IMLebanon

6 مليارات دولار خسائر إسرائيل خلال 51 يوماً من حرب غزّة: حكومة نتنياهو لاستيعاب الكلفة على الاقتصاد

Nahar
موريس متى

ما إن دخل إتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس” حيز التنفيذ حتى بدأت تل أبيب في احتساب تكلفة عدوانها على غزة الذي استمر 51 يوما بالاضافة الى دراسة التأثيرات المالية لعمليتها على الإنفاق الحكومي والقطاعات الاقتصادية، في الوقت الذي قُدرت فيه كلفة هذه العملية وهي الثالثة في غضون 6 سنوات، بحوالى 6 مليارات دولار تشمل التكاليف العسكرية وخسائر تعطيل النشاط التجاري والاقتصادي.
تسود حالة من عدم اليقين مستقبل الاقتصاد الاسرائيلي نتيجة التداعيات السلبية التي خلفها العدوان على غزة. فبحسب دائرة الإحصاء المركزية الاسرائيلية يعاني هذا الاقتصاد منذ بدء العدوان مطلع تموز الماضي من ركود وتراجع في النمو بالاضافة الى تراجع بحجم الاستيراد ما تسبب في ارتفاع عجز الميزان التجاري بـ 1٫3 مليار دولار لقرب 8٫3 مليارات دولار مقارنة بـ7 مليارات دولار خلال الفترة ذاتها من العام 2013.
تداعيات خطيرة وإجراءات تغضب الشارع
أولى تداعيات عملية “الجرف الصامد” على الاقتصاد الاسرائيلي ظهرت مع إعلان محافظة البنك المركزي الإسرائيلي كارنيت فلوج مطلع الاسبوع خفض البنك أسعار الفائدة للشهر الثاني على التوالي لمستوى قياسي من 0٫5% الى 0٫25% لمساعدة الاقتصاد على مواجهة التباطؤ المتوقع نتيجة الحرب، وأكدت فلوج إنها لا ترى أي سبيل لتفادي قرار الزيادة الضريبية لتغطية تكلفة العدوان وتعويض أصحاب العقارات والأعمال. ومن هنا يصر المركزي على رفع نسب الضرائب وفرض رزم ضريبية إضافية لتفادي توسيع العجز في موازنة سنة 2015، حتى يتسنى عدم المساس بميزانيات الوزارات ومخصصات خدمات الرفاه والتعليم والصحة. ومن هنا يتوقع ان يرتفع العجز في الميزانية الى قرب 4% في العام المالي 2014 – 2015 في حال عدم إتخاذ هذه الاجراءات مما سيُلزم تل أبيب بدفع فوائد للبنوك العالمية تصل الى 10 مليارات دولار. وبحسب فلوج التقشف عبر تقليص ميزانيات الوزارات وتوسيع سقف العجز بالموازنة لقرب 3%، لا يكفيان لتغطية كلفة العمليات العسكرية والإنفاق وتدارك تداعيات الحرب على الاقتصاد ما يحتم ضرورة رفع الضرائب وخفض الإنفاق على الخدمات بحوالى 5 مليارات دولار.
لكن وزير المال الإسرائيلي يائير لابيد يعارض بقوة تلك الخطوات التي تتناقض مع التعهدات بخفض الاعباء الضريبية والتي قطعها على نفسه أمام الطبقة المتوسطة. وفي هذا السياق تناقش حكومة تل ابيب يوم غد تفاصيل كلفة العدوان على غزة وتداعياته على مستقبل الاقتصاد، ومن المتوقع ان تصادق على مشروع تقدم به لابيد الهادف الى رفع سقف عجز الموازنة لسنة 2015 إلى 3% من الناتج المحلي اي لـ6 مليارات دولار مقارنة بـ 3٫6 مليارات دولار سُجلت مطلع تموز الماضي، أي قبل إندلاع العدوان كما سيطالب لبيد بتقليص ميزانيات مختلف الوزارات بنسبة 2% عن السنة المالية الحالية باستثناء وزارة الدفاع.
وضمن جدول أعمالها، أدرجت حكومة تل أبيب موازنة للعام المالي 2014 – 2015 بالاضافة الى بحث آليات صيانة الاقتصاد الذي يبلغ حجم 290 مليار دولار بعد الاعتماد على ملحق الطوارئ الاحتياطي في موازنة 2014 واستنفاده بالكامل خلال عملية “الجرف الصامد”.

