IMLebanon

يحدث فى مصر فقط: 3.7 مليون عاطل.. ومصانع تتسول بحثاً عن العمالة !

Ahram
أحمد صالح – سارة طعيمة – مى حسن

أزمة تعيشها الصناعة المصرية تتعلق بارتباطها بالعنصر البشرى الذى لا غنى عنه فى هذا النشاط الاقتصادى الخطير الذى يصنف الدول طبقات، فهذا العالم الاول وهذا النامى وهذا المتخلف.
ولا نريد أن نقلب المواجع التى يعرفها أهل التخصص والتى أثرناها على كثير من الحلقات فوق صفحاتنا ولكن تبقى الازمة الكبرى فى حالة الانفصال الكبير بين ما يدرسه طالب التعليم الفنى الذى يمثل النواة الحقيقية للصناعة وبين ما يمارسه فى الصناعة الذى يتطور يوما بعد يوم ولا يقابله الا مناهج جامدة واهمال واستهتار يحمله الطالب فى حقيبة تخرجه مع شهادته الممهورة بخاتم الدولة.
احصاءات الدولة تؤكد وجود 7.3 مليون عاطل بنسبة بطالة تقترب من 5.31% بين الشباب. ورغم ذلك كله نسمع بآذاننا ونرصد بعيوننا صرخات اصحاب المصانع الكبرى تعبر عن شكاوى فريدة اختصت بها بلادنا عن نقص العمالة وقلة المهارة فى تحد صارخ للمنطق والعقل حتى إن بعضهم وقد رأيناهم فى جولاتنا الميدانية لم يجدوا مفرا من الاستعانة بعمالة من بنجلاديش والهند والصين.
وما يؤكد تعمق الازمة وجود 14 مليون شخص وفق الاحصاءات الرسمية يحملون مؤهلا متوسطا ما بين دبلوم صنايع ودبلوم تجارى.
السؤال الذى يفرض نفسه وفق هذه الارقام ووفق شكاوى اصحاب المصانع: لماذا يهرب شباب مصر من حملة المؤهلات المتوسطة من العمل فى المجال الصناعى؟ بل لماذا اختفت المهارة التى كان يتباهى بها العامل المصرى على غيره من العمالة الاجنبية فى الدول الاجنبية التى كانت تجمع بينهم. بل لماذا اختفت هذه المهارة من فوق ارض الكنانة نفسها حتى اننا اصبحنا مهيئين لوجود سباك صينى ونجار بنجالاى وكهربائى تايوانى ونقاش هندى.

“الأهرام الاقتصادى” قام بجولة فى مدينة بدر الصناعية التى تحولت من صحراء قاحلة الى قلاع صناعية يتخللها مساحات خضراء واسعة وهناك لن تجد مصنعا الا وهو يضع لافتة يطلب فيها عمالا ولكن اذا كنت شابا تبحث عن دخل جيد يعينك على بناء مستقبلك فستهرب من الزيارة الأولى للمدينة بسبب ابتعاد المدينة الصناعية عن العاصمة فاذا كان المصنع لا يوفر أتوبيسا لنقل العمالة الى العاصمة فسيواجه العامل أزمة طاحنة كل يوم لانه سيحتاج من وسيلتين الى 4 وسائل مواصلات حتى يصل الى المصنع وفى ظل ارتفاع الأسعار فان تكلفة الانتقال من والى العمل لن تقل عن 10 جنيهات يوميا وهى مشكلة اعترف بها المهندس علاء السقطى رئيس جمعية مستثمرى بدر الذى أكد لنا أن المصانع تعانى من هروب العمالة والحل ليس فقط فى توفير أتوبيس لنقل العمالة او زيادة حوافز العمل ولكن منظومة الصناعة كلها يجب ان تتغير ويجب الاهتمام بالمدن الصناعية وتطويرها لتصبح مجتمعا عمرانيا وسكنيا جديدا لعمال المصانع لتشمل مدارس ومستشفيات وغيرها، بالاضافة الى ضرورة تطوير شبكة النقل العام لربط المدن الصناعية بالعاصمة بأسعار تتناسب مع فئة العمالة.

