IMLebanon

السباق بين الانفجار وحماية الاستقرار (بقلم رولا حداد)

lebanese-army-2

 كتبت رولا حداد

لم يعد خافياً على أحد أن لبنان يعيش في هذه المرحلة سباقاً محموماً بين الساعين الى الحفاظ على الاستقرار، ولو بحدّه الدنى، وبين العابثين بكل الطرق من أجل جرّ البلد الى انفجار واسع في محاولة لتأمين بعض الأوراق في أي مفاوضات جانبية محتملة.

ففي ظل الإصرار الغربي والدولي بشكل عام على حماية الاستقرار اللبناني في ظل ما تشهده المنطقة من حروب مجنونة، يبدو وكأن ثمة من بات يعتبر أن ضرب الاستقرار في لبنان وفق القاعدة القديمة والبالية قد يدفع بالغرب الى إجراء اتصالات وفتح قنوات مع نظام بشار الأسد المنهار على أساس أنه لا يزال يملك بعض الأوراق في الداخل اللبناني، في محاولة لتعويم صورته.

هكذا تبدو الصورة واضحة بين الأطراف القادرة على خربطة الوضع اللبناني الداخلي امنياً:

ـ لا مصلحة لـ”جبهة النصرة” ولا حتى لـ”داعش” في جرّ لبنان الى فوضى أمنية على اعتبار أنهم يحسبون حساباً لوجود مليون ونصف المليون لاجئ سوري فيه، ما قد يعرّضهم لأخطار جمة في حال انفلات الوضع الأمني. لا بل إن كل لوائح المطالب التي أرسلت عبر الوسطاء في قضية الجنود المخطوفين كانت تتضمن بند الحفاظ على أمن اللاجئين وعدم المس بهم.

ـ “حزب الله” يعاني من المشاكل ما يكفيه ولديه من الجبهات سواء في الداخل السوري أو على الحدود الشرقية، أو حتى الجنوبية، ما يغنيه عن فتح أي جبهة داخلية جديدة. وبالتالي لا مصلحة للحزب في إشعال الوضع الداخلي.

ـ وحده نظام بشار الأسد له مصلحة مباشرة في تفجير الوضع اللبناني في محاولة لجرّ المنطقة بكاملها الى الفوضى ما قد يخفف الضغط عنه، إضافة الى أنه لا يزال يملك بعض الأوراق والأدوات في الداخل اللبناني القادرة على العبث بالأمن.

وبالتالي فإن الأيام المقبلة قد تشهد مراحل متقدمة من هذا السباق في ظل التطورات المتسابقة. والميدان الأبرز لهذا السباق قد يتجلى بصورة واضحة في طرابلس حيث السباق على أشدّه بين فاعليات المدينة ومسؤوليها الذين يسعون بكل جهدهم الى تفويت الفرصة على المصطادين بالماء العكر، وبين الساعين الى فرض معركة دموية في عاصمة الشمال لتعميم منطق الفوضى.

في هذا الوقت تبدو الحكومة عالقة بين واقعين: رغبة رئيسها وغالبية وزرائها بتجنيب لبنان أي انزلاقات خطرة وفي الوقت نفسه عدم قدرتها على اتخاذ قرارات حاسمة في كل المواضيع الساخنة.

وحده الجيش اللبناني يبقى المؤسسة الضامنة لحماية لبنان، ولهذا السبب تتسابق الدول الإقليمية والغربية لدعمه، من المملكة العربية السعودية التي تبرّعت بـ4 مليارات دولار مرورا بفرنسا التي عمدت الى تسريع تنفيذ الهبة السعودية، وصولا الى الولايات المتحدة التي كثّفت هباتها العسكرية الى الجيش.

حتى في موضوع الجيش ثمة من يحاول ضربه من خلال تسريع بعض الحالات الشاذة والمحدودة تحت عنوان “انشقاقات”، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل لا بل أدّت الى ردّ فعل عكسي تمثل في مزيد من الالتفاف الشعبي حول المؤسسة العسكرية.

الخوف، كل الخوف، في أن يصرّ البعض على إبقاء مركز رئاسة الجمهورية شاغراً للمراهنة على عامل الوقت لإضعاف كل المؤسسات الدستورية وضربها. لذلك فإن لا حلّ لمواجهة الساعين الى محاولة تفجير الأوضاع غير الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية لإطلاق دينامية داخلية جديدة والنهوض بالبلد من جديد عوض تركه يكمل مسيرة الانهيار.