IMLebanon

العلامات التجارية الفاخرة تكافح للبقاء في الاتجاه الصحيح

FinancialTimes
إليزابيث باتون من نيويورك وراشيل ساندرسون
يبدو أن النمو النجمي السريع لم يعد موضة رائجة في صناعة السلع الفاخرة. بعد عدة سنوات من ارتفاع الإيرادات والأرباح، تسبب تباطؤ المبيعات في أعقاب تراجع حماس المستهلك الآسيوي وأسعار الصرف المتقلبة وعدم الاستقرار الجيوسياسي، في معاناة لقطاع لم يكن من الممكن وقفه فيما مضى.

الاحتجاجات الطلابية في هونج كونج ليست سوى أحدث الأنباء السيئة لضرب مروجي حقائب اليد التي تباع مقابل ألفي يورو للواحدة والأحذية التي تبلغ قيمتها ألف يورو. ففي مكان ما في هذه المدينة تتم صناعة ما بين 10 في المائة و20 في المائة من جميع السلع الفاخرة العالمية، وقد أدت مظاهرات ومواجهات لاحقة مع الشرطة إلى تغذية هبوط حاد في الإنفاق.

وتعاني الصناعة بالفعل بسبب عقوبات مفروضة ضد الروس الأثرياء ــ المجموعة الاستهلاكية الأخرى للسلع الفاخرة ــ وبسبب انخفاض الإنفاق العالي للصينيين الذين انسحبوا بعد حملة لمكافحة الفساد وانخفاض أسعار العقارات. الآن يقول تنفيذيو الصناعة ومحللوها إن الاضطرابات في هونج كونج تهدد بأن تكون نقطة تحول لسوق المنتجات الفاخرة العالمية، التي بلغت قيمتها نحو 217 مليار يورو في عام 2013، حسبما أفادت شركة باين وشركاه.

وكما يقول مسؤول تنفيذي في واحدة من كبريات مجموعات السلع الفاخرة في أوروبا: “إنها مثل زوبعة أو إعصار ــ يجب عليك فقط التعامل معها”. وخارج آسيا، يخشى كثيرون من أن تؤثر الصراعات في العراق وسورية، في عادات التسوق بمبالغ كبيرة التي يمارسها مستهلكو الشرق الأوسط. ويقوض تجدد الكآبة الاقتصادية في أوروبا المبيعات إلى المتسوقين في أوروبا، ويزيد أيضا الحذر بين المنفقين الكبار في الولايات المتحدة، أكبر سوق للصناعات الفاخرة. وأثار انتشار فيروس إيبولا المخاوف من القيود المفروضة على السفر، ما أدى إلى ضرب أسهم شركات السفر وأضاف إلى المخاوف من انخفاض الإنفاق من قبل السياح.

ويقول لوكا سولكا، المحلل في “إكزين بي إن بي باريبا”: “يبدو أن هناك عاصفة تضيق الخناق على قطاع السلع الفاخرة”.

وانخفضت الأسهم في مجموعات السلع الفاخرة بشكل حاد هذا العام، مع انخفاض كثير من مجموعات الأزياء التي تم إدراجها في السنوات الثلاث الماضية على خلفية الطلب الصيني المزدهر بصورة خاصة.

وفقدت الأسهم في “برادا” و”مونكلر” و”سلفاتوري فيراجامو” و”برونلو كيوسينيلي”، وكلها مدرجة بعد منتصف عام 2011، نحو ثلث قيمتها منذ بداية العام حتى الآن. وحققت الشركات الرائدة، مثل كيرنج، أفضل أداء بما يتماشى مع مؤشر MSCI العالمي. لكن الشركات الأسوأ أداء، بما في ذلك مجموعة الإكسسوارات الأمريكية، كوتش، متخلفة عن المؤشر بنحو 40 في المائة.

في “برادا”، حيث تراجعت الأرباح 20 في المائة في النصف الأول من هذا العام، حذر الرئيس التنفيذي المشارك، باتريسيو بيرتيللي، الشهر الماضي من أن “السيناريو الحالي لا يظهر أية علامات على التحسن، وأن الظروف الاقتصادية والجيوسياسية الصعبة تؤثر سلبا في موقف المستهلكين”.

وفي الشهر الماضي أعلنت شركة ريتشمونت، المالكة لعلامات تجارية من بينها كارتييه ومون بلان، التي يوجد مقرها في سويسرا، عن نمو عضوي نسبته 4 المائة خلال الأشهر الخمسة المنتهية في 30 آب (أغسطس) ــ باستثناء تحولات العملة ــ مشيرة إلى أنه دون توقعات المحللين. ومع أن بعض الأسواق الناشئة مستمرة في توليد نمو من خانتين، إلا أن زيادة الإنفاق من قبل الشرائح ذات الدخل المرتفع في بلدان جنوب شرقي آسيا الصغيرة والبلدان الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، ليس كافياً ليحل محل دينامية الصين السابقة. ووفقا لشركة باين، انخفض نمو الإنفاق على الصناعات الفاخرة في الصين إلى 2 في المائة في عام 2014، مقارنة بـ 30 في المائة عام 2011.

