IMLebanon

الصين: معسكرات لغرس روح أصحاب المشاريع الاقتصادية في المراهقين

FinancialTimes
إيما جيكوبس

في العام الماضي ذهبت كل من أليسون وميجان جيل، وهما توأم متماثل تبلغان من العمر 17 عاماً، إلى معسكر صيفي. لكن لم يكن معداً لهما أنشطة المعسكر التقليدية، مثل إشعال النار وركوب قوارب الكاياك والتنزه. بدلاً من ذلك كانتا تذهبان إلى رحلة ميدانية لزيارة مصانع تيسلا موتورز ومكاتب “جوجل”. وبعد أن عادتا إلى قاعدتهما، قامتا بصنع لوحات توضيح واستنبطتا خططاً للأعمال. وبذلك لم يكن هذا معسكراً صيفياً من النوع العادي، لكنه كان معسكراً لبدء شركات ناشئة في وادي السليكون، وظيفته هي رعاية المراهقين الذين يشكلون نواة أصحاب المشاريع.

وقد تمتعت الفتاتان بوقتهما في معسكر الشركات الناشئة لدرجة دفعتهما في هذه السنة أن تقررا أن تصبحا مستشارتين في المعسكر الذي عقد هذا الصيف في جامعة أكسفورد.

تقول ميجان: “إن تعلم الأعمال على يد من كانوا يكسبون بالفعل عيشهم باستخدام المعلومات التي علموك إياها يضع كل شيء في منظور أكثر واقعية. لم تعد الأعمال تبدو بعيدة عن الحياة الحقيقية كما كانت من قبل”.

ويعتبر معسكر الشركات الناشئة هذا واحداً من الأماكن التي تقدم مساقات تعطي المراهقين – وفي بعض الحالات من هم أصغر سناً – الفرصة لتعلم أشياء مثل الربح والخسارة والمسؤولية الاجتماعية للشركات والزعامة.

لم يكن يبدو على أي من هاتين الفتاتين في السابق أية علامات على اهتمامهما بالأعمال قبل اكتسابهما خبرة في هذا المعسكر. وهما تعرفان أن وضع هذه الخبرة على سيرتيهما الذاتيتين يساعدهما على التميز عن النظراء عند التقدم للجامعة. كما أن والديهما مقتنعان بأن التوأم يجب أن يواجه خبرة وضع خطط الأعمال ومؤسسيها. وإن لم يكن الهدف من ذلك هو إغرائهما بالدخول إلى عالم الشركات الناشئة، فعلى الأقل من أجل أن تتخذ الفتاتان قرارات مستنيرة حول حياتهما المهنية. فضلاً عن ذلك كان الوالدان حريصين على إخراج ابنتيهما من دائرتهما المريحة.

جولين غودفري، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة إندبندانت مينز التي توفر التعليم المالي للأطفال والعائلات، وهي أيضا المؤسسة لمعسكر الشركات الناشئة الذي يكلف البالغين من العمر 14 – 18 عاماً مبلغ 2500 جنيه لمقرر تدريبي مع الإقامة لمدة عشرة أيام، تعتقد أن عالم اليوم يحتاج إلى أطفال مثقفين مالياً، ليصبحوا معتمدين على أنفسهم ومؤهلين ليكونوا أصحاب أعمال.

وتقول: “أنا أشعر بأن الدفاع عن النفس من الناحية المالية هو ما يحتاج إليه هؤلاء الأطفال. نحن نسلحهم ونبقيهم سالمين في عالم تجاري. على كل إنسان أن يكون فاهماً لعالم الأعمال. ليس هذا ضرورياً فقط للخبير في المال، لكنه ضروري أيضاً لكل إنسان يريد أن يكون قادراً على إعالة نفسه. إن ذلك جيد حتى للأطفال الذين يرغبون في أن يصبحوا شعراء”.

هذه نظرة يشارك فيها أيضاً كل من ميشيل وبيجي جيبس، اللذين يقع معسكر مساقاتهما، كامب بيز سمارت، في وادي السليكون، وهما يقدمان الخدمة لأطفال تراوح أعمارهم بين 11 و 15 عاماً. وتقول جيبس، وهي مسؤولة تنفيذية سابقة في مؤسسة غير ربحية، إن الهدف ليس بالضرورة تحويل الأطفال إلى أصحاب مشاريع، ولكن إعطاؤهم مجموعة مهارات تمكنهم من التعامل مع جوانب اللبس. كل واحد يحتاج إلى مثل هذه المهارات لدعم نفسه. وهي تشير إلى زوج ابنتها كمثال على ذلك، فهو موسيقي يعرف أيضاً كيف يبيع. ويعلق زوجها، الدكتور جيبس، وهو اختصاصي في علم النفس الصناعي، على ذلك بقوله: “أن تكون موسيقياً جيداً هو فقط الثمن الذي تدفعه للدخول للحياة في هذه الأيام”.

ولا يختلف التدريب الذي يتلقاه الأطفال في معسكرات بيزسمارت عن المساقات الإدارية التنفيذية التي يلقيها الدكتور جيبس في شركة جنرال إلكتريك. فكلاهما يستخدم طريقة تعتمد حل المشكلات يطلقان عليها (تعلم، اعمل، دقق، نفذ) وهي ترتكز على النصيحة التي يقدمها الخبير في الشؤون الإدارية، دبليو إدواردز دومينج. والأطفال هنا يحاولون أن يفهموا مشاكل الشركات الحقيقية، مثل كيفية توسيع إنتاج مُنتج معين، أو بناء أنموذج أولي أو مخطط أنموذج تمويل. والطلاب يعملون على شكل فرق وتُحدد لهم مراكز مثل أن يكون الواحد منهم مسؤولاً مالياً، أو مديراً لمشروع، لفهم الأدوار والمهارات المختلفة. ويقول الدكتور جيبس: “الأطفال بحاجة لعالم مهارات حقيقي”، معتبرا أن الأمر يشبه تشغيل مفاتيح إضاءة في رؤوسهم عندما يفهمون حقيقة الهندسة والتفاضل والتكامل.

