإدارة «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» أن أنجزت مع «الاتحاد العمالي العام» بالتعاون مع بعض فرقاء العمل، وقبل الخلوة الأخيرة التي عقدت بين وزارة العمل وأطراف الإنتاج، مشروع الرعاية الصحية الخاص بالأشخاص اللبنانيين المضمونين الذين توقفوا عن العمل بعد بلوغ السن أو نهاية الخدمة، بانتظار الوصول إلى نظام التقاعد والحماية الاجتماعية للمضمونين وتحويل نظام تعويضات نهاية الخدمة إلى نظام معاشات تقاعد وضمان الشيخوخة. وتضمن النقاط الأساسية الآتية:
أولاً- قسم الرعاية الصحيّة للأشخاص اللبنانيين المضمونين الذين توقفوا عن العمل بصورة مؤقتة:
1.شروط الخضوع:
÷يخضع بصورة إلزامية لنظام الرعاية الصحيّة هذا، الأشخاص المضمونون الذين توقفوا عن العمل بصورة مؤقتة، شرط:
-أن يكون المضمون قد خضع إلى الصندوق بصورة إلزامية لمدى مجموعها 5 سنوات على الأقل.
-تحدّد المدّة القصوى لخضوعهم بسنة واحدة (12 شهراً)
ثانياً- مشروع الرعاية الصحية الخاص بالأشخاص اللبنانيين المضمونين الذين توقفوا عن العمل:
2.المستفيدون من الرعاية الصحيّة المقدمة:
oيستفيد من تقديمات هذا القسم إضافة إلى المضمون، أفراد عائلته المنصوص عليهم في المادة 14 من قانون الضمان الاجتماعي.
oيقدّم هذا القسم تقديمات العناية الطبّية في حالات المرض والأمومة المنصوص عنها في قانون الضمان الاجتماعي ووفقاً للأنظمة المعمول بها.
oللاستفادة من هذا القسم يجب إبراز إيصال دفع الاشتراكات.
oعند التوقف 6 أشهر متتالية عن دفع الاشتراك يوقف الانتساب ولا يحق له الانتساب مرة أخرى.
يُمـوَّل هذا القسم من خلال: مساهمة المضمون الشهرية بتسديد الاشتراكات المنصوص عنها في المادة 71 من قانون الضمان الاجتماعي والعائدة لفرع ضمان المرض والأمومة، وفق النسب المحدّدة لها (حالياً 9 في المئة)، استناداً إلى آخر كسب سدِّدت عنه الاشتراكات قبل ترك العمل وضمن حد أقصى يوازي ضعفي الحد الأدنى الرسمي للأجور. (أي مبلغاً شهرياً بقيمة 121500 ليرة كحد أقصى).
4.يعتبر قسم الرعاية الصحيّة للأشخاص اللبنانيين المضمونين الذين توقفوا عن العمل جزءاً من النظام العام (لا توجد له محاسبة مستقلة).
] قسم الرعاية الصحيّة للأشخاص اللبنانيين المضمونين الذين توقفوا عن العمل بصورة نهائية بعد بلوغهم سن نهاية الخدمة:
1.شروط الخضوع: يشترط للخضوع لهذا القسم:
-أن يكون المضمون قد توقف عن العمل بصورة نهائية بسبب بلوغه سن نهاية الخدمة.
-أن يكون المضمون غير مستفيد من أية تقديمات صحيّة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من كل الجهات الرسمية الضامنة التي تؤمّن التقديمات الصحية في لبنان.
-أن يكون قد خضع بصورة إلزامية للفروع الثلاثة في الصندوق لمدة لا تقل عن عشرين سنة، وكان له الحق بالاستفادة من تقديمات هذه الفروع (أجراء القطاع الخاص والعام، السائقون العموميون، عمال الأفران، عمال قطاع البحر، بائعو الصحف).
-أو أن يكون قد خضع بصورة إلزامية لفرع ضمان المرض والأمومة وكان له الحق بالاستفادة من تقديمات العناية الطبية في هذا الفرع لمدة لا تقل عن 20 سنة (يحدّد تاريخ بدء خضوع هذه الفئة بمرسوم: المدرسون، الأطباء، المختارون).
