IMLebanon

احتجاجات أوروبية ضد اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا

خالد شمت
شارك آلاف الألمان في مظاهرات جرت بعد ظهر السبت في فرانكفورت والعاصمة الألمانية برلين وعدد كبير من المدن الألمانية الأخرى، للمطالبة بوقف المفاوضات الجارية لاتفاقية التجارة الحرة المزمع إقرارها بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
وجاءت المظاهرات ضمن فعاليات احتجاجية مماثلة دعت إليها 250 منظمة وحزبا سياسيا، وجرت خلال اليوم نفسه في ألف مدينة في 23 دولة أوروبية، للاحتجاج على اتفاقية التجارة الحرة والاستثمار التي بدأت جولتها السابعة بين الأميركيين والأوروبيين بواشنطن نهاية سبتمبر/أيلول الماضي.
وجاب آلاف المواطنين المعارضين للاتفاقية وممثلين لأحزاب اليسار والقراصنة والخضر ومنظمتي السلام الأخضر وأتاك لمناهضة العولمة ونقابتي عمال الخدمات والصلب الألمانيتين واتحادات زراعية؛ شوارع وسط مدينة فرانكفورت التي تعد المركز المالي والاقتصادي للاتحاد الأوروبي.

فرصة وتهديد
وجرت المظاهرة في فرانكفورت بعنوان “اتفاقية التجارة الحرة تأتي والديمقراطية ترحل”، ودعا المشاركون فيها إلى الكشف عن كل ما تم الاتفاق عليه في مفاوضات التجارة الحرة وأسماء المشاركين في هذه المفاوضات.
واعتبر المتحدثون أمام هذه المظاهرة أن التجارة الحرة تمثل فرصة جيدة لتحفيز النمو الاقتصادي بين الدول، وأشاروا إلى أن اتفاقية التجارة الحرة والاستثمار المزمع توقيعها مع واشنطن ستهدد -عند تطبيقها- حقوق العمال الأوروبيين ومعايير حمايتهم من الفصل، والقواعد الصحية والبيئية المعمول بها في الاتحاد الأوروبي، واستقلال القضاء في الدول الأوروبية لفائدة المصارف والمجموعات التجارية والصناعية الأميركية العملاقة.
وانتقدت روزي هاوس مديرة نقابة عمال الخدمات (فيردي) بولاية هيسن الألمانية إجراء المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة والاستثمار خلف أبواب موصدة.
وقالت للجزيرة نت إن تأثير المفوضية والاتحاد الأوروبي في مفاوضات الاتفاقية يبدو ضئيلا مقابل تأثير المصارف والشركات والمجموعات التجارية والصناعية الأميركية الكبرى، التي سيكون من حقها الاعتراض على أي قرار لا يعجبها للبرلمانات الأوروبية، والمطالبة بتعويضات من خلال تحكيم تابع لها بعيد عن مؤسسات القضاء الأوروبي الطبيعية.
وأشارت هاوس إلى أن إقرار اتفاقية التجارة الحرة الأميركية الأوروبية سيؤدي لتسهيل بيع وخصخصة مرافق عامة أوروبية بشكل نهائي، خاصة مرافق المياه والقطاع الصحي.

ترويج ومخاوف
ويجري التفاوض منذ يوليو/تموز الماضي بين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما والاتحاد الأوروبي حول اتفاقية التجارة الحرة التي بدأ التفاوض بشأنها في يوليو/تموز 2013، والمتوقع أن تؤسس لتشكيل أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم تهدف لتحفيز النمو وفرص العمل.
ويروّج الأوروبيون والأميركيون للاتفاقية بأنها ستنشئ أكبر سوق للتجارة الحرة في العالم، وستخدم ثمانمائة مليون مستهلك، وتسهم في إلغاء الجمارك والعوائق التجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا، وإحداث طفرة نمو وزيادة الوظائف لدى الجانبين اللذين تشكل العلاقات الاقتصادية بينهما نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
في المقابل، تتخوف شرائح واسعة من الألمان والأوروبيين من تسبب اتفاقية “الشراكة التجارية والاستثمارية عبر الأطلسي” في توحيد معايير إنتاج السلع والخدمات وفقا للأنماط الأميركية، وإغراق الأسواق الأوروبية بمنتجات زراعية وغذائية أميركية مخالفة للمعايير الصحية والبيئية المعتمدة، وتسهيل خصخصة الخدمات العامة في أوروبا.
وتوقعت منظمات أوروبية لحماية المستهلك والبيئة أن يؤدي تطبيق الاتفاقية إلى إغراق الأسواق الأوروبية بمنتجات أميركية بمواصفات ضارة، كالدجاج المنتج بالاستنساخ واللحوم المعالجة بالهرمونات والمواد الزراعية والغذائية المنتجة بواسطة الجينات الوراثية.