وفى أحد مصانع المنتجات المعدنية بمدينة بدر استقبلنا المهندس أحمد سعيد المسئول الادارى والانتاجى للمصنع، متسائلا كيف يكون هناك بطالة فى البلد وكل هذه المصانع تبحث عن عمالة؟ فالشباب يرفض العمل ومن تضطره ظروفه الى العمل فى المصانع يعمل وهو متضرر ويبحث عن عمل آخر.

احمد سعيد لا يتعدى 28 عاما يسكن بمدينة السلام تخرج فى كلية الهندسة ولم ينتظر فرصة الأحلام ونزل الى المدن الصناعية يدق أبواب المصانع بحثا عن فرصة عمل وفؤجئ ان المصانع هى التى كانت تبحث عنه وليس هو الذى يبحث عنها وبالفعل اختار أحسن فرصة وبدأ مشواره فور تخرجه دون “واسطة” أو “كارت توصية” من أحد أعضاء مجلس الشعب وحصد نتاج عمله سريعا بأن أصبح المدير المسئول فى المصنع ليزيد راتبه الى أكثر من ثلاثة آلاف جنيه.
استطرد أحمد قائلا: إن فرص العمل فى المدن الصناعية كثيرة لكن الشباب الآن يفضل أن يكون عاطلا على ان يجهد نفسه فى البحث عن مستقبله فأزمة العمالة لا تنحصر فقط فى العمالة الفنية المدربة ولكن تصل ايضا الى العمالة المساعدة التى لا تتطلب أى مؤهلات حتى العمال الذين يعملون فى المصنع غير ملتزمين وهو ما نشعر به فى اليوم التالى لتوزيع المرتبات حيث نجد اغلبهم متغيبين عن العمل. وقال لا ننكر إن هناك صعوبات فى العمل كحرارة الجو وبعد المسافة لكن أصحاب العمل يحاولون الاحتفاظ بالعمالة بكل الاشكال لذلك أغلب المصانع وفرت أتوبيسات لتوصيل العمال ذهابا وإيابا والبعض الآخر قام بتوفير أتوبيسات وسكن للعمال الى جانب أن “الأجرة اليومية” للعامل لا تقل عن 35 جنيها فى اليوم وقد تصل الى 100 جنيه فى اليوم للعامل الفنى المدرب ذى الخبرة.