الاقتصاد الاسرائيلي دفع الثمن غاليا
انعكست الحرب الإسرائيلية على غزة أيضا على قطاع الأعمال الاسرائيلي اذ من المتوقع ان يسجل نموا سلبيا في الربع الثالث من 2014 مع تراجع إيرادات السياحة بعدما قدرت وزارة السياحة خسائر القطاع بـ 650 مليون دولار لا سيما أن الحرب بدأت في أوج موسم الصيف. كما شهدت مبيعات التجزئة في جنوب إسرائيل هبوطاً بـ12% أثناء الحرب وسجلت القدس انخفاضاً أكثر حدة تخطى الـ 18% بينما عانت متاجر تل أبيب من هبوط بلغ 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2013، تراجع ايضا النشاط الاستهلاكي للإسرائيليين بحوالى 35% حتى بعد انتهاء الحرب، مما يعني دخول الاقتصاد في مرحلة من التباطؤ. ومن الخسائر التي منيت بها إسرائيل خلال عدوانها على قطاع غزة تلك التي تحملها القطاع الزراعي حيث تُقدر تكلفة إصلاح الحقول التي تضرّرت جراء الصواريخ الفلسطينية بما بين 15 و28 مليون دولار استنادا الى رابطة المزارعين الإسرائيليين، في وقت بلغت فيه الخسار الاجمالية للقطاع حوالى 70 مليون دولار. وللقطاع الصناعي الاسرائيلي حصته من تداعيات العدوان على غزة حيث تخطت خسائره الـ 360 مليون دولار وتشمل مصانع في المنطقة الممتدة من حيفا شمالا إلى حدود غزة جنوبا. أما أرقام شعبة الأبحاث في اتحادات الصناعيين والبناء وغيرها، فأشارت الى ان قطاع البناء الاسرائيلي مني هو الآخر بخسائر تخطت الـ 20 مليون دولار جراء القذائف والصواريخ التي أصابت نحو 3500 منزل وشركة في إسرائيل.

أرقام العملية العسكرية
خلال العدوان على غزة، أطلقت الفصائل الفلسطينية من القطاع 3934 صاروخاً سقط منها 3356 صاروخا في مدن وبلدات إسرائيلية بعد أن اعترضت منظومة القبة الحديدية 578 صاروخا بتكلفة قدرت بـ50 ألف دولار للصاروخ اي بتكلفة إجمالية عند 289 الف دولار. وبحسب الارقام التي نشرت في إسرائيل، 7 ألوية مشاة نظامية شاركت في العدوان على غزة واستُنفر 82 ألف جندي، قتل منهم 64 وأصيب 1637 بجراح، وأوضحت الارقام أن الجيش وحده أنفق 2٫9 ملياري دولار خلال العملية. وبعد ان حصلت على ميزانية إضافية بقيمة مليار دولار لتغطية كلفة العدوان على غزة، طالبت وزارة الدفاع الاسرائيلية بزيادة بحجم هذه المبالغ بملياري دولار لتجديد مخزونها من الاسلحة وشراء بطاريات جديدة للقبة الحديد وتطوير الانظمة الخاصة بالكشف عن الانفاق واعتراض القذائف.
حجم الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد الاسرائيلي جراء العدوان على غزة اعتبر من الاسباب الاساسية التي دفع بحكومة تل أبيب للقبول بوقف اطلاق النار في الوقت الذي تتجه فيه الانظار اليوم الى مدى صدقية حكومة نتنياهو في الالتزام بهذه الهدنة وتحقيق مطالب القطاع وأبرزها السماح له ببناء مرفا ومطار ورفع كلي للحصار عنه والسماح بإدخال مواد البناء.