وعلى الرغم من أن نحو 40 في المائة من المتقدمين بطلبات الانضمام هم من الإناث، إلا أنهن يشكلن 60 في المائة من أدوار “الرؤساء التنفيذيين” التي يحددها لهم نظراؤهم. ويلاحظ الدكتور جيبس أن “الفتيات في هذا العمر، يكن أكثر نضجاً وهن يؤدين هذه الأدوار”.

وعند السؤال عما إذا كانوا يضعون الكثير من الضغط على المراهقين، يعترف الدكتور جيبس بأنه قلق بالفعل من ذلك ويقول: “حياتهن مليئة بدروس الرقص والموسيقى”. وهو قلق أيضا من تطلعات الأبوين الذين يحملان أولادهم عبء التدرب على أعمال المشاريع. لذلك هم يحاولون فصل أولئك الذين يواجهون ضغوطاً من والديهم الذين يجبرونهم على حضور المعسكر الصيفي عن أولئك الذين تتحرك بداخلهم شعلة الحماس من شيء يرمز له بعامل (زي أو جي)، الحروف التي تمثل كلمات “الحماسة والتفاؤل والتصميم”.

ويقول الزوجان إن هناك مشكلة في نظام التعليم الذي يمكن أن يصبح غامضاً وأكاديمياً بالنسبة للأطفال. وحكومة المملكة المتحدة – الحريصة على التركيز على مهارات الحياة الحقيقية – بدأت بتقديم التعليم المالي للأشخاص باعتباره جزءاً أساسياً من المنهاج المدرسي. ويخطط الزوجان جيبس للتقدم خطوة أخرى في هذا المجال – فهما يأملان البدء بمدرسة ثانوية خاصة بتعلم مهارات إدارة الشركات الناشئة. ويقول الدكتور جيبس: “نحن نرى الكثير من الأولاد الذين يجب ألا يذهبوا إلى الكلية أو الجامعة. الجامعة ليست لكل إنسان. نحن نرتكب خطئاً كبيراً إذا دفعناهم للالتحاق بالجامعة”.

أليس من المؤكد أن الجامعة هي فرصة للشباب الصغار للتعلم والحصول على خبرات قبل أن يطرقوا سوق العمل؟

يقول الدكتور جيبس وهو يحاول الإجابة عن هذا السؤال: “إذا كان ذلك الشيء لا يوجد قيمة، فيمكن أن تكون الشهادة طريقة مكلفة جداً لتحصل على المتعة”.

يشاركه في هذه الرؤية ديفيد فاجان، مالك شركة التسويق المسماة أيكون بيلدر ميديا، الموجودة في بيفرلي هيلز، وهو نفسه أدار هذا الصيف معسكراً لتعلم الشركات الناشئة يكلف ثلاثة آلاف دولار للمراهق الواحد. ويقول فاجان الذي لم يسبق له أن تخرج من مدرسة ثانوية، ولديه ثمانية أطفال، ويعتقد أن الكثير من الآباء بحاجة إلى النصيحة للاستثمار في فكرة أعمال أطفالهم أكثر من الاستثمار في تعليمهم: “المدرسة هدر كبير للوقت بالنسبة لكثير من الأطفال الذين هم بحاجة إلى تعلم ما هم جيدون فيه وتعلُّم الأشياء التي يرغب الناس في دفع المال مقابلها”. ويضيف: “الآباء ينفقون100 ألف دولار على الكلية وأولادهم لا يريدون الذهاب إليها. وهم يذهبون فقط للتمتع بأوقاتهم ويضيعون الوقت”.

وتقول جيبس إن ما يستفيده المراهقون من تعليم الأعمال هو الابتكار والانفتاح على الأفكار الجديدة. وهم يملكون أفكاراً تخرج من أدمغتهم، ولا يتمتعون بالانضباط الذاتي. “هذا شيء حسن، إنهم يكتشفون أشياء جديدة”.

ويشير فاجان إلى فكرة أعمال كان يحلم بها أحد المراهقين الذين كانوا يحضرون معسكره، فقد كان هذا الطالب يعمل عاملاً لصف السيارات في موقف خاص، لصاحب عمله بدوام جزئي. ورأى هذا المراهق أن ميدان العمل كان يسيطر عليه الرجال، ولذلك أنشأ شركة خدمات (مواقف سيارات) جميع موظفيها من النساء الجميلات. قال فاجان معلقاً على ذلك: “أنا أعتقد أنها فكرة رائعة”.

وأثناء ذلك، انتشرت أفكار معسكر الشركات الناشئة من تطبيقات الاقتصاد الإلكتروني إلى المزارعين الكنديين الذي يملكون ويستخدمون منتجات وخدمات شركاتهم.

ويلاحظ الدكتور جيبس، أن المساقات يمكن أن توفر، على الأقل، للأطفال نظرة ثاقبة جيدة على حياة والديهم المهنية “عندما يتعلم الطلاب معنى CFO (كبير الإداريين الماليين) المالي) أو CEO (الرئيس التنفيذي) فربما يقولون: أوه، هذا ما تفعله أمي أو أبي. وهذا يشكل بداية حوار. ثم يستطيعون التحدث حول معنى أن يكون لديك فرق متعددة أو كيف تتعاون مع الآخرين”. ويضيف أن هذا يمكن أحياناً أن يستثير صدامات. ويقول: “بعض الآباء يشتكون من أنه لدينا الآن اثنان من الرؤساء التنفيذيين في البيت”.