محاولة للتحديث
وأضاف أن صاحب المصنع الذى يعمل به تعاقد على ماكينات الكترونية جديدة تعمل بالنظام الرقمى”cnc” وذلك فى محاولة للتحديث وفى الوقت نفسه الاستغناء عن أكبر عدد ممكن من العمالة وذلك بعدما اضطر للعمل بنفسه احيانا للوفاء بالتزامات المصنع وتعويض النقص فى العمالة.
وفى مصنع آخر للصناعات الغذائية التقينا حسن شكرى الذى تجاوز الأربعين عاما فقد كان من أوائل العمال الذين بدأوا العمل فى مصانع مدينة بدر وحكى لنا عن معاناته اليومية فى الذهاب والاياب من العمل نظرا لصعوبة المواصلات حتى استطاع أن يحصل على شقة فى مساكن مدينة بدر بـ30 الف جنيه بالتقسيط المريح ونقل معه عائلته الصغيرة بدلا من الحياة فى بيت أهله.
وأكد أن صعوبة الانتقال من والى المدينة الصناعية بالاضافة الى طول المسافة من اهم المشكلات التى تجعل اى عامل يهرب من العمل رغم ارتفاع الأجور نسبيا فأجره الشهرى وصل الآن الى 2000 جنيه الى جانب التأمين الاجتماعى وهو ما جعله يشعر بالاستقرار ويستمر فى العمل.
أما على عبدالرءوف عامل خراطة فانتقل للحياة فى مدينة بدر منذ أكثر من 6 أشهر وترك عمله فى إحدى الشركات الحكومية لان مرتبه لم يتجاوز 400 جنيه أما الآن فهو يعمل بجانب مسكن ويتقاضى راتبا يزيد على 1200جنيه فى الشهر بالاضافة الى التأمين الاجتماعى.
لكن أحمد عبدالعال 22 عاما- عامل- فى مصنع آخر يعيش فى بلبيس ويستغرق ساعتين للوصول يوميا الى مصنعه فيشعر بعدم الاستقرار ويبحث عن فرصة عمل أحسن براتب وأعلى وتكون قريبة من منزله فرغم ان مصنعه يوفر له أتوبيسا ينقله وزملاءه الى أقرب وسيلة مواصلات الى منازلهم فإن تكلفة الذهاب والاياب تبلغ 8 جنيهات يوميا وبالتالى فانه ينفق 200 جنيه شهريا تقريبا من راتبه الذى لا يتجاوز 1200 جنيه على المواصلات فقط.
أما على خطاب المدير التنفيذى السابق لجمعية مستثمرى بدر فيؤكد أن المدينة الصناعية توفر الآن ما بين 9 و10 آلاف فرصة عمل ورغم ذلك فهناك شكوى مستمرة من النقص فى العمالة.
فالمشكلة تتفاقم يوما بعد يوم فى المصانع خاصة مع صعوبة المواصلات المتاحة للمدينة وهو ما يتناقض مع الخطة الاستراتيجية التى تم وضعها عند تخطيط المدينة بأن يتم ادخال خط سكة حديد الى المدينة لتسهيل عمليات النقل.
وأضاف أن العديد من رجال الأعمال اشتروا عمارات فى مدينة بدر لتوفير سكن لعمال مصانعهم ولكن مع زيادة عدد المصانع والتوسع فى خطوط الانتاج أصبح هناك نقص واضح فى توفير الوحدات السكنية.
الوضع فى مدينة العاشر من رمضان الصناعية أسوأ حيث لا يقتصر الأمر على مجرد البحث عن عامل لتدريبه وانما كيف تحافظ عليه أيضا من “الخطف”. فظاهرة خطف العمالة بين المصانع انتشرت بصورة كبيرة والصراع على العمال وصل الى أشده- كما يقول أبوالعلا أبوالنجا رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان- فلا ألبث أن أدرب العامل حتى أجده انتقل الى مصنع آخر لأن صاحب المصنع الجديد عرض عليه، وأكد أن المدينة الصناعية فى العاشر تحتاج وحدها الى اكثر من 10 آلاف عامل ولكن العمالة الفنية أصبحت نادرة، وخريجو الجامعات رغم البطالة التى يعانون منها يرفضون العمل فنيين فى المصانع وحتى وان اضطرتهم ظروفهم يحتاجون تدريب تحويلى مكلف على أصحاب المصنع دون الشعور بالاستقرار.

سكن جماعى

واضاف أن جمعية مستثمرى العاشر أعلنت كثيرا فى الصحف عن وظائف خالية ولكن نسبة استجابة الشباب للاعلان بسيطة وأحيانا لا يأتى أحد وهو ما دفع بعض رجال الاعمال لجلب عمالة فنية أجنبية من جنوب شرق آسيا والبعض الآخر اتجه الى الصعيد ومحافظات الوجه البحرى ولكنها لا تختلف كثيرا عن الموجودة هنا حيث يغيب عنصر الاستقرار والانتماء للمصنع.
ايمن رضا الامين العام لجمعية مستثمرى العاشر من رمضان يقول إنه استطاع ان يحل مشكلته مع نقص العمالة وذلك بجلب عمالة من الصعيد وتوفير سكن جماعى لهم وتبلغ اجرتهم اليومية 40 جنيها لان أغلبها عمالة فنية غير مدربة بينما يتكلف ايجار مسكنهم 700 جنيه لكل 6 افراد.
ويضيف قائلا: إن هناك العديد من رجال الأعمال بدأوا يتجهون الى العمالة الآسيوية لأنها أرخص من العامل المصرى فراتب العامل البنجلاديشى والماليزى والهندى لا يتجاوز ألف جنيه ولا يحصل على اجازات سوى مرة كل سنتين على حساب المصنع وهو ما يوفر الكثير لصاحب العمل خاصة انهم يتميزون بجدية فى العمل وسرعة فى الانتاج.

