IMLebanon

تذليل عقبات التسليح امام الجيش وآلاف المسلحين يحتشدون في جرود عرسال

lebanese-army-enzel

 

لم تقتصر الهجمة الارهابية الثانية التي شنتها التنظيمات الاصولية على الجيش اللبناني في محيط عرسال على استهداف مجموعة عسكرية، بل تمددت في اتجاهات شديدة الخطورة إن من حيث تحريك خلايا لـ”داعش” في مناطق حدودية أخرى، أم من حيث استعمال السلاح الدعائي لاثارة الذعر وتعميمه من خلال الزعم الذي يصعب اثباته عن تصفية أحد الأسرى العسكريين.

بذلك بدا واضحاً بحسب “النهار” ان التنظيمات الاصولية تسعى الى تحويل عرسال جبهة، بل بؤرة مفتوحة للاستنزاف والضغط العسكري والمعنوي على لبنان من خلال الجيش ومشاغلته باستمرار ميدانياً ومن خلال قضية الاسرى للضغط على الحكومة وحشرها في مواقع بالغة الحرج والحساسية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الهجمة الثانية للارهابيين بعد أقل من شهر من معركة عرسال الاولى في 2 آب الجاري أبرزت معطيات شديدة الخطورة باتت تضغط بقوة استثنائية لتبديل اساليب المواجهة بسرعة وخصوصا على المستوى السياسي الرسمي، وغير الرسمي لان ما جرى ينذر بأن التنظيمات الارهابية التي تبلّغ مجلس الوزراء انها حشدت ألوفاً من المسلحين في جرود عرسال قد تعاود وتيرة استهداف الجيش في كل لحظة. وهو الامر الذي لا تبدو الدول المعنية بتسليح الجيش غائبة عن احتمالاته المتعاظمة بدليل انتظار تطورين مهمين في الساعات والايام المقبلة هما وصول دفعة مساعدات أميركية كبيرة ونوعية الى الجيش، وتذليل معظم العقبات التي أخرت اطلاق عقد التسليح الفرنسي للجيش ضمن هبة الثلاثة مليارات دولار السعودية للجيش.

صحيفة “السفير” ذكرت أنه لم تسجل، أي تحركات علنية للمسلحين في عرسال، باستثناء ظهور باللباس العسكري من دون اسلحة ظاهرة في بعض مخيمات النازحين، وتحدث شهود عيان عن تعزيز المسلحين قواتهم وتجمعاتهم في منطقة “الجرد التحتاني” بما فيه “طاحون الهوا” فوق “تنية رأس بعلبك”، وسط مخاوف من إعادة اجتياح عرسال أو الهجوم على بعض بلدات البقاع الشمالي، الأمر الذي تسبب بموجة نزوح جديدة.

ومع ذلك، تتجه الانظار الى القرار السياسي الذي يجب ان يواكب الاستنفار الاقصى للجيش والقوى الامنية في مواجهة تصاعد الخطر الارهابي وسط معالم مشهد سياسي داخلي مفجع في غيابه وقصوره عن وعي ما يحيق بالبلاد من اخطار غير مسبوقة حتى في حقب الحرب التي عرفتها سابقاً.

من جهتها، ذكرت صحيفة “السفير” ان تطورا دراماتيكيا برز في قضية العسكريين المخطوفين لدى المجموعات التكفيرية، تمثل بنشر مواقع التواصل الاجتماعي صورا لإعدام أحد العسكريين، الأمر الذي انعكس خوفا مشروعا لدى عائلات باقي العسكريين، لا بل عند كل اللبنانيين.

وذكرت “السفير” أن قيادة الجيش شكلت لجنة متخصصة من أجل دراسة الشريط الذي بث حول ذبح الرقيب ع. س. الذي تم أسره عقب “غزوة عرسال” في الثاني من آب، وطلبت قيادة الجيش من وسائل الاعلام عدم التداول بالصور او بأي معلومات عن العسكريين تحت طائلة الملاحقة القانونية.

وفيما يتسلم الجيش ظهر اليوم دفعة من المساعدات العسكرية الاميركية من اعتدة وذخائر في القاعدة الجوية بمطار الرئيس رفيق الحريري الدولي، كشفت مصادر فرنسية متابعة لملف تسليح الجيش اللبناني لـ”النهار” ان اتفاقا تم التوصل اليه بين السلطات الفرنسية والسعودية على العقد الذي سينظم عملية تسليم السلاح والعتاد الى الجيش اللبناني بموجب هبة الثلاثة مليارات دولار السعودية.وتوقعت ان تبت المسألة نهائيا وان تزال كل العقبات المتبقية اذا وجدت خلال الزيارة التي سيقوم بها ولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز لباريس ابتداء من الاثنين المقبل.