2.المستفيدون من الرعاية الصحية المقدّمة:
يستفيد من تقديمات هذا القسم إضافة إلى المضمون الزوج أو الزوجة الشرعية الأولى شرط توافر الشروط المنصوص عليها في المادة 14 من قانون الضمان الاجتماعي.
يقدّم هذا القسم تقديمات العناية الطبّية في حالات المرض والأمومة المنصوص عنها في قانون الضمان الاجتماعي ووفقاً للأنظمة المعمول بها.
يمـوَّل هذا القسم من خلال:
-مساهمة المضمون الشهرية بنسبة 6 في المئة من الحد الأدنى الرسمي للأجور (أي ما يوازي حالياً مبلغاً شهرياً بقيمة 40500 ليرة).
-مساهمة صندوق المرض والأمومة من خلال زيادة الاشتراكات العائدة لهذا الصندوق (على أن توزع نسبة الزيادة بصورة متساوية بين المضمونين وأصحاب العمل والدولة).
-مساهمة الدولة في هذا القسم بمعدّل ثلث الاشتراكات المضافة إلى فرع ضمان المرض والأمومة، وبنسبة 25 في المئة من قيمة تقديمات فرع المرض والأمومة، كما تتكفل الدولة بتسديد العجز المالي في حال حصوله.

اقتراح قانون رئيس لجنة الصحة

أما اقتراح رئيس لجنة الصحة النائب عاطف مجدلاني الذي تزامن مع مشروع الضمان، فيرمي إلى إفادة المضمونين المتقاعدين من تقديمات العناية الطبية في حالتي المرض والأمومة في فرع ضمان المرض والأمومة في «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي». ومما جاء في أسبابه الموجبة:
-يعتبر الاقتراح المرفق إنجازاً كبيراً لحماية المتقاعدين وأسرهم، ويأتي ثمرة حوار وتوافق بين العمال وأصحاب العمل.
-تشمل الحماية، كمرحلة أولى، الأجراء التابعين والأشخاص العاملين في الإدارات والمؤسسات العامة.
-يوفر الاقتراح للمتقاعدين تقديمات العناية الصحية وفق الشروط والموجبات المطبقة على المضمونين العاملين بحيث تستمر إفادة المضمون المتقاعد من تقديمات صندوق ضمان المرض والأمومة.
-يشترك في التمويل الأجراء والأشخاص العاملون كذلك المتقاعدون، وتبقى مساهمة الدولة في ربع التقديمات قائمة.
-ان طريقة التمويل هذه تؤمن توازن النظام واستمراريته وتحقق وفراً متراكماً في خلال العقدين الأولين من بدء تنفيذه، ويؤدي فائض الاشتراكات في السنوات الخمس الأولى إلى تغطية العجز المتراكم في صندوق ضمان المرض والأمومة.
-يفسح الاقتراح المجال أمام أصحاب العمل، أن يسهموا في تحمل كلفة الاشتراك الشخصي للمتقاعدين من أجرائهم.
المادة الأولى: تضاف إلى المادة (9) من قانون الضمان الاجتماعي الفقرة «سادساً» الجديدة التالي نصها:
سادساً:
1-يخضع المضمونون، الذين انتهى انتسابهم الإلزامي لفرع ضمان المرض والأمومة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بسبب التقاعد، ويستفيدون من تقديمات هذا الفرع (العناية الطبية في حالتي المرض والأمومة) وفقاً للشروط والموجبات المطبقة على المضمونين العاملين. لأجل تطبيق أحكام هذه الفقرة، يقصد بكلمة «متقاعد» المضمون الذي انتهت خدمته بسبب بلوغ السن القانونية وتقاضى أو استحق تعويض نهاية الخدمة.