أما الوضع فى مصانع محمد فريد خميس فيختلف قليلا- حسبما أكد معتصم راشد أمين عام مؤسسة محمد فريد خميس لتنمية المجتمع- الذى وضع أمامى ملفات لأكثر من ثلاثة آلاف طلب توظيف تلقتها الجمعية بعد نشر اعلان فى احدى الصحف للبحث عن هيكل ادارى كامل لمصنع بتروكيماويات جديد يتم انشاؤه فى بورسعيد ورغم أن أغلب تفاصيل الوظائف فى الاعلان تتعلق بالعمالة الفنية الا أن 99% من المتقدمين خريجو جامعات حكومية وخاصة وحاصلون على دورات كمبيوتر ولغات والعديد منهم تقدم بسيرة ذاتية باللغة الانجليزية وهو ما يؤكد التناقض الواضح بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل متسائلا. كيف نسد هذه الفجوة؟
وأكد أن الواقع الذى تعيشه الصناعة مؤلم للغاية خاصة عندما اكتشفنا أنه حتى العامل الحاصل على دبلوم صنايع لم ير مخرطة أبدا أثناء فترة تعليمه.

وأضاف: هناك اتجاه فعلى الى استيراد العمالة الاجنبية على حساب العمالة المصرية رغم تكلفتها الا أن هذا يعد “عارا” على المجتمع المصرى الذى يعانى من البطالة وفى الوقت نفسه يمتلك تعليما مجانىا و44 جامعة حكومية تعجز عن توفير احتياجات سوق العمل فى مصر.واختتم راشد حديثه بأن الانفاق على التعليم دون ربطه بسوق العمل ليس الا اهدارا للمال العام المصرى!

بائع جائل
أما سعيد أحمد رئيس المجلس التصديرى للمفروشات فأبدى تفاؤله بالمستقبل الاقتصادى لمصر وقال ان رجال الصناعة استشعروا رغبة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى العمل والانتاج وبالتأكيد هذا سينعكس على أرض الواقع بعد تنفيذ خطة الرئيس الاقتصادية لتصبح مصر دولة صناعية زراعية انتاجية وليست استهلاكية بالدرجة الأولى
وأضاف أنه يتمنى أن يتم انقاذ المصانع المتعثرة وانشاء مشروعات جديدة ومحاولة جذب الشباب للعمل فى وظائف انتاجية محذرا من تفشى ظاهرة هروب الشباب من العمل فى المصانع وقال إن أغلب اجتماعات المجلس التصديرى للمفروشات والملابس وغيرها لا تخلو من شكوى الصناع من عدم التزام الشباب فى العمل وهروبهم من العمل فى المصانع خاصة فى مدينة المحلة الكبرى التى تحتوى على أكبر تجمع لمصانع النسيج فى مصر حيث يهرب العامل من العمل فى المصنع رغم أن الحد الادنى لمرتبه اصبح 1200 جنيه ويذهب ليعمل كبائع جائل فى الشارع او كسائق للتوك توك او سائق ميكروباص دون رقيب او عتيد محققا دخلا أعلى بكثير بسبب حالة الفوضى التى تسيطر على الشوارع بعد الثورة.
وأكد أنه فى حالة ضبط الشارع ووضع ضوابط للتجارة وزيادة حوافز العمل الانتاجية سيبدأ الشباب فى البحث عن فرص عمل فى المصانع والمهن الانتاجية.
وحذر حافظ الغندور نقيب التجاريين من تفشى ظاهرة المهن غير الرسمية وغير الانتاجية موضحا أن الباعة الجائلين احتلوا الشوارع ويفرضون الاتاوات على الحكومة ويطالبون الحكومة بتقنين اوضاعهم وبناء محلات لهم حتى دون معرفة مصدر البضائع ومدى تأثيرها على الصحة العامة متسائلا عن هوية هؤلاء الباعة الجائلين قبل اندلاع الثورة وظهور الفوضى فى الشوارع.
وطالب بعودة روح الستينيات عندما تم وضع هدف قومى للشعب كله وهو النهضة الصناعية مؤكدا ان الخطة الخمسية التى وضعها عبدالناصر عام 1960 لاحياء الصناعة المصرية هى الخطة الاقتصادية الوحيدة التى تم تنفيذها بالكامل فى مصر.

