IMLebanon

عن المواقف المبدئية لحسن نصرالله وحزبه! (بقلم طوني أبي نجم)

hassan-nasrallah

كتب طوني أبي نجم

تابعنا خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء الثلثاء بتمعّن، ولا بدّ من نقاش هادئ في الموضوعين السياسيين الأساسيين اللذين شكلا محور كلامه، وهما ملف العسكريين المخطوفين وملف الائتلاف الدولي لضرب “داعش”.

في موضوع العسكريين المخطوفين حاول نصرالله أن يكون عقلانياً، لكنه لم يكن صادقاً على الإطلاق. فصحيح أن أي طرف داخل الحكومة لم يكن ضدّ التفاوض في المطلق بمن فيهم وزراء “حزب الله”، لكن نصرالله لم يكن صادقاً في نقطتين اشترطهما الحزب مسبقاً وهما رفض أولاً رفض التفاوض المباشر مع الخاطفين، وثانياً الرفض المسبق لمبدأ المقايضة، التي مارسها “حزب الله” مراراً مع إسرائيل، ما عطّل إمكانية قيام مفاوضات جدّية وترك الأمر في عهدة القطريين والأتراك ووضع مصير العسكريين على المحك!

صحيح أن على الحكومة اللبنانية أن تفاوض من موقع قوة وليس ضعف، لكن الصحيح أيضا أنه يجب عليها أن تمتلك كل أوراق التفاوض الممكنة وألا يكبّلها أي طرف داخلها أو خارجها بشروط مسبقة لهداف لم تعد خافية على أحد. فحزب الله يفضّل إبقاء ملف الجنود عالقاً حتى يستدرج الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية الى معركة عسكرية في عرسال وجردها، وهي المعركة التي لم تكتمل بالنسبة الى الحزب في المرّة الأولى، بعد اعتقال عماد جمعة الذي يقف القضاء اليوم عاجزاً عن الادعاء عليه، ولم تكتمل رغم إطلاق النار على الشيخ سالم الرافعي ورغم كل عمليات إطلاق النار السياسية والميدانية على كل محاولات حلحلة الموضوع حفاظاً على حياة العسكريين.

أما الموضوع الثاني وهو موضوع الائتلاف الدولي فلم يكن نصرالله موفقاً فيه على الإطلاق. فالحديث عن موقف مبدئي لـ”حزب الله” في أي موضوع أمر لا يؤخذ به أبداً لأن الحزب يتبع نظام ولاية الفقيه، وبالتالي فهو يلتزم بكل المواقف التي تصدر عن نظام الولي الفقيه في إيران التي كانت من المرحبين ضمنياً بالاجتياح الأميركي للعراق والذي أعاد لها هيمنتها ونفوذها بعد عقود طويلة وبعد حرب الخليج الأولى التي أنهكها فيها الرئيس العراقي السابق صدّام حسين.

كما أنه لا يمكن الحديث على سبيل المثال عن قبول وساطة القطريين في موضوع العسكريين المخطوفين، وقطر تحتضن القاعدة العسكرية الأكبر في المنطقة، ومنها كانت تتموّن إسرائيل بالقذائف التي كانت تدكّ لبنان في حرب تموز 2006، ومن ثم رفع شعار “شكراً قطر” والحيث في الوقت نفسه عن موقف مبدئي!

ولا يمكن التنويه بالحراك “السلمي” في البحرين والإشادة بالحرب العسكرية التي قادها الحوثيون في اليمن ورفض الثورة السورية السلمية في أشهرها الأولى ورفض الثورة العسكرية السورية مع الجيش السوري الحر لاحقا، كل ذلك في الوقت نفسه والحديث عن موقف مبدئي!

والمبدأ يا سيّد نصرالله هو في الوقوف دائماً ضد الإرهاب لا ممارسته عبر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل شهداء “ثورة الأرز”. والمبدأ هو في الوقوف ضدّ كل الإرهاب وليس في تغطية إرهاب بشار الأسد من “فتح- الإسلام” الى سماحة- المملوك الى إرهاب بشار في الداخل السوري والوقوف حصراً ضد الإرهاب الذي لا يتناسب ومصالح النظام البعثي. والأهم أن اتهام الأميركيين بالإرهاب لا يمكن أن يصدر عن حزب قام على الإرهاب والعمليات الإرهابية من خطف الطائرات وتفجيرات المقرات العسكرية الغربية في بيروت وخطف الرهائن وغيرها من العمليات الإرهابية التي تتلمذ فيها على يد الحرس الثوري الإيراني!

وأيضا وأيضا المبدأ يا سيّد لا يكون وفق منطق “الشيعة الذين تحرّكهم إيران هم دائماً على حقّ”!

والمبدأ لا سيّد لا يكون بالازدواجية بين عدم الوثوق بالإدارة الأميركية حليفة الإرهاب الإسرائيلي والتبعية العمياء لإيران الولي الفقيه التي تفاوض الأميركيين يومياً وتعلن استعدادها للسير في الائتلاف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد “داعش” في مقابل تسهيلات في ملفها النووي!

فأين هو المبدأ والموقف المبدئي يا سيّد؟!

المبدأ الوحيد هو في العودة الى لبنان بشكل كامل ونهائي، والموقف المبدئي الوحيد هو أن تكون الدولة اللبنانية وحدها سيّدة على كل أراضيها وقراراتها، وأن تحتكر السلاح بشكل كامل فلا يكون هناك أي سلاح خارج عن الشرعية… وكل تذاكٍ خارج ذلك لا علاقة له بأي مبدأ غير التبعية يا سيّد!