IMLebanon

وزير الطاقة يبشّر اللبنانيين بـ«الظلام الشامل»

Safir
كامل صالح

يدخل اعتصام المياومين وجباة الإكراء فصلاً جديداً مع تحميل وزير الطاقة والمياه آرتور نظريان المياومين والجباة، مسؤولية التقنين الكهربائي، بل «إغراق البلاد في ظلام شامل»، كما قال أمس، بسبب «احتلال المبنى المركزي في كورنيش النهر وتهديد الإنتاج».
فبعد 31 يوماً على اعتصام المياومين والجباة احتجاجاً على ما يعتبرونه «تلاعباً» من قبل الإدارة في تنفيذ قانون تثبيتهم في ملاك المؤسسة وفق مباراة محصورة، لم يقف نظريان عند هذا الحد في مؤتمر صحافي عقده أمس في «معمل الذوق الحراري»، بل حمّل المياومين والجباة أيضاً، مسؤولية «عدم قدرة المؤسسة على إصدار الفواتير بسبب استمرار الاحتلال، ما يهدد رواتب الموظفين، وتأخير دفع المستحقات».
لكن «ما فات نظريان»، كما توضح مصادر متابعة لملف المياومين لـ«السفير»، أن «التقنين لم يكن أحسن حالا قبل اعتصام المياومين والجباة»، مؤكدة أن «ما أوصل الأمور إلى ما وصلت إليه، تتحمل مسؤوليته بشكل كامل إدارة المؤسسة، لأنها لم تتلزم تنفيذ ما نص عليه قانون تثبيت المياومين لناحية عدد الشواغر في الملاك، إذ خفضتها من حوالي 1800 مركز إلى 897 مركزاً شاغراً، ما يحرم المياومين من حوالي 900 مركز شاغر».
وتقترح هذه المصادر «سحب مسألة تفسير القانون من طرفي النزاع، وعرضه على جهة معنية للبت في الموضوع، لا سيما أن هناك ما يدعم ما يطالب به المياومون رسمياً، وهي مذكرة مرفوعة من مديرية الاستثمار في وزارة الطاقة إلى الوزير تثبت فيها أن الشواغر في المؤسسة أكثر من 1800 مركز».

قباني: من هو المعرقل؟

أمام اتهامات نظريان، يرى النائب محمد قباني بعد لقائه أمس، رئيس الحكومة تمام سلام، يرافقه النواب: عمار حوري، باسم الشاب وعماد الحوت، أن «الحل الأمني لقضية المياومين ليس الحل الأفضل، وهو غير ناجح، إنما يجب أن يكون هناك حوار وحل سياسي قانوني لهذه الأزمة الكبيرة». ويسأل قباني نظاريان عن المعرقل في قضية الكهرباء «التي وعدنا أن تكون 24 ساعة في العام 2015»، كاشفاً أن «مجلس النواب أعطى كل ما طلبته وزارة الطاقة، والقانون 181 أعطاها ألف و20 مليون دولار في العام 2011»، مؤكداً أن «أحداً لم يعرقل خطط الكهرباء، فيما العتمة تزيد». كما يسأل قباني: «لماذا تتم أعمال الصيانة في كل لبنان ولا تتم في بيروت؟».

التقنين بسبب الميزانية

تفيد مصادر «لجنة المتابعة للعمال المياومين والجباة» رداً على اتهامات نظريان، بأن «صفة الاحتلال لا تنطبق على من يطالب بتنفيذ القانون، وعدم التلاعب ببنوده وتفسيره لغايات شخصية»، موضحة لـ«السفير» أن «المياومين مدّوا اليد للتحاور والتعاون مع الإدارة أكثر من مرة، إن لناحية إصلاح الأعطال التي هي على عاتقهم وضمن مهامهم، أو لناحية تمكين الموظفين من سحب كل ما يلزم من المبنى المركزي لمعالجة الأعطال. علماً أن التقنين لا علاقة للمياومين به، بل هو نتيجة تقليص ميزانية المؤسسة من قبل وزارة المال، كما يؤكد نظريان نفسه، وإدارة المؤسسة أيضاً».
وتسأل هذه المصادر إدارة الكهرباء «لماذا معمل صور متوقف عن العمل؟ ولماذا توقف استجرار الكهرباء من سوريا؟ ولماذا معمل الذوق والجية يعملان بـ10 في المئة من طاقتهما فقط؟ أليس كل هذا بسبب تقليص الميزانية؟»، مضيفة: «أما الأعطال على خطوط الـ66 كيلو فولت في الأونيسكو فهي حجة واهية، حيث ان هناك مخزوناً احتياطياً من زيوت الكابلات والترنسات في جميع المحطات الرئيسية والمعامل، خصوصاً في المركز الرئيسي في الحازمية للكابلات المطمورة المتوسطة».