أرقام كاشفه لليونسكو
و تكشف أرقام منظمة اليونسكو أن التعليم المهني والفني في العالم يضم 15% من الطلاب فى مرحلة التعليم الثانوي ويمثل فى امريكا اللاتينية واوروبا 30% من اجمالى تلاميذ مرحلة التعليم الثانوى، ويتراوح في الدول العربية والشرق الاقصى بنسبة بين 16، 17% وهناك اقاليم ومناطق يعتبر التعليم الفني فيها اقل تطورا، حيث يمثل نسبة 5% في شمال افريقيا واقل من 2% في جنوب افريقيا من اجمالى طلاب المرحلة الثانوية.
اما في مصر فيمثل الملتحقون بالتعليم الفني 55% من اجمالى طلاب الثانوية وبالتالى نحن اعلى من المستويات العالمية لكن تبقى كفاءة التعليم مشكلة وتحتاج الى تطوير.
د. مصطفى عيد خبير التنمية البشرية يرى ان من بين الدلائل على عجز انظمة التعليم الفنى والتدريب في مصر هو ظهور مشكلات الانتاج في الاقتصاد القومي وعلاقاتها بنقص المهارة مع عدم تجاوبها مع احتياجات سوق العمل.
لذا هناك عجز مستمر في العديد من المهارات التي تؤثر في النهاية على كفاءة المنشآت الصناعية وقدراتها على المنافسة وتشتكى اغلب الشركات المصرية والاجنبية على ارض مصر من نقص المهارات واهم مظاهر العجز ان التعليم والتدريب المهني لايقوم مواهب الطلاب او يساعدهم على اكتشاف قدراتهم الذاتية هنا لابد من اعادة النظر فى مضمون المنهج التدريب والتعليمى.
واحدث تكامل بين التعليم الفني والتدريب المهني بحيث يحتوي المنهج على المهارات والمعارف المطلوب فعلا فى سوق العمل حتي لا تستمر حالة الفصام التام بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل وقد اظهرت دراسات عديدة ان ضعف التعليم الفني ساهم في ضعف الانتاجية والتنافسية ولا تزال ميزانية تمويل التعليم الفني محدودة وحتي الآن لم ينظر اليه علي انه استثمار قومي يحقق عوائد مادية كما يعانى التعليم الفني من نقص فى معلمى المواد العلمية وكذلك من نقص في معلمى المواد العلمية، وكذلك في مدرسي المعامل والورش وتسهم المدارس الخاصة بنسبة لا تتجاوز 6.6% من اجمالي عدد الطلاب المقيدين بالتعليم الفني.
ويضيف: ووفقا لتحليل سوق العمل تعد البطالة بين الشباب هى السمة الغالبة على هيكل البطالة ويشير الواقع الى ان ما لا يقل عن 90% من المتعطلين تقل اعمارهم عن 30 عاما ويمثل الاقتصاد غير الرسمي نقطة الجذب الأساسية لهم.
كما يعانى فيه القطاع الصناعى والمجتمع لكل من عدم توافر المهارات الفنية بالتالى ادي ذلك الي ندرة للعمالة والصنايعية المهرة واصطدام المواطنين بجيل من الصنايعية يفتقر الي المهارة والحرفية واصبح الحرفى والصنايعى الماهر عملة نادرة ولم يؤد التعليم الفني دوره فى اعداد جيل من المهنيين والحرفيين فأصبحت العمالة الفنية ضحية منظومة تعليم فني ضعيف وسياسات تدريب مشتتة وغير مؤثرة وادت مشكلاتها وسلبياتها الى مخرجات لا تتوافق مع متطلبات العمل والتطور التكنولوجى من هنا يجب على الدولة ان تقوم بدور فاعل وعملى فى تعليم وتدريب وتأهيل العمالة للتشغيل ومتطلبات السوق.
وهناك العديد من منشآت القطاع الخاص الصناعى تدعى ان لها موقفا ايجابيا تجاه التدريب المهني الا ان التدريب الفني الذي تقدمه يتم من خلال العمل باستخدام مواردها المحدودة او الاستعانة بكبار موظفين او مشرفين لا يملكون خبرة عملية فى مجال التعليم ويكتفون بدورات تدريبية قصيرة بتعليم غير منتظم ليس له شهادات معترف بها.
وفى كثير من الاحيان تغفل منشآت القطاع الخاص عن ادراك اهمية القيمة المضافة الناجمة عن التدريب ويتضح هذا من عدم تخصيص الميزانية المناسبة له وعادة ما تحجم مؤسسات الأعمال التي تشتكى من عدم استطاعتها تعيين عمال اكفاء عن الاستثمار فى رأس المال البشرى خشية ارتفاع معدلات الأجور ودوران العمالة او اى ممارسات اخرى تؤثر فى صافي ارباحهم وعلى الرغم من ان قانون العمل الذي صدر فى 2003 نص على انشاء صندوق للتدريب يمول من حصيلة رسم يفرض على المنشآت التي يعمل بها 10 عمال فأكثر بنسبة 10% من صافى الأرباح التي تحققها هذه المنشآت والموارد الأخري التي حددها القانون الا ان هذا الصندوق التابع لوزارة القوى العاملة لم يمارس بعد نشاطه بشكل كامل لاعتراض بعض المؤسسات على سداد التزاماتها وقيام العديد منها بالطعن بعدم دستورية انشائه اصلا ومازالت الدعاوى منظورة امام القضاء.
محمد المرشدى مستمثر في قطاع الغزل والنسيج يقول انه قد تم وضع استراتيجية قومية لتطوير التعليم الفني والتدريب المهني في عام 2009 علي ان يتم تنفيذها من خلال 5 مراحل على مدي 25 عاما وتقوم 6 وزارات معنية بتنفيذ ما يخصها في هذا البرنامج وكانت اهم ملامح هذا البرنامج استكمال تطوير 25 مدرسة فنية و100 مدرسة ثانوية فنية ومراجعة التشريعات والقوانين الخاصة بالتعليم الفنى والتدريب المهني وانشاء مجمعات تكنولوجية والتوسع الافقى لمؤسسات التعليم الفنى “مدارس، كليات، مراكز تدريب” وتوسع نوعى رأسي بتطبيق معايير المهارة القومية وحصر وتلبية احتياجات سوق العمل الاقليمية والعالمية ولكن الملاحظ كما يقول المرشدي انه لم يتم تحقيق معظم الاستراتيجية خاصة بعد سقوط نظام مبارك ولا يزال التعليم الفني يعاني من سوء المستوى ومشاكل في اعداد المدرسين وضعف مستوى الخريجين والسوال هنا: اين دور وزارة التعليم بتنفيذ مخططات التعليم الصناعي؟ وفي نفس الوقت الاهتمام بتطوير برنامج مبارك كول من خلال المجلس التنفيذي للمشروع الذي يضم ممثلي رجال اعمال لزيادة النسبة الاستيعابية بمقدار 10% من عدد خريجى التعليم الفني التي بلغت 80 الف خريج وان يتعاون الاتحاد العام لنقابات عمال مصر مع وزارات التعليم بالتعليم العالي الصناعية والقوى العاملة لتطوير الجامعة العمالية لتحويلها الى تجمع تكنولوجيا يلبى احتياجات سوق العمل.
مع التشديد على جودة وكفاءة مخرجات التعليم الفني قبل الاهتمام بالكم وذلك باخضاع هذه المخرجات خلال مراحل الدراسة المختلفة لمعايير الجودة ومقاييس مرحلية ونهائية تشارك فيها مؤسسات اصحاب الاعمال ونقابات العمال تكون مبنية على مواصفات ومستويات عالمية معترفا بها محليا ودوليا وتأهيل المدرسين بصفة مستمرة وتزويد المدارس الفنية بأجهزة الحواسب الحديثة وتطوير محتويات البرامج التعليمية الفنية وفق احتياجات الحقيقية لسوق العمل القائم والمستقبلى.

