IMLebanon

رفض اقتصادي لما تضمّنته السلسلة من إجراءات…واحتمال فقدان الليرة 30% من قيمتها

Nahar
موريس متى

رُحلت سلسلة الرتب والرواتب مجددا الى اللجان النيابية المشتركة، بعدما بلغ حجمها حوالى 1940 مليار ليرة بحسب الارقام التي قدمت الى مجلس النواب، وسبق ان رفضها العديد من الاوساط الاقتصادية والنقابية وعلى رأسها الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام لما تضمنته من اجراءات ضريبية ورسوم قد تضر بالاقتصاد الوطني وبالمواطن في آن واحد. أما نقابة المعلمين في القطاع الخاص فقد رفضت هذه السلسلة لكونها لم تساو المعلمين بالقطاع العام وحرمتهم من الدرجات الست التي يعتبرونها حقوق مكتسبة بعد سنوات من العمل. بدوره السلك العسكري، وتحديدا قيادة الجيش، السلسلة التي وصفتها بالمجحفة في حق عناصر الجيش الذين يجب أن يكونوا في طليعة المستفيدين من السلسلة خلال المرحلة الراهنة لما يبذلونه من جهود للحفاظ على أمن الوطن والأخطار التي يتعرضون لها كل يوم.

ولكن الابرز اليوم ان هذه السلسلة قد تكون رَحَلت أو رُحّلت الى أجل غير مسمى لحين ايجاد مخارج جديدة لعدد من البنود والاجراءات التي لحظتها.
ولكن في القراءة الاقتصادية لهذه السلسلة برزت في الفترة الماضية آراء عدة لخبراء من المجالين المالي والاقتصادي، منها المؤكدة أن لا تداعيات اقتصادية خطيرة لهذا المشروع على الاقتصاد الوطني ومنها الجازمة بأن من سيحمله تطبيق الاجراءات التي لحظتها السلسلة على القطاعات الاقتصادية لا يحمد عقباه. وهذا الرأي أكده لـ”النهار” الخبير في الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية البروفيسور جاسم عجاقة. فبحسب عجاقة مما لا شك فيه أن اقرار السلسلة كما هو مُقترح في مشروع النائب جورج عدوان سيؤدي الى أضرار اقتصادية جمّة على أكثر من صعيد وعلى رأسها زيادة العجز العام، زيادة الدين العام، زيادة التضخم، زيادة البطالة، خفض الاستثمارات، ضرب الثبات النقدي بالاضافة الى تراجع التصنيف الائتماني للبلاد. فالموارد المطروحة ضمن السلسلة لن تُغطي كلفتها وخصوصاً الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة التي لن تدرّ أكثر من 330 مليار ليرة حدا أقصى، وهذا الاجراء سيؤدي حكماً الى اضعاف النشاط الاقتصادي.
أضاف: “كلفة السلسلة هي نحو 2000 مليار ليرة سنوياً من ضمنها غلاء المعيشة التي يتم دفعها منذ منتصف العام الماضي، واذا ما أخذنا في الاعتبار التصريحات عن وجود التوازن بين الايرادات والنفقات في السلسلة، فان مجمل الايرادات يبلغ حدود الـ 1800 مليار ليرة سنوياً والتي تُضاف الى مداخيل الموازنة التي بلغت 13385 مليارا في 2013، ما يعطي مجموعاً اجمالياً عند 15185 مليارا. في المقابل، بلغت النفقات حوالى 16000 مليار دولار اضافة الى كلفة السلسلة أي 2000 مليار ليرة، ما يعني أن العجز في الموازنة السنوية سيبلغ 2800 مليار دولار اضافة الى الـ 7900 مليار دولار عجز في موازنة 2014 و2500 مليار دولار (مفعول السلسلة الرجعي – غلاء المعيشة الذي يتم دفعه منذ أواسط العام 2013). ولكن اعتبار وجود توازن بين الايرادات والنفقات في السلسلة هو اعتبار حسابي ولا يمتّ الى الحقيقة بصلة من ناحية أن العجز الحقيقي في التمويل هو 400 مليار ليرة وأن زيادة الضريبة على القيمة المُضافة ستزيد الأسعار وسيقل تاليا الطلب عملاً بمبدأ العرض والطلب. وهنا المفارقة، اذاً، على رغم أن هذه الزيادة لا تطاول كل البضائع والخدمات، الا أن العديد من السلع والبضائع ستزيد بشكل غير مباشر عبر زيادة أسعار السلع التي تدخل في صناعتها”. واشار عجاقة الى ان “تمويل العجز سيتم عبر قناتين: الاستيدان و/أو طبع العملة وهذا يعني أن الضغط على احتياط مصرف لبنان سيزيد حكماً من ناحية أن السلسلة ستُدفع عبر زيادة الكتلة النقدية،
M1 – M2 ما يؤدي الى تضخم بحسب النظرية النقدية والسبب يعود الى أن سرعة نمو الطلب أعلى بكثير من قدرة الاقتصاد على تلبية هذا الطلب وأسهم تاليا التضخم سترتفع، وبدوره سيؤثر على الثبات النقدي اذ أن ضخَ ما يوازي الـ 20% من الموازنة كنقد في الأسواق له تداعيات خطيرة على سعر صرف الليرة التي قد تتعرض لسيناريو فقدان 30% من قيمتها أو انخفاض احتياط مصرف لبنان من العملات الأجنبية بالقيمة نفسها”.
ولكن المهم حاليا انه قد أجّلّ بت السلسلة الى أجل غير قريب بحسب المعنيين بهذا الملف والذين تؤكد أوساطهم لـ”النهار” أن اعادتها الى اللجان النيابية لن يؤدي الى اعادة النظر ببنودها، جازمة عدم ادخال أي تعديل عليها وما قد أنجز هو الحد الاقصى الممكن اعطاؤه من دون وقوع تداعيات خطيرة على الاقتصاد. وأمام هذا الواقع يمكن الجزم بأن مباراة شد “حبال السلسلة” قد استؤنفت من دون تحديد موعد لصافرة الحكم النهائية واعلان الفائز.