2-تشمل أحكام البند (1) أعلاه المضمونين الذين يتقاعدون بعد نفاذ هذا القانون والذين ينتمون إلى إحدى الفئتين التاليتين:
أ-فئة الأجراء في القطاع الخاص المنصوص عليهم في المقطع (أ) من البند (1) من الفقرة (أولاً) من المادة (9) من قانون الضمان الاجتماعي.
ب-فئة الأشخاص اللبنانيين الذين يعملون لحساب الدولة أو أية إدارة أو مؤسسة عامة أو مصلحة مستقلة، المنصوص عليهم في المقطع (د) من البند (1) من الفقرة (أولاً) من المادة (9) المذكورة.
3-يشترط لإفادة هؤلاء الأشخاص ما يلي:
أ-أن يكون المضمون قد بلغ السن القانونية للتقاعد (60 – 64 مكتملة) وتخلى عن العمل المأجور.
ب-أن يكون غير منتسب إلى أي صندوق عام آخر تعاضدي أو تعاوني.
ت-أن تكون له مدة اشتراك فعلي في صندوق ضمان المرض والأمومة لا تقل عن عشرين سنة.
ث-أن يكون المستفيد مقيماً على الأراضي اللبنانية.
4-ينتقل الحق بالتقديمات من المتقاعد المتوفى إلى أفراد عائلته الذين هم على العاتق. كما يستفيد هؤلاء الأفراد من التقديمات المذكورة في حال توفي المضمون قبل بلوغه سن التقاعد شرط أن تكون له مدة اشتراك لا تقل عن عشرين سنة.
5-ان الاشتراكات اللازمة لتغطية التقديمات هي على عاتق كل من:
أ-الأجراء والأشخاص العاملين المخاطبين بهذا القانون وأصحاب عملهم، وتحدد نسبة الاشتراك بـ3 في المئة من الكسب الخاضع للاشتراكات توزع بينهم بالتساوي.
ب-المتقاعدين، وتحدد نسبة اشتراكهم بالمعدل العادي (9 في المئة) من دخل مقطوع يساوي الحد الأدنى الرسمي للأجور.
ت-تطبق مساهمة الدولة المنصوص عليها في المادة 73 من قانون الضمان الاجتماعي على تقديمات المتقاعدين.
6-تعدل نسب الاشتراكات والدخل الخاضع للاشتراكات، عند الاقتضاء، بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العمل وإنهاء مجلس ادارة الصندوق.
يمكن لطرف ثالث أن يتحمل، كلياً أو جزئياً، الاشتراك المترتب على المتقاعد.
7-تتوجب الاشتراكات على المضمونين العاملين ابتداء من أول الشهر الذي يلي تاريخ نشر هذا القانون. أما الاشتراكات المترتبة على المتقاعدين فتتوجب ابتداء من أول الشهر الذي يلي انقضاء فترة الاستفادة من تقديمات المرض والأمومة المنصوص عليها في الفقرة (4) من المادة 16 من قانون الضمان الاجتماعي.
وتستحق التقديمات ابتداء من أول الشهر الذي يلي الفترة المذكورة.
8-يكون لهذا النظام محاسبة مستقلة في نطاق صندوق ضمان المرض والأمومة.
9-تحدد عند الاقتضاء، دقائق تطبيق هذا القانون، بموجب قرارات تصدر عن مجلس الإدارة وتصدق من سلطة الوصاية.

نقاط التباين والحجج تتكرر للتعطيل

في الخلاصة، تبقى إشارة إلى ان المشروع الأول للحماية الاجتماعية ونظام الشيخوخة طرح في العام 1978 أيام الدكتور رضا وحيد المدير العام للضمان السابق ومؤسسه، وبمشاركة من منظمة العمل الدولية والعربية، وما زالت نقاط التباين والحجج نفسها تتكرر لتعطيل هذا الحق الذي يضمن المضمون بعد تقاعده ومن حقوقه المتراكمة في نهاية الخدمة. وحتى الآن لم تنجح محاولات التوفيق بين المشاريع المتنوعة بشأن التقديمات الصحية بعد نهاية الخدمة فكيف بنظام الشيخوخة؟