– الشباب يفضل مهنة الديلفرى عن الصناعة
يوضح حمادة القليوبى رئيس جمعية مستثمرى المحلة ان الشباب يفضلون حاليا الالتحاق بمهن ووظائف “حرة” يكون الشاب فيها “طليقا” غير مقيد بالتزامات مثل المصانع، وهناك نسبة كبيرة من الشباب اتجه الى مهنة “الديلفرى” يكون من خلالها مالكا- الى حد ما- وسيلة مواصلات “موتوسيكل” ينطلق فى الشارع وليس مقيدا داخل مبنى مغلق بقيود ولوائح عمل تحد من حريته، والمجتمع يعانى من خلل الامية بنسبة 40% والقيمة المضافة صفر وهناك صناعات مثل: الجلود، الملابس، البلاستيك تحتضن الأمى وشبه الأمى لكن بدخل صغير او متوسط وهناك قطاعات اخرى ربما تكون مجهدة ايضا لكن دخلها اعلى مثل الديلفرى وقيادة التوك توك الذى جذب ما لا يقل عن 2 مليون عامل من السوق.
يضيف القليوبى: تضم مهنة الخياطة والتطريز مثلا 800 الف عامل ترتبط بصناعة الملابس الجاهزة والمفروشات ويكون لكل عامل ماكينة يعمل عليها وتتكلف فرصة العمل الواحدة ما بين 35 الفا الي40 الف جنيه تمثل قيمة الماكينة وتكلفة المكان والاستهلاك وتصل انتاجية العامل الى50 الف جنيه سنويا.