حالة انقلابية

وكان نظريان قد أكد في مؤتمره الصحافي بعد جولة في معمل الذوق الحراري اطلع خلالها على المعمل الجديد الذي يعمل وفق المحركات العكسية، أن «عدم تصدي القوى الأمنية لظاهرة المياومين الشاذة ستؤدي إلى حالة انقلابية لن نتمكن من قمعها في المستقبل».
واتهم القضاء ووزارتي العدل والداخلية بـ«التقاعس» و«التخاذل» لعدم القيام «بأدنى الواجبات حيال ما تتعـرض له مؤسسة كهرباء لبنان»، معتبراً أن «عدم القدرة على إصدار الفواتير سببه احتلال المؤسسة، وسوف يرتب ذلك فواتير أكبر في آخر الشهر مما يزيد الوضع سوءاً».
لكن المفارقة أن نظريان نفسه يعود ليثبت في مؤتمره أن لا علاقة للمياومين بأزمة التقنين، عندما يقول: إن «معمل الذوق الحراري قديم وبحاجة ماسة إلى التأهيل»، وأن «باخرتي توليد الطاقة تعملان بأقصى قدرتهما التعاقدية، ولولاهما لكنا اليوم في ظلام دامس»، وان «معامل المحركات العكسية في الذوق والجية التي ستزيد التغذية حوالي ثلاث ساعات ونصف الساعة يومياً، متوقفة بسبب تأخر الدولة عن دفع مستحقات المتعهدين منذ ثمانية أشهر، على الرغم من أن التمويل مؤمن وموجود في حساب خاص بذلك»، كاشفاً أن «هذا التأخير يراكم غرامة على الدولة تبلغ 270 ألف دولار يومياً».
فضلا عن ذلك، يؤكد أن «وضع حد لهذه المأساة يتطلب توقيعاً واحداً»، مشيراً إلى أن «ورقة سياسة قطاع الكهرباء، التي أقرتها الحكومة في 21 حزيران 2010، تبقى الإطار الصحيح للحل المتكامل لمشاكل القطاع، وهي بدأت بإعطاء ثمارها على الرغم من العراقيل».

الوضع سيتفاقم

من جهته، قال مدير عام المؤسسة كمال حايك: «سنواصل القيام بواجباتنا لتأمين التيار، ودفع رواتب المستخدمين وتعويضاتهم». وعن التصليحات قال: «نواجه صعوبات كثيرة، خصوصاً لجهة المعدات المحتجزة داخل المبنى المركزي، وتأمين الضريبة على القيمة المضافة لتفريغ البواخر».
وبشّر الحايك اللبنانيين بالقول إن وضع الكهرباء «سيتفاقم يوماً بعد يوم، خصوصاً في ما يتعلّق بالتصليحات والفوترة التي تنعكس على الوضع المالي للمؤسسة».
وإذ أكد أن «المؤسسة ستؤدي واجباتها حتى النهاية»، قال: «لكن إذا وصلنا إلى مرحلة لا نستطيع تأمين التيار فيها، سنقول لكل المسؤولين والرأي العام، بأننا لا نستطيع تأمينه، وهذا الأمر قد بدأ يحصل تدريجياً في بعض المناطق، ويستمر بوتيرة متصاعدة في سائر المناطق».
في وقت لاحق، أعلنت «نقابة عمال ومستخـدمي مؤسـسة كـهرباء لبنـان» بعد اجتماع مشترك مع مجلس المندوبين أنه «وبناء على توصية مجلس المندوبين، وفي حال عدم دفع المنح المدرسية والإنتاج في مواعيدها، ستبدأ بإضراب تصاعدي وصولا للإضراب المفتوح حفاظاً على مؤسستها، وخوفاً على مصير عمالها ومستخدميها، وحفاظاً على كراماتهم ومعيشة أبنائهم».