التطور الأمني واكبه تطور سياسي، تمثل بانعقاد مجلس الوزراء على وقع المعلومات التي كانت ترده عن الوضع المتدهور في عرسال. وفي هذا السياق، أشارت صحيفة “النهار” إلى أن مناقشات المجلس بدأت بأسئلة طرحها وزير العمل سجعان قزي عن الهبتين السعوديتين (ثلاثة مليارات ومليار دولار) وحقيقة ما جرى في عرسال ومصير المخطوفين العسكريين، فجاء الجواب من الرئيس تمام سلام الذي قدم المعلومات الامنية الضرورية عن تطورات عرسال، مؤكداً الحرص على عدم نشر هذه المعلومات كي لا يتم المس بالأمن القومي وكذلك بأمن العسكريين ورجال الامن المخطوفين. وفي ضوء هذه المعطيات تبيّن أن الوضع العسكري في عرسال ليس مريحاً لأن المسلحين موجودون داخل عرسال وفي محيطها وفي مخيمات اللاجئين وسط صراعات تجتاحهم مما يطرح السؤال عما إذا كانت هذه الصراعات ناجمة عن خلافات فعلية أم أنها من قبيل توزيع الادوار؟ كما دلّت المعطيات أن سلوك النظام السوري يشير الى أنه لا يقوم بما يتوجب عليه لقطع الطريق على تفاقم الوضع مما يطرح أسئلة كبيرة عما ينطوي عليه هذا السلوك؟.وفي ما يتعلق بالهبتين السعوديتين، أكد الرئيس سلام أنه في شأن هبة الثلاثة مليارات دولار هناك اتصالات جارية تمهد لتحرك قريباً جداً. أما في شأن هبة المليار دولار فإن التصرف بها يتم بصورة طبيعية.

وأعلن الرئيس سلام أنه سيدعو الى انعقاد مجلس الامن المركزي كما ستكون هناك جلستان لمجلس الوزراء الثلثاء والخميس المقبلين. كما أعلن أنه سيقوم بزيارتين للامارات وقطر.

وكانت لافتة المداخلة التي تقدم بها وزير الداخلية نهاد المشنوق وضمنها معطيات تفصيلية حول الوضع في عرسال أمنيا وعسكريا وانسانيا، رافضا أي تشكيك بالمؤسسة العسكرية، قيادة وضباطا وعسكريين، مسجلا لها أنها حمت بتضحياتها السلم الأهلي، وآخذا في الوقت نفسه على مجلس الوزراء قصوره في تحمل مسؤولياته في التعامل مع الأولويات اللبنانية، ولا سيما أولوية مواجهة “الدولة الاسلامية” عند الحدود، بعيدا عن منطق المزايدات الرخيصة.

وردا على سؤال لـ”السفير”، حذر الوزير المشنوق من تداعيات سياسية وأمنية واجتماعية للمعارك التي تتوسع في شمال سوريا، خصوصا بعد سقوط معاقل جديدة للنظام بأيدي “داعش”، وقال: “إن أي توسع “داعشي” على الأرض السورية، من شأنه أن يؤدي إلى موجة نزوح غير مسبوقة باتجاه لبنان، كما سيزيد المخاطر الأمنية عبر الحدود، الأمر الذي يتطلب استنفارا وطنيا شاملا.

ولم يستبعد المشنوق، ردا على سؤال، احتمال إقفال الحدود اللبنانية ـ السورية في حال بلوغ الأمور حد تهديد الأمن الوطني اللبناني.

وسط هذه الأجواء، تدرك “هيئة علماء المسلمين” أن دورها لم ينته، أقله على مستوى التفاوض الفردي مع المجموعات المسلحة بشأن العسكريين المختطفين، ضمن مبادرة تحمل سلة متكاملة من الشروط والالتزامات، تجاوزت الحدود اللبنانية الى البعدين الاقليمي والدولي.

وقال أحد مشايخ الهيئة لـ”السفير” إن ما تقوم به على المستوى الفردي، بعد تعليق مبادرتها، يندرج ضمن الواجب الشرعي والاسلامي لانقاذ أرواح العسكريين والمدنيين معا، ومن أجل توفير الأمن والاستقرار في البلاد.

وأشارت مصادر قيادية في الهيئة الى أن المشايخ الذين تولوا المفاوضات منذ البداية وجدوا أنفسهم أسرى إلحاح المجموعات المسلحة بتلبية المطالب التي وضعتها، وبطء الحكومة اللبنانية في الرد على تلك المطالب أو باعطاء الأمل في دراستها أو في تنفيذ جزء منها، كما وجدت نفسها أسيرة اتهامات سياسية غير مسبوقة تسيء اليها والى دورها، على قاعدة “خيرا تعمل شرا تلقى”.

واكدت مصادر الهيئة أنه إذا نضجت ظروف جديدة في ملف التفاوض، وإذا طلبت الحكومة من الهيئة القيام بدور ما، فانها مستعدة للعودة الى القيام بواجباتها.

وذكرت “السفير” بأن وفدا من الهيئة زار قائد الجيش العماد جان قهوجي قبل أيام وعقد معه اجتماعا جرى خلاله التطرق الى كثير من القضايا، وأكد مطلعون على أجواء اللقاء أن الاجتماع كان إيجابيا جدا، وأن الهيئة أبلغت قهوجي بالاتصالات الفردية التي تقوم بها مع بعض المجموعات لتأمين سلامة العسكريين، كما شدد المجتمعون على ضرورة تثبيت الأمن من خلال الركون الى صوت الاعتدال، ونبذ كل أصوات التطرف والتحريض المذهبي.