اما قطاع الغزل والنسيج فيضم 200 الف عامل ويقف العامل الواحد على 5 او 10 ماكينات ووحدة الغزل فى القطاع تسمى “ميردن” ولدينا 2.2 مليون ماكينة ميردن تستوعب 40 الف عامل فى القطاعين العام والخاص رغم ان قدرتها لا تتجاوز 12 الف عامل ويتكلف توفير فرصة عمل واحدة فى مصنع النسيج 350 الف جنيه وتبلغ انتاجية العامل 250 الف جنيه سنويا بمتوسط اجر 1200 الى 1500 جنيه شهريا فى حين تبلغ انتاجية العامل فى مصنع الحديد والصلب مليونا الى 2 مليون جنيه سنويا بمتوسط راتب شهرى 3 الى 4 آلاف جنيه.
وتمثل الاجور وحدها 80 من حجم مبيعات الغزل والنسيج خاصة فى شركات قطاع الاعمال العام مقابل 3% فقط فى مصانع الحديد وهى ازمة كبرى ادت الى عدم قدرة القطاع على استيعاب عمالة جديدة.

– مقترحات تنظيم مزاولة المهن الصناعية
طالبت دراسة صادرة عن مركز معلومات مجلس الوزراء بتوحيد المفهوم القومى لتصاريح مزاولة المهنة بحيث يصبح شاملا لجميع الافراد العاملين في سوق العمل ولا يقتصر على الحرفيين وان يبنى على اساس مستويات مهارة قومية يشارك في اعدادها جميع الاطراف مع وضع اولويات للتنفيذ والتطبيق خلال 6 سنوات على الاكثر.
وكذلك ايجاد كيان قومي يرتكز على ممثلى القطاع الخاص ومنظمات الاعمال والعمال والجهات الحكومية المعنية يضع المستويات والأسس الفنية والمهنية والعلمية التي تبني على اساسها الجوانب الفنية لاصدار تصاريح مزاولة المهنة على ان يخضع كل الافراد المشاركين فى هذا الكيان لدورات تدريبية لتوحيد المفاهيم وتوضيح الهدف وتكامل المعلومات، ولابد من التحديد الدقيق لمستويات المهارة واختباراتها واختبارات الصالحية لاصدار تصاريح مزاولة المهنة بصفة دورية، لمواجهة المتغيرات المستمرة والمتطورة فى توصيف المهن وحسب تطور النشاط المحلى والخارجى.
اوصت الدراسة ايضا بربط الحاصلين على تصاريح مزاولة المهنة بالاتحادات والنقابات والروابط المهنية المختلفة لتأكيد التزامهم الأدبى والمهنى والفنى ولتيسير الحصول على الأفراد اللازمين منهم عند الحاجة على ان تشمل تصاريح مزاولة المهنة على اسم المهمة حسب التصنيف المعمول به رقمها الكودي او الدولي او مستوى المهارة لصاحب التصريح والمستوي الثقافى والعلمي على ان يكون التصريح لمدة زمنية محددة يجدد لضمان رفع المستوي المهني لصاحب التصريح.
– التعليم الصناعى فى أرقام
عدد مدارس الثانوى الصناعى بمحافظات مصر 947 مدرسة، مقسمة كالتالى 750 مدرسة بالمدن، و197 بالريف، ويبلغ إجمالى عدد الفصول 24 ألفا و983 فصلا، منها 20 ألفا و482 فصلا بالمدن، فى مقابل 4 آلاف و501 فصل بالمناطق الريفية. فى حين أن إجمالى عدد الطلاب الملتحقين بالمدارس الثانوى الصناعى بمحافظات مصر، بلغ 856 ألفًا و126 طالبًا، موزعين كالتالى 695 ألفًا و88 طالبًا منهم بالمدن، و161 ألفًا و38 طالبًا بالمناطق الريفية.