IMLebanon

“قوة سيبيريا” بكلفة 20.650 مليار دولار

RussiaChinaGaz
أنيس ديوب
“قوة سيبيريا” هو الاسم الذي أطلق على خط أنابيب الغاز الطبيعي الجديد والعملاق الذي سيمتد بطول أكثر من 3000 كيلومتر من سيبيريا الروسية إلى الشرق الروسي وأيضاً، إلى شمال الصين.
والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي دشن الجزء الروسي من هذا الخط، يوم الأول من سبتمبر/أيلول الجاري كان على حق، حينما أعرب عن ثقته بأن “هذا الخط، لن يكون له مثيل في العالم في الأفق المنظور”.
فشركة «غازبروم» الروسية التي بدأت ببناء هذا الخط، بتكلفة تقدر بنحو 770 مليار روبل، أي ما يعادل نحو 20.650 مليار دولار، ستمكن روسيا من تصدير 38 مليار متر مكعب إضافية من الغاز الطبيعي سنوياً.
أما العقد الذي وقعته «غازبروم» مع شركة النفط والغاز الوطنية الصينية «CNPC» على هامش زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى شنغهاي في 21 مايو/أيار الماضي، فينص على توريد هذه الكمية (أي 38 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا)ً من شرق سيبيريا إلى الصين لمدة 30 عاما وبقيمة إجمالية تبلغ 400 مليار دولار.
بوتين لفت أيضاً إلى أهمية مشروع «قوة سيبيريا» بالنسبة لروسيا والصين من الناحية الاقتصادية، مشيرا إلى أنه سيكون أداة لتوريد الغاز إلى الصين من جهة، وسيساهم من جهة أخرى في ضمان إمدادات الغاز للسكان في المناطق الروسية في سيبيريا والشرق الأقصى الروسي، ويمهد الطريق في المستقبل لوصل شبكة الغاز في روسيا مع بعضها، وبالتالي سيتيح لروسيا إمكانية التحكم بإمدادات الطاقة إلى الشرق أو إلى الغرب، وفقا للأوضاع في الأسواق العالمية، وبما يتناسب مع المصالح القومية الروسية.
ومما يزيد من أهمية هذا المشروع، أنه سيعزز وسينمي فعلاً قطاعات مهمة في روسيا كصناعة السيارات والأنابيب والتعدين والصناعات الكيميائية، هذا بافضافة إلى أنه مشروع ضخم لتوظيف رؤوس الأموال وخلق فرص وأماكن عمل جديدة.
ومما يعزز أهميته أيضاً، هو أن تدشينه جاء في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الروسية مع دول الغرب توتراً شديدأً بسبب أزمة أوكرانيا، وبعد قيام بعض الدول الغربية بفرض عقوبات على روسيا التي تعد أكبر مصدر للطاقة لدول أوروبا.
أما مصدر الغاز الذي سيُضخ عبر «قوة سيبيريا» فهو أكبر مكامن الغاز في شرق روسيا «تشاياندينسكويه» و«كوفيكتينسكويه» اللذين تقدر احتياطياتهما بنحو 4 تريليونات متر مكعب، وهي مكامن جديدة غير مستغلة بعد.
بالفعل فإن سوق الطاقة بمنطقة آسيا والمحيط الهادي هي أكثر جاذبية لروسيا، خاصة بعد تعاظم ما أسماه وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك بـ “تأثير عامل التفضيل السياسي في قطاع الطاقة في الدول الغربية”. كما أن الدول الغربية، ترغب بالفعل في إضعاف موقف روسيا، وتتصرف (الدول الغربية) بشكل يضر حتى بمصالحها، كونها غير راضية عن الدور المتعاظم لروسيا ومكانتها العالمية في قطاع الطاقة.
فالاحتياطي الروسي من موارد الطاقة لا يزال ضخما إلى الآن، حيث يتركز في الأراضي الروسية ثلث احتياطي الغاز الطبيعي في العالم، وعشر احتياطي النفط العالمي، وخمس احتياطي الفحم، و14 بالمائة من احتياطي اليورانيوم العالمي.
كما أن الاحتياطي المستقبلي والمتوقع لموارد النفط في روسيا يتجاوز الـ 60 مليار طن. ولا بد من الإشارة إلى أن حقول النفط الأساسية، وخاصة في سيبيريا الغربية تتميز بكثافة الإنتاج. ولهذا فإن الروس يرون أن الوقت قد حان لاستثمار حقول النفط والغاز في الجرف القاري القطبي، وبحار الجنوب والشرق الأقصى حيث تبلغ حصة الجرف القاري من احتياطي روسيا 16 مليار طن من النفط، و82 تريليون متر مكعب من الغاز.
صحيح أن روسيا تركز منذ سنوات على اقتصاد النفط والغاز، لكن احتياطياتها من الطاقة تجعلها غير قلقة أبداً، من نضوب مواردها في المستقبل القريب كما هو حال مناطق أخرى من العالم، وأولها منطقتنا.