ومع ذلك، يخشى تنفيذيو ومحللو الأزياء من أن العلامات التجارية تواجه أيضاً أعمق وأطول تهديد ــ جنباً إلى جنب مع توترات اقتصادية وجيوسياسية ــ يتمثل في تحول في طبيعة الإنفاق على السلع الراقية الذي يضع نماذج الأعمال للمجموعات الكبيرة المنتجة للسلع الفاخرة تحت الضغط.

وتسبب التصادم بين وسائل الإعلام الرقمية والتطور المتزايد والتنوع في أذواق المستهلكين في انقسام حركة الطلب. وتسببت مواكبة التحولات السريعة في أنماط الإنفاق العالمي في الضغط على النفقات الرأسمالية لمجموعات السلع الفاخرة الكبيرة وشكلت تحديا لقدرات فرق الإدارة الموجودة منذ فترة طويلة، في التعامل معها.

ويتوقع بعض المشاركين في الصناعة هزة يمكن أن تنطوي على تغييرات في إدارة أكبر الشركات.

وتقول ميما فجليزيو، وهي مستشارة إبداع مستقلة ورئيسة سابقة للاتصالات العالمية في مجموعة جوتشي: “أنا مقتنعة بأن هناك تغييراً كبيراً يحدث. الصناعة لا تتكيف مع ذلك بسرعة كافية”.

وتشير فجليزيو إلى وجود تلاق بين الرقمية، والقوة الصاعدة لأزياء الشارع، وتغيير مواقف المستهلكين، ولا سيما بين المتسوقين من شباب “الألفية”، يعمل على تغيير جذري في هذه الصناعة.

أبيجيل براون (33 عاما) وهي مصممة ورسامة يظهر أسلوبها الشخصي في مجلات الموضة، بما فيها مجلة “إيلي جيرل جابان”، تعد مثالا على ذلك. فهي تعيش في شرق لندن، المنطقة التي أصبحت بوتقة لاتجاهات الموضة العالمية. وكما تقول: “لا يروق لي أن ألبس كما تمليه علي العلامات التجارية”.

هذا التحول الذي يقوده المستهلكون بعيداً عن العلامات التجارية الضخمة السائدة، التي يتم التباهي بها، نحو أصالة أقل، أثار ارتفاعاً في شعبية بعض العلامات التجارية الجديدة وذات المكانة المتميزة.

ويقول بام دانزيجر، من يونيتي ماركتينج، وهي شركة استشارية مقرها الولايات المتحدة ركزت على اتجاهات المستهلكين الأثرياء: “الصناعات الفاخرة غير محددة ثقافياً. ما يعد صناعة فاخرة في لندن وباريس وطوكيو أو هونج كونج لا يعد بالضرورة صناعة فاخرة في الولايات المتحدة”.

الأبحاث الصادرة عن “يورومونيتور” هذا الأسبوع تشير إلى أن الولايات المتحدة بشكل عام لا تزال أكبر سوق للسلع الفاخرة في العالم، بقيمة تقدر بـ 78 مليار دولار في عام 2014، مع إنفاق على السلع الفاخرة يبلغ أكثر من ضعف ما تنفقه اليابان، التي تأتي في المركز الثاني.

لكن وفقاً لشركة باين، يعد المستهلكون في أمريكا الشمالية أيضاً أقل إنفاقاً، حيث تبلغ قيمة ما ينفقونه نحو 400 يورو للفرد في السنة، مقارنة بـ 1400 يورو لمتسوقي الشرق الأوسط و1250 يورو للمتسوقين الصينيين. أوروبا الغربية تنفق نحو 450 يورو للفرد الواحد. وتؤكد البيانات ارتفاعاً في أهمية المجموعات الأمريكية “ذات الصناعات الفاخرة بأسعار معقولة” مثل مايكل كورز وتوري بورتش، التي يدعمها النمو القوي في سوقها المحلية وفي أوروبا.

لكن بالنسبة لبعض المتسوقين من أصحاب النمط الواعي، مثل السيدة براون في لندن، فإن مجموعات الصناعة الفاخرة الكبيرة ببساطة لم تعد توفر الصورة أو نمط الحياة الذي يرغبون في شرائه.

وتقول: “أنا لا أرى الجاذبية [هناك] باعتبارها إعلاناً صارخا لشركة صناعات فاخرة، وعموماً الصورة التي قامت تلك الشركات باستحداثها ليست ما أريد تصوره للعالم كي تظهر شخصيتي على منواله أو ما كنت أطمح أن أكونه. لا أعتقد أنك ستبدو في شخصيتك الفردية وأنت ترتدي أو تحمل هذه الأشياء. إنها لا تبدو مثيرة للإلهام”.