IMLebanon

منح اسكتلندا سلطات إضافية يعيد تشكيل الاقتصاد البريطاني

FinancialTimes
سارة أوكونر وكريس جايلز

تصويت اسكتلندا ضد الاستقلال أعاد بعض اليقين إلى الانتعاش الاقتصادي في المملكة المتحدة، لكن التحركات نحو مزيد من نقل السلطة من المرجح أن تعمل على إعادة تشكيل الاقتصاد البريطاني والمالية العامة في السنوات المقبلة.

على المدى القصير، التصويت بـ “لا” أبقى على الوضع الراهن وتجنب السيناريوهات التي يخاف منها المستثمرون والاقتصاديون كثيراً، مثل الهبوط الحاد للجنيه، وهروب رأس المال من اسكتلندا، وفترة من مشاعر اللبس العميقة التي يمكن أن تقوض الانتعاش في بريطانيا.

خبراء الاقتصاد يعتقدون أن بعض الطلب المكبوت يمكن أن ينطلق الآن بعد أن تراجعت تلك المخاطر، لا سيما في اسكتلندا، حيث تم تعليق بعض الاستثمارات من الشركات وفي قطاع المساكن. وبما أن اقتصاد اسكتلندا يمثل نحو 8 في المائة فقط من اقتصاد المملكة المتحدة، فإن هذا يزيل الخطر المتمثل في أن الانتعاش الأوسع قد يتعثر بدلاً من إحداث فرق كبير في نمو مؤقت.

وبالأمس أرسل كثير من الاقتصاديين في الحي المالي في لندن رسائل بالبريد الإلكتروني إلى العملاء معربين عن ثقة أكبر في التوقعات الاقتصادية المتفائلة على المدى القريب في المملكة المتحدة. “العودة من حافة الهاوية” كان في خانة الموضوع في رسالة أحد الاقتصاديين. ويذهب توافق الآراء إلى أن الاقتصاد سيحقق نمواً بنسبة 3 في المائة هذا العام.

التصويت جعل المستثمرين أكثر ثقة في افتراضهم بأن بنك إنجلترا سيبدأ في رفع أسعار الفائدة في آذار (مارس) من العام المقبل.

وفي الوقت نفسه، عن طريق الحفاظ على الناخبين الاسكتلنديين المؤيدين نسبياً لأوروبا في داخل المملكة المتحدة، فإن التصويت يقلل أيضاً من فرصة خروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.

لكن كما أوضح ديفيد كاميرون بالأمس، سوف تسعى جميع الأطراف للاتفاق على تسوية دستورية جديدة من المرجح لها أن تكافئ الدول والمناطق الناجحة في المملكة المتحدة، في حين تضطر المناطق أقل نجاحاً لمواجهة العواقب.

وأشار الاقتصاديون إلى أن الخطط لزيادة نقل السلطة لم تكتمل بعد. وقال صموئيل تومب، الخبير الاقتصادي في كابيتال إيكونوميكس، إن “التوقعات على المدى القريب بالنسبة للاقتصاد على جانبي الحدود الاسكتلندية قد أشرقت بعد قرار اسكتلندا البقاء جزءاً من المملكة المتحدة”.

“لكن على الرغم من التصويت بلا، سيستمر الاقتصاد البريطاني محاطاً بعوامل اللبس حول مستقبل البلاد السياسي على مدى العامين المقبلين”.

والخطوط العريضة لمزيد من نقل سلطات دفع الضرائب واضحة من قانون اسكتلندا لعام 2012، الذي يعطي بالفعل لاسكتلندا حكماً ذاتياً أكبر في ماليتها العامة على نحو لا يستهان به اعتباراً من عام 2016.

وبموجب القانون، فإن هوليرود ستكتسب القدرة على رفع أو خفض جميع معدلات ضريبة الدخل بنسبة تصل إلى عشر نقاط مئوية.

ولكن هناك تغيير ينطوي على أهمية أكبر، وسيعطي اسكتلندا حصة مباشرة في نجاح اقتصادها. ففي الوقت الحاضر، الأمة مؤمنة بالكامل من قبل بقية المملكة المتحدة إذا ما تم جمع الإيرادات من ضريبة الدخل من السكان الاسكتلنديين الذين لا يتماشون مع نمو بقية المملكة المتحدة.

وبمجرد أن تكسب اسكتلندا سلطات جديدة، ستكون معرضة لـ “الخطر في المالية العامة”، وستستفيد إذا ارتفعت عائدات الضرائب الاسكتلندية بشكل أسرع من تلك الموجودة في المملكة المتحدة، لكن ستعاني من العواقب في حال فشل الاقتصاد الاسكتلندي في تحقيق أداء يقارب متوسط الأداء في المملكة المتحدة.

يقول البروفيسور ديفيد بيل، من جامعة ستيرلينج: “الخطر المتزايد في المالية العامة نتيجة حتمية للتحرك نحو قدر أكبر من الاستقلال في المالية العامة”.

وقد وعدت جميع الأحزاب السياسية الثلاثة بوضع جدول زمني متسارع لإعطاء مزيد من الصلاحيات بخصوص الضرائب والإنفاق للشعب الاسكتلندي. وقال كاميرون بالأمس إن تلك الالتزامات سوف “تحترم بالكامل”.

وأعلن كل من المحافظين والديمقراطيين الأحرار أنهم سيسلمون السيطرة الكاملة على ضريبة الدخل للحكومة الاسكتلندية. واقترح الديمقراطيون الأحرار أيضاً إسناد ضريبة التركات وضريبة أرباح رأس المال إليها أيضاً. أما حزب العمال فكان أقل راديكالية، مقدماً فقط فسحة إضافية فقط ضمن نطاقات ضريبة الدخل.

إن تفويض السلطة بخصوص المزيد من الضرائب سيضيف إلى مسؤولية اسكتلندا من أجل ضمان ألا تتراجع إيراداتها الضريبية وراء متوسط المملكة المتحدة. وسينطبق الشيء نفسه على الدول والمناطق الأخرى، مثل لندن، التي ربما تريد الحصول على سلطات مماثلة. وسيستمر إعداد الميزانية المبدئية لاسكتلندا والدول الأخرى من قبل وزارة المالية وستكون خاضعة لمفاوضات وسط شكاوى مستمرة منذ فترة طويلة بأن تخصيص الإنفاق العام عبر بريطانيا يفتقر إلى الإنصاف.

وأمس قال روب وود، وهو اقتصادي في بنك بيرينبيرج: “ستصبح المملكة المتحدة اتحاداً أقل ترابطاً خلال السنوات المقبلة. وليس من الضرورة أن تكون الآثار الاقتصادية لرد الفعل العكسي المذكور هائلة، وستكون هناك فرص أيضاً (…) إذا أنشأ برلمان إنجليزي يمكن أن يكون أكثر وداً